الحمامات 28 افريل 2011 /وات/ دور هياكل المجتمع المدني في انجاح عملية الانتقال الديمقراطي، وسبل القطع مع اشكال العمل الجمعياتي السابقة التي اتسمت بالسلبية والارتماء في حضن الحزب الحاكم، وتحدي تحقيق المصالحة بين المنظمات والمواطن التونسي، تلك هي المحاور الرئيسية التي طرقتها مداخلات خبراء ومسؤولين تونسيين وأجانب يشاركون منذ أمس الاربعاء بالحمامات في الدورة 14 لمنتدى مجلة /حقائق/ الدولي. فقد شدد المتدخلون في أشغال الجلسة الأولى لهذا الملتقى المنعقدة اليوم الخميس تحت عنوان //صحوة شعوب جنوب المتوسط ومجتمعاتها: تونس نموذجا// على ضرورة تحقيق المصالحة بين المواطن التونسي والمنظمات الوطنية وهياكل المجتمع المدني متهمين هذه الاخيرة بتجذير القطيعة بينها وبين المتطلعين لممارسة العمل الجمعياتي عبر ممارساتها "غير المسؤولة" تجاه قضايا المجتمع وتجاه انتظارات الشارع التونسي. وفي هذا السياق لاحظت الحقوقية بشرى بلحاج حميدة ان المنظمات وهياكل المجتمع المدني مارست السياسة خلال العهد الماضي اكثر من الاحزاب السياسية التي عانت التضييق والاضطهاد، مثلما تناست المنظمات أدوارها الاساسية مما جعل حكم الشارع التونسي عليها بعد الثورة قاسيا. وعلى نحوها اعتبرت الباحثة هالة الباجي ان نهاية //إرهاب الدولة الذي كان يمارسه النظام البائد على هياكل المجتمع المدني خلق قطيعة بين هذه الهياكل والمواطنين// وهو ما يجب، بحسبها، تداركه عبر خلق روابط متينة تجمع التونسي بهياكل مجتمعه المدني وتحفزه على الاقبال على العمل الجمعياتي. واوضح عدد من المتدخلين انه لا يمكن لهياكل المجتع المدني ان تنشط وتضطلع بالادوار الموكولة إليها في ظل نظام استبدادي وهو حال ما عاشته هياكل المجتمع المدني في تونس خلال العقدين الماضيين مما جعل حضورها الفعلي يتقهقر الى درجة غير معقولة وغير مسبوقة في العالم. ورأت اطراف اخرى ان إرهاب الدولة الذي ولى بسقوط النظام السابق خلق نوعا من التسامح المجتمعي حيث نسي التونسيون "انحراف" هياكل المجتمع المدني عن مسارها الطبيعي واقبلوا على الانخراط فيها والتعرف على توجهاتها وبرامجها واهدافها مستفيدين من مناخ الديمقراطية الذي عم البلاد. ودعت اصوات ناشطة صلب هياكل المجتمع المدني والمؤسسات والجمعيات الوطنية الى تكثيف الجهود لاستقطاب الشباب وتحفيزه على الانخراط في برامجها وتشريكه في رسم الخيارات والتوجهات المستقبلية متوجهة باللوم الى الاحزاب السياسية التي احتكرت الساحة الاعلامية. اما على الصعيد الاقتصادي فقدابرز المتدخلون في اشغال الجلسة الثانية للمنتدى التي تركزت حول //الرهانات الاقتصادية للانتقال الديمقراطي في تونس// جسامة الرهانات المطروحة والتي سيكون لها اثر عميق على مدى نجاح المسار الذي انتهجته تونس. واشار محللون اقتصاديون الى ان المشهد الاقتصادي في تونس ما يزال //ضبابيا وغامضا// ولا يحفز على استقطاب الاستثمارات الاجنبية التي ابدت //ترددا واضحا في القدوم الى تونس// بحسب مدير برنامج "استثمر في المتوسط" ايمانوال نوقادي الذي اضاف انه تم خلال الثلاثي الاول من السنة الجارية تسجيل هجرة 30 بالمائة من الاستثمارات الاجنبية المنتصبة بالبلاد. كما لم يخف الخبير الاقتصادي لدى منظمة التجارة العالمية نبيل بن حمودة الانعكاسات السلبية للثورة على الاقتصاد الوطني الذي تأثر كذلك بارتفاع اسعار المواد الغذائية في السوق العالمية. وقد اكدت دراسات قام بها بن حمودة بالاشتراك مع عدد من الخبراء ان النمو الاقتصادي في تونس لن يتجاوز سنة 2011 ال1 بالمائة وفي اقصى حالاته 1 فاصل 83 بالمائة وان السنة المقبلة ستكون سنة هامة على درب استعادة الانتعاشة الاقتصادية قبل أن تنجلي الصورة بشكل أكبر في أفق سنة 2013 ولتجاوز هذا الظرف قال عدد من الخبراء الاقتصاديين الاجانب في تدخلاتهم انه يتوجب على المسؤولين التونسيين التوجه الى المنظمات والهيئات الاقتصادية الاوروبية لاطلاعها على حقيقة ما يجري ببلدهم //لأن الصورة لا تزال ضبابية لدى صناع القرار بالمؤسسات الاستثمارية الاوروبية حول الأوضاع في تونس// وحثها على تجديد ثقتها في تونس التي قطعت قطعا كاملا مع جميع اشكال الفساد المالي والتضييق على الاستثمارات الاجنبية. وفي هذا السياق ابرز جون لوي ريفارس رئيس المجموعة العلمية "فيميس" ان الظرف الذي تمر به تونس حاليا شبيه بما عاشته بولونيا ابان ثورتها وهو ما يطرح رهانا كبيرا على المسؤولين التونسيين يتمثل في كيفية المرور من نظام راسمالي "متغطرس" الى نظام اقتصادي ديمقراطي حر. ولتجاوز ذلك يقول المتدخل //لا بد على شركاء تونس الاوروبيين خاصة مساندة تحولها ودعمه بالشكل الذي يمكن البلاد من تخطي صعوبات الظرفية الراهنة//.