وأكد رئيس الجمهورية خلال لقاء جمعه بممثلي المنظمات المهنية ومكونات المجتمع المدني ورجال الأعمال والمستثمرين "وجود إرادة سياسية حقيقية للنهوض بواقع الجهات الداخلية". وشدد على أن "ما تعانيه الجهات الداخلية من فقر وتهميش يعتبر نتاج لتراكمات وسياسات سابقة، وحصيلة خيارات خاطئة حان الوقت لتغييرها"، مشيرا في الآن نفسه إلى أن "بلوغ هذه الأهداف يتطلب بعض الوقت والصبر من المواطنين"، على حد تعبيره. وأبرز رئيس الجمهورية "مزايا تقسيم البلاد إلى أقاليم" والأثر الايجابي لمثل هذا التقسيم على نسق التنمية والاستثمار بمختلف الجهات، مؤكدا أيضا أهمية ذلك في التشخيص الدقيق لاحتياجات تلك الجهات التنموية وبلورة مشاريع حقيقية تتماشى مع انتظارات متساكنيها. على صعيد آخر، اعتبر المرزوقي أن الحيز الزمني الذي استغرقته عملية صياغة الدستور "لا يعد مضيعة للوقت"، مؤكدا أن الأهم يبقى التوصل إلى إعداد "وثيقة متماسكة جيدة تلبي انتظارات جميع التونسيين". ومن ناحيتهم أثار رجال الأعمال ومختلف مكونات المجتمع المدني بولاية جندوبة عديد المشاغل المهنية والقطاعية والتنموية والاجتماعية والاقتصادية، وأبرزها الحاجة الأكيدة لمزيد توفير المدخرات العقارية لفائدة المشاريع التنموية، وضرورة التعجيل بربط ولاية جندوبة بالطريق السيارة تونس باجة ومعالجة مديونية الفلاحين. كما لفتوا إلى ما تعانيه الجهة من مشاكل عقارية، وإلى تدني مستوى الخدمات العلاجية، وضعف البنية التحتية، وضعف الاستثمار، فضلا عن غياب إدارات جهوية في عديد الاختصاصات، داعين إلى "تمييز جهتهم إيجابيا"، خاصة وأن ولاية جندوبة على غرار عديد الولايات الداخلية الأخرى عانت "التهميش لعقود طويلة". كا دعوا إلى ضرورة العمل على الحفاظ على مواطن الشغل المهددة بالفقدان جراء عديد المشاكل التي تعانيها المؤسسات المنتصبة بالجهة على غرار المطاحن الكبرى ومركبات الأراضي الدولية. ولدى لقائه عددا من الفلاحين أشار المرزوقي إلى النقص الحاصل في استغلال المساحات المتوفرة والمؤهلة لتحقيق الامن الفلاحي، ملاحظا أن الولايات ذات الطابع الفلاحي كان بمقدورها أن تمثل مراكز اقتصادية فاعلة في التنمية الجهوية، هي اليوم من الجهات الاكثر تهميشا، بفعل غياب الارادة السياسية للنظام السابق. وأثار الفلاحون المشاركون في اللقاء جملة من المشاغل تتصل أساسا باختلال الدورات الزراعية، وسوء تنظيم مسالك التوزيع ومشاكل مياه الري والمديونية الفلاحية. وبين وزير الفلاحة محمد بن سالم بالمناسبة أن 90 بالمائة من التمويلات الموجهة للقطاع الفلاحي متأتية من البنك الوطني الفلاحي وحده، وهي لا تمثل سوى 14 بالمائة من قيمة معاملات البنك، وتساهم بنسبة 18 بالمائة فقط على مستوى التشغيل. ولاحظ انه رغم ضعف التمويل أمكن للقطاع تحقيق الاكتفاء الذاتي في عديد المنتوجات على غرار الحليب واللحوم الحمراء، معلنا في ذات الوقت عن تكوين لجنة عليا مهمتها النظر في متطلبات رفع المردودية الفلاحية والحد من التوريد. وتحول رئيس الجمهورية على هامش زيارة العمل التي أداها إلى ولاية جندوبة إلى مجمع "سومي تومو" للصناعات الإلكترونية بالمنطقة الصناعية "الارتياح" ببلاريجيا، حيث تعرف على مكونات هذا المجمع الذي تم إنشاؤه بشراكة يابانية ألمانية، ويوفر 796 موطن شغل. وتحول المرزوقي إثر ذلك إلى المركب الفلاحي بمنطقة بدرونة ببلاريجيا حيث زار ضيعة "النمو" لإنتاج اللفت السكري، ومصنع السكر والخميرة بجهة "بن بشير". وأعطى رئيس الجمهورية بشركة "المرجي" لتربية الماشية وتنمية الزراعة، إشارة إنطلاق موسم الحصاد بولاية جندوبة، قبل أن يتفقد المعهد الوطني للزراعات الكبرى بالجهة. وتزامنت زيارة المنصف المرزوقي إلى ولاية جندوبة مع تنظيم وقفة احتجاجية شارك فيها عدد من المواطنين رفعوا خلالها شعارات تنادي بالتنمية والتشغيل. وقد اصدرت التنسيقية الجهوية للجبهة الشعبية بجندوبة بيانا أعلنت فيه مقاطعتها لهذه الزيارة، معتبرة انها تهدف الى القيام بحملة انتخابية "لا علاقة لها بمشاغل الجهة.." وأنها تأتي "في ظرف يتواصل فيه تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية" على حد نص البيان.