تونس ( وات) سهرة راقية تلك التي حضرها جمهور مهرجان قرطاج الدولي مساء الاربعاء بالمسرح الاثري بقرطاج حيث قدم باليه اوبرا روما نماذج من أروع رقصات الباليه المستمدة من أعمال أوبرالية بعضها يعود الى القرن التاسع عشر والبعض الاخر يوصف بكونه معاصرا . كانت سهرة رائعة الى حد ان الجمهور لم ير الزمن يمر فطالب بالمزيد باعتبار أن ساعة واحدة من الاستعراض الاوبرالي والرقص الكوريغرافي لا تشفي الغليل ..ولكن مثل هذه الاعمال الابداعية ذات الحرفية العالية لا تحتمل الارتجال واضطر الجميع الى الاذعان لمشيئة التوقيت..لا زيادة ولا نقصان .. وتلك ضريبة الاتقان. من شمال مسينا/ ايطاليا/ جاوءوا ليمدوا جسور التواصل مع قرطاج ..تلك المدينة التي دوخت الرومان في العصور القديمة..التواصل هذه المرة لم يحصل عبر قرقعة السلاح وجحافل الغزو والغزو المضاد .. بل حصل عبر حركة الجسد ومدى الصوت الصادح وكونية الموسيقى في تعامل مخصوص مع الفضاء والاضاءة ..هذه روما تعتذر عن ذنبها.. تعود الى قرطاج ليس بغرض التدمير/ دلندا كرتاغو ايست/ وانما بحثا عن التعمير.. الباليه يجمع بين الاوبرا والمسرح في البحث عن شعرية تجمع بين عذوبة الصوت وانسيابية الجسد وعراقة الموسيقى فضلا عن القدرة على تطويع الفضاء والاضواء لصياغة نص ابداعي قادر على تخطي حواجز اللغة لانه يتكلم لغة يشترك فيها كل البشر هي لغة الجسد والموسيقى . فلا عجب اذن ان تفاعل الجمهور ،الذي تحول الى المسرح الاثري باعداد محترمة، مع هذا العرض الجميل والراقي. وربما سطعت في الاذهان تلك المقولة الشهيرة " كل الطرق توءدي الى روما" .. هنيئا لباليه روما الذي اثبت أن الفن الكلاسيكي مازال قادرا على تحريك السواكن وامتاع الناس في مغارب الارض ومشارقها. تحية النشيد الوطني التونسي في ختام العرض كان بمثابة وردة مهداة من روما الى قرطاج .