تونس 12 ماي 2011 (وات) - بدعوة من حركة الديمقراطيين الاشتراكيين (شق أحمد الخصخوصي) ألقى الدكتور "عمر بالهادي" عشية الجمعة بمقر الحركة بالعاصمة محاضرة بعنوان التنمية الجهوية بعد الثورة الواقع والآفاق". واستعرض المحاضر نماذج من التفاوت بين الجهات في أحقاب تاريخية مختلفة، مبرزا أن هذا التفاوت أخذ أشكالا مختلفة بدأت بالتفاوت بين الشمال والجنوب في مرحلة أولى حيث استقطب الشمال اغلب الاستثمارات والمشاريع والمرافق وفي مرحلة ثانية أفاد المحاضر أن هذا التفاوت انتقل من ثنائية شمال-جنوب إلى ثنائية جديدة هي سواحل-دواخل حيث بدأت تبرز بشدة الفوارق بين المناطق الساحلية التي فاقت معدلات نموها في عديد الأحيان المستوى الوطني إضافة إلى شدة التركز السكاني بها نتيجة النزوح إليها خاصة من المناطق الداخلية. وبين أن المناطق الساحلية تدعمت قاعدتها الاقتصادية بالمنشآت السياحية والصناعية على عكس المناطق الداخلية التي لم تستأثر إلا بالنزر اليسير من الاستثمارات وبقيت تعاني من الفقر والخصاصة طيلة عقود حيث لم يخصص لها أكثر من 3 بالمائة من الاستثمار الصناعي. وقال المحاضر أن هذا التفاوت كان ناجما عن إرادة سياسