تونس 20 نوفمبر 2010 //وات/تحرير رندة عليبي// - مثل خيار إثراء مكاسب المشروع المجتمعي الحداثي ولا يزال ثابتا أساسيا في التمشي الاصلاحي للرئيس زين العابدين بن علي الذي يثابر منذ التغيير على تعزيز مقومات المجتمع المتوازن الذي تتاح فيه للجميع، رجالا ونساء، أسباب المساواة والتكافؤ وتتدعم في رحابه مرتكزات شراكة حقيقية في الأسرة والمجتمع استنادا إلى تشريعات متطورة ترسخ الحقوق والحريات وتقضي على كافة أشكال الحيف والتمييز. وفي سياق هذا المد الإصلاحي المتواصل يتنزل رأسا قرار رئيس الدولة المعلن بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثالثة والعشرين لتحول السابع من نوفمبر بإعداد مشروع قانون يتعلق بسحب الاحتراز الأول الذي كانت أبدته تونس على الاتفاقية الأممية لمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة /سيداو/ في خصوص الجنسية مع سحب البيان العام الذي تم ابداؤه على الاتفاقية نفسها. ويشمل تحفظ تونس الذي أذن رئيس الدولة بوضع مشروع قانون في شأنه الفقرة الأولى من الفصل 9 من الاتفاقية الذي ينص على ان //تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل في اكتساب جنسيتها او الاحتفاظ بها او تغييرها. وتضمن ان لا يترتب على الزواج من أجنبي او تغيير جنسية الزوج أثناء الزواج ان تتغير تلقائيا جنسية الزوجة او ان تصبح بلا جنسية او ان تفرض عليها جنسية الزوج//. فلئن صادقت تونس في جويلية 1985 على اتفاقية كوبنهاغن فانها أرفقتها بعدة تحفظات على أساس ان عددا من مواد الاتفاقية لا تتماشى مع القانون الوضعي الوطني كما ان المصادقة لا تعني بالضرورة الموافقة على كل ما نصت عليه هذه الاتفاقية. وجدير بالتذكير أن مصادقة تونس في جويلية 1985 على الاتفاقية الأممية قد اقترنت بتصريح عام تعهدت بمقتضاه بعدم اقرار اي قانون او اجراء اداري او حكم لا يتماشى وأحكام الدستور. كما اعتبرت نفسها في حل من الاجراءات التي تتعارض مع مجلة الأحوال الشخصية وقانون الجنسية. ويعد القرار الذي أعلن عنه الرئيس زين العابدين بن علي يوم 7 نوفمبر 2010 خطوة هامة على طريق إرساء أسس مجتمع متوازن تكون فيه المرأة متساوية مع الرجل في جميع الميادين سيما السياسية والمدنية منها. كما يأتي ليستكمل القرارات السابقة التي اتخذها رئيس الدولة بشان رفع التحفظات بشأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بما يجعل التشريعات الوطنية منسجمة مع مواد الاتفاقية من خلال إلغاء مظاهر التمييز في القوانين إزاء المرأة مثلما جسمه تنقيح الدستور وعدة نصوص ومجلات قانونية ومن بينها مجلة الأحوال الشخصية ومجلة الشغل ومجلة الالتزامات والعقود والمجلة الجزائية. ويؤكد هذا الإجراء الرئاسي الجديد مجددا ريادة تونس في مجال تكريس المساواة بين الجنسين في جميع المجالات وذلك بفضل الإرادة القوية التي تحدو رئيس الجمهورية للعمل على مناهضة جميع أصناف التمييز ضد المرأة وحرص سيادته الموصول على دعم مكاسبها والارتقاء بها من مستوى المساواة في الحقوق الى مستوى الشراكة الفعلية. وتبرز هذه الريادة في ما اقر من آليات وتدابير رائدة لتفعيل مختلف القوانين التي تتميز بمواكبتها الثابتة للصكوك الدولية عامة واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة خاصة بما جعلها نموذجا يحتذى في محيطها. كما تتجلى من خلال مصادقتها على البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية بمقتضى القانون عدد 35 لسنة 2008 المؤرخ في 9 جوان 2008 بما يمكن التونسيات من رفع الشكاوي مباشرة للجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في حالة شعورهن بأنهن تعرضن لحالة تمييز. وتأكيدا على تمشيها المرحلي في ما يتعلق بالقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة عملت تونس على الارتقاء بالمساواة بين المرأة والرجل الى مرتبة دستورية وذلك ضمن الفصل السادس من الدستور الذي ينص على ان //كل المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء امام القانون//. كما تضمنت النصوص القانونية الاخرى هذا المبدا انسجاما مع الدستور. وايمانا منها بان دعم حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين مسار لا يتوقف صادقت تونس على الآليات الدولية الهادفة لتأمين الحماية الجسدية والمعنوية للمرأة والرجل على حد السواء. وفي ذات الإطار وضعت تونس منظومة قانونية متكاملة في مجال منع العنف ضد المرأة والقضاء عليه وذلك عبر المصادقة سنة 1988 على الاتفاقية المناهضة للتعذيب وكل الممارسات اللاانسانية وادخال اصلاحات تشريعية وقانونية عززت بصورة واضحة حق المرأة في الحصانة الجسدية. وبالتوازي تعمل وزارة المرأة والأسرة والطفولة والمسنين بالتعاون مع صندوق الأممالمتحدة للسكان على تنفيذ برنامج حول مقاومة العنف ضد المرأة كما انها ستنطلق في إحداث منظومة رصد ومتابعة للعنف القائم على النوع الاجتماعي. إلى ذلك وتأكيدا لما يميز التجربة الوطنية في مجال التشريع لحقوق المرأة في محيط البلاد الحضاري والثقافي يقف المتابع في هذا المجال بالتحديد عند المبادرات والمقترحات النوعية التي طبعت الفترة المنقضية من رئاسة السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية لمنظمة المرأة العربية والتي شهدت فيضا من المقترحات الرامية إلى تعزيز حقوق المرأة العربية وتعزيز مكانتها ودورها في الحياة العامة والتنموية لبلدانها. وفي هذا السياق تبرز أهمية المبادرات المتعلقة بإطلاق لجنة المرأة العربية للقانون الدولي الإنساني وتأسيس مرصد للتشريعات الاجتماعية والسياسية يهتم بأوضاع المرأة في الأقطار العربية فضلا عن وضع استراتيجية اقليمية لحماية المرأة العربية من العنف. وقد انبثقت هذه المبادرات وغيرها عن رؤية استراتيجية قوامها الإيمان بأن رفع تحديات المستقبل رهين بناء مجتمع يحلق بجناحيه، المرأة والرجل، ويستثمر كل طاقاته البشرية دون حيف أو تمييز.