تونس ("وات"/ تحرير حسنى الغربى)- تتزامن دورة الألعاب الاولمبية التي تستضيفها لندن من 27 جويلية إلى 12 أوت القادم مع حلول شهر رمضان المعظم. ويطرح اقتران شهر الصيام مع منافسات الدورة الاولمبية تحديات أمام الرياضيين من جهة تأثير الصيام على أدائهم ومدى قدرتهم على الحفاظ على نفس البذل في المنافسات الرسمية والالتزام بنفس نسق التدريبات. وتختلف الآراء حول مدى قدرة الرياضيين على التوفيق بين الصوم ومستوى الأداء خاصة في المستوى العالي وما يتطلبه ذلك من درجة كبيرة من التركيز وحسن الاستعداد الذهني والبدني. وسيكون لأصحاب الاختصاص من أهل الطب والإعداد البسيكولوجي والذهني الذين ستعهد لهم مهمة تأطير الرياضيين التونسيين المشاركين في الاولمبياد دور هام في ضمان التوفيق بين الالتزام بالصوم والمحافظة على حظوظ التألق وذلك فضلا عن مسؤولية المدربين والمديرين الفنيين خاصة من جهة التصرف في برمجة التدريبات. وأكد فؤاد العزوزي المدير العام للمركز الوطني لطب وعلوم الرياضة في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) صعوبة المعادلة بين الصيام وتقديم أداء متميز مشيرا إلى أن "الرياضي الذي اختار الصوم مطالب بأخذ جملة من التدابير والاحتياطات سواء على مستوى التمارين بالمحافظة على ذات النسق الاعتيادي وإيلاء أهمية لجانب للتغذية المتوازنة وذلك بشرب كمية كافية من السوائل وتخصيص حيز هام من الراحة لاسترجاع الأنفاس". ويعتبر العزوزي انه يتعين على الرياضي اخذ نصيب من النوم بقدر مناسب حتى يكون جاهزا يوم المنافسة مع الإقرار بأن التوفيق بين الصوم والمنافسة الرياضية يستوجب تضحية وحسن تنظيم لاسيما وان أوقات المباريات تختلف بل تتواصل كامل اليوم وهو ما يجعل الرياضي معرضا إلى خطر الإصابات الناتج عن نقص الماء في الجسم وصعوبة استرجاع الجاهزية جراء النقص الفادح في الطاقة باعتبار طول ساعات الصوم". وفي سياق متصل تؤكد إكرام بن عياد المختصة في التغذية بالمركز الوطني للطب وعلوم الرياضة في حديثها لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) على أن "الصوم بالنسبة للرياضي الاولمبي يطرح إشكالين رئيسيين وهما قلة الارتواء من جهة والنقص في مخزون الطاقة من جهة ثانية وهما شرطان أساسيان لضمان جاهزية الرياضي حيث أثبتت آخر الدراسات أن نقص السوائل في الجسم بنسبة 2 بالمائة يؤثر ب 20 بالمائة من جاهزية الرياضي لاسيما وان الفرق بين الرياضيين يوم المنافسة يكمن فى مخزون الطاقة لكل رياضي". وتضيف بن عياد " أن هدفنا الأسمى هو أن يدخل الرياضي يوم السباق بأكبر نسبة من الارتواء وبمخزون طاقة جد كافي وهو ما جعلنا نقدم عديد النصائح للرياضيين التونسيين المشاركين في العاب لندن 2012 وهى نصائح توصلنا إليها بعد دراسة معمقة في مجال التغذية بالتعاون مع كلية الطب". كما بينت المختصة في مجال التغذية "لابد من التركيز على وجبة السحور وتأخيرها قدر الإمكان لتعويض فطور الصباح مع إضافة وجبة غذائية خلال السهرة بعد الإفطار حتى نضمن نظام غذائي متوازن نخفف به من وطأة الصوم وتأثيره على عطاء الرياضي". وأكدت أيضا على ضرورة التركيز في