تونس 23 فيفرى 2010 (وات - تحرير منذر بالضيافي) تتسارع منذ أيام الحركة في مدينة القيروان التي بدأت تتجمل استعدادا لاختتام سنة كاملة من الانشطة الثقافية والفنية والابداعية بمناسبة تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية سنة 2009 والتي التأمت باقتراح من المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو) وبدعم من الرئيس زين العابدين بن علي الذى حرص على جعل هذه التظاهرة مناسبة متميزة للتعريف بما تزخر به هذه المدينة من تراث ثقافي متنوع اضافة الي التأكيد على مساهمتها الثرية في الحضارة العربية الاسلامية وفي الفكر الانساني. فكانت الاحتفائية بتنوع برامجها ونبل مقاصدها بمثابة بعث جديد لاحدى عواصم الاسلام التاريخية وتقديرا لدور تونس عبر التاريخ في نشر قيم الاسلام الوسطية وفي اشاعة ثقافة الحوار والتسامح والتضامن. بحور العشق تختتم فعاليات تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية 2009 الخميس 25فيفرى 2010 في خضم الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف وهي مناسبة عزيزة على سكان المدينة وكذلك زوارها حيث تشهد فيها سنويا تنظيم احتفالية ذات طقوس متميزة تتحول معها ساحات وأسواق القيروان ومعالمها الى مزارات للتونسيين والأجانب . وينتظر أن تكون مظاهر الاحتفال هذه السنة لافتة وفارقة من أبرز فقراتها عرض صوفي يحمل عنوان "بحور العشق". وتجدر الاشارة الى أن برنامج هذه التظاهرة التي تواصلت طيلة سنة2009 قد تضمن العديد من المهرجانات والندوات الدولية والمعارض والمسابقات والعروض المسرحية والسينمائية والافلام الوثائقية فضلا عن أمسيات شعرية ودورات تدريبية في عدد من الفنون لعل من اهمها المؤتمر الدولي حول حوار الحضارات والتنوع الثقافي الذى عقد تحت سامي اشراف الرئيس زين العابدين بن علي خلال الفترة من 2 الى 4 جوان 2009 بمبادرة من المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة والمنظمة الدولية للفرنكفونية. واعتمد المؤتمر في ختام أعماله "إعلان القيروان من أجل تعزيز حوار الحضارات واحترام التنوع الثقافي". ندوات دولية وعروض ثقافية وقد تم تنظيم 20 ندوة دولية شاركت "الايسيسكو" في تنظيم أربعة منها وتناولت مواضيع ومحاور تتصل بتراث القيروان وقضايا فكرية معاصرة ومن ضمن انشطة التظاهرة أقيمت دورات تدريبية برعاية الايسيسكو لترميم المخطوطات وصيانتها وورشة عمل حول توثيق المعروضات المتحفية في دول المغرب العربي باستخدام الانظمة الرقمي. كما شمل البرنامج اقامة منتدى أندية اليونسكو العربية والمتوسطية الى جانب تنظيم ست موائد مستديرة حول موضوعات مرتبطة بتاريخ القيروان واسهامتها العلمية في الحضارة الانساني. ومن الندوات الهامة نذكر ندوة حول/ دورالتربية في تعزيز قيم الحوار في الاسلام/ وملتقى دولي حول / اسهامات علماء القيروان في التراث التربوى الاسلامي/. أما العروض الفنية فقد كانت متنوعة من خلال تنظيم تسعة مهرجانات منها مهرجان الانشاد الصوفي الذي تواصل من 11 الى 14 مارس وتزامن مع ذكرى المولد النبوى الشريف الى جانب مهرجان للازياء والفلكلور الاسلامي ومعارض لترويج التراث المعمارى وفنون الزخرفة الاسلامية. إصدارات متنوعة حول القيروان وعلمائها وفى اطار المساهمة فى البرنامج الاحتفالى لتظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية سنة 2009 أصدر المجمع التونسى للعلوم والاداب والفنون بيت الحكمة 20 كتابا بين مصنفات علمية وأدبية وكتب تاريخية تتناول فى مضامينها المتنوعة الماضى المجيد لمدينة القيروان التى كان لها اسهام ثرى فى تاريخ تونس والمغرب العربى وفى تاريخ الحضارات المتوسطية حيث كانت قاعدة للفتوحات وعاصمة أول دولة اسلامية بافريقية . وقد حرص المجمع من خلال هذه الاصدارات القيمة على ابراز مفردات هذه المدينة وخصوصياتها والقيام بالتحقيق فى بعض المؤلفات القيروانية النادرة على غرار كتب الطبيب والعالم الشهير احمد ابن الجزار التي أصدرها المجمع فى ثوب جديد وهى /زاد المسافر/ و/فنون الطيب والعطر/و/ سياسة الصبيان وتدبيرهم/ و/طب الفقراء والمساكين/ وحول الفقه والقضاء أصدر المجمع كتبا عن فتاوى الشيخ عظوم وتاريخ قضاة القيروان. وفي ما يتعلق بفنون الشعر والادب أصدر المجمع كتبا ودواوين شعرية من ابرزها كتاب ضخم بعنوان /القيروان فى قلوب الشعراء/ و/أنطولوجيا شعراء القيروان/و/القيروان فى عيون الرحالة/ وديوان الشاعر محمد الشاذلى عطاء الله وديوان على الحصرى واخر للشاعر محمد الفائز القيروانى الى جانب ديوان للشاعر محمد بوشربية كما اصدر المجمع فى ذات السياق كتبا ذات مضامين ادبية ودينية وفلسفية كالحياة الادبية بافريقية فى عهد بنى زيرى وكتاب تأملات وكتاب الالاهيات والنبويات وكتاب حول ثقافة القران وكتاب حدث فى القيروان وكتاب فى ماليخوليا اسحاق بن عمران الذى برع بالقيروان فى الطب النفسى واستجلاء عوارضه الظاهرة والخفية سنة 279 للهجرة . ونشرت بيت الحكمة كتابين للاديب والشاعر والناقد ابو على الحسن ابن رشيق القيروانى الذى سطع نجمه فى العهد الصنهاجى بالقيروان وهما كتاب /بسيط العقيق/وكتاب /العمدة فى محاسن الشعر وادابه ونقده/. وصدرت من ناحية اخرى هذه السنة عديد الكتب التى اهتمت بأمجاد القيروان وأعلامها ومدنها وأريافها وبمسيرتها الحافلة والمتوهجة عبر التاريخ ومن ضمن هذه الكتب/ دليل القيروان / لصالح السويسى الذى تولى تقديمه الراحل جعفر ماجد وأعاد اصداره فى طبعة أنيقة وكتب اخرى لاحمد الطويلى /أوراق قيروانية/ و/معالم واعلام/و/الصداق القيروانى/ يضاف الى ذلك الكتاب الذى الفه الباحث أحمد الحمرونى بعنوان/اقليمالقيروان/ والذى قدمه المنجى الكعبى وجاء تتمة لكتابه الاول حول اسلام افريقية واشعاع القيروان وامامها سحنون. منشورات ووثائق رقمية وسمعية بصرية وفى الغرض نفسه أصدرت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث ومدينة العلوم بتونس وولاية القيروان مجموعة من المنشورات والدوريات والمجلات المختلفة عن ماضي القيروان وحاضرها وما تشهده من نقلة نوعية وتنموية شاملة ومتميزة فى عهد التغيير الذى أعاد لها اعتبارها وتالقها. وساهمت مدينة العلوم في اثراء البرنامج العام للتظاهرة من خلال تنظيم سلسلة من المحاضرات حول مواضيع متنوعة على غرار العمران والطب وعلم الفلك اضافة الي اقامة معارض علمية حول تاريخ مدينة القيروان منذ تأسيسها الى مرحلة اشعاعها على بلاد المغرب الاسلامى وانتظمت ببيت الحكمة ندوة دولية حول /اشعاع القيروان عبرالعصور / مثلت مناسبة للتطرق الى التطور العمراني لمدينة القيروان واشعاع المدرسة الفقهية والادبية والفكرية القيروانية على محيطها الاقليمي. كما تم انتاج وثائق رقمية وسمعية بصرية تتضمن شريطا مصورا حول القيروان وقرصا مضغوطا يعنى بالالعاب التربوية الموجهة للاطفال وأشرطة وثائقية ومسلسلا تلفزيونيا حول عاصمة الاغالبة. ولتثمين المخزون التاريخى والثقافي لعاصمة الاغالبة تم بعث مركز التراث القيرواني وجهز بوسائل الاتصال الحديثة من اجل تمكين زوار القيروان من التعرف على كنوز المدينة. مشهدية القيروان الخالدة وكانت تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية سنة 2009 قد انطلقت عشية الاحتفال بالمولد النبوى 12 ربيع الاول 1430 هجرى في موكب رسمي أقيم في صحن الجامع الاعظم وأشرف عليه السيد محمد الغنوشى الوزير الاول بتكليف من الرئيس زين العابدين بن على وبحضور العديد من الشخصيات والضيوف من تونس ومن العالم العربي والاسلامي في حين تم يوم 10 مارس 2009 اقامة عرض فنى ضخم في شكل مشهدية احتفالية في فضاء الساحة الواقعة خلف مئذنة جامع عقبة والمسماة بالمصلي وكانت ايذانا بانطلاق الفعاليات الفنية والعلمية للتظاهرة. وتعد القيروان المحتفي بها كعاصمة للثقافة الاسلامية / أم أمصار وعاصمة أقطار أعظم مدن الغرب قطرا وأكثرها بشرا وأيسرها أموالا وأوسعها أحوالا وأتقنها بناء وأنفسها همما وأربحها تجارة وأكثرها جباية/ هكذا أثني الادريس في كتابه /نزهة المشتاق/ على القيروان وهي أعظم من ذلك في اشعاع حضارتها وانتشار معارفها وعلومها واسهام رجالاتها وفقهائها وعلمائها في بناء صرح الحضارة العربية الاسلامية بالمغرب. فقد لعبت القيروان دورا أساسيا في تغيير مجرى تاريخ الحوض الغربي من البحر الابيض المتوسط وفي تحويل افريقية والمغرب من أرض مسيحية لهجتها لاتينية الى أرض لغتها العربية ودينها الاسلام. وبقيت من أهم المراكز الدينية بالبلاد التونسية وبالعالم الاسلامي ومن أكبر لمزارات وبها تقام احتفالات المولد النبوى الشريف. وتدعمت هذه المكانة أكثر ببعث مركز للدراسات الاسلامية سنة 1989 ومدينة القيروان العتيقة مازالت محافظة على طابعها العربي الاسلامي الاصيل وعلى شكل أسواقها ودروبها ومسالكها القديمة وهي مسجلة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ سنة 1988 .