النظام الغذائي أيام الاولمبياد على "السكريات بطيئة الامتصاص مثل "البسيسة" في وجبة السحور بالإضافة إلى الزلاليات من حليب ومشتقاته ونشويات وغلال وأملاح كما يتعين على الرياضي خلال الإفطار التركيز على المفتحات "السلاطات" والمعجنات واللحوم خاصة السمك واللحوم البيضاء والحمراء لضمان العناصر الغذائية الضرورية للرياضي". وأفادت أخصائية التغذية انه من المستحسن إجراء التمارين في الليل مشيرة إلى أن المركز الوطني لطب وعلوم الرياضة قام بتحسيس الرياضيين المشاركين في الألعاب الاولمبية بهذا النظام الغذائي عبر لقاءات توعوية إلا أن عدم مرافقة مختصين في التغذية النخبة الرياضية إلى لندن سيجعل تطبيق تلك النصائح على ارض الواقع صعبة. ولا يقل النظام الغذائي للرياضي الاولمبي الصائم أهمية عن التحضيرات النفسية والفنية فقد أوضح سفيان السويسي أخصائي في علم النفس الرياضي في تصريحه لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) أن الصوم هو امتناع عن الملذات مما يخلق ضغطا نفسيا وإذا أضفنا إلى هذا ضغط المنافسات الرياضية يصبح الرياضي الاولمبي مطالبا بمراقبة الأحاسيس السلبية وحسن التصرف في الضغط وهو أمر يؤثر على الجانب السلوكي ". وأضاف السويسي " أن التقليل من الشد العصبي عند الرياضي يمر عبر جملة من النصائح التي يتعين أخذها بعين الاعتبار مثل النوم بقدر مناسب لاسترجاع الأنفاس بدنيا وذهنيا وتفادى عوامل الضغط والترويح عن النفس حيث يمكن للرياضي الذي اختار الصوم التحدث مع الرياضيين الصائمين والابتعاد عن العزلة بالإضافة إلى تطبيق تقنيات الاسترخاء والتنفس للتقليل من شدة التشنج العصبي كما ننصح الرياضيين بتقوية إحساس تحمل إجهاد الصوم وتفادى مصادر الضوء و"المنبهات الضوئية" مثل الإطناب في مشاهدة التلفاز أو أجهزة الكومبيوتر". وتبقى هذه التدابير الطبية والغذائية والبسيكولوجية ضرورية لكنها غير كافية حيث يكون للجانب الفني دوره الحاسم من أجل أعلى جاهزية للرياضي الاولمبي يوم المنافسة فقد أكد مكرم القرامي المدير الفني للجامعة التونسية للملاكمة في تصريح ل"وات" أن اختيار الرياضي الصوم يملي على الإطار الفني جملة من التدابير من ذلك "تقليص نسق التمارين إذ لا ينبغي أن تتجاوز الحصة التدريبية 60 دقيقة مع العمل على إدراج الحصص التمرينية في الليل بعد الإفطار بساعتين وهو ما يحتم تناول وجبة خفيفة في الإفطار". وأضاف مكرم القرامي " يتعين على مدربي النخبة الوطنية في مختلف الاختصاصات التركيز في الاستعدادات الأخيرة في أيام شهر رمضان على النواحي الفنية والتكتيكية لتجنب إرهاق الرياضيين" كما استبعد المدير الفني للجامعة التونسية للملاكمة أن يساهم الصوم في التأثير على أوزان الرياضيين بالنسبة للرياضات المرتبطة بالوزن وذلك شريطة تكييف النظام الغذائي ونسق التمارين مع النظام المعتمد في شهر رمضان حتى يتعود الرياضي الصائم مع ذات النسق الذي سيجده في شهر رمضان". كما أكد القرامي بالتأكيد على أن"الإطار الطبي الذي سيتواجد في لندن أيام الاولمبياد مطالب بالمتابعة الدقيقة لكل الرياضيين لتجنب اي انعكاس سلبي للصوم على صحة رياضيينا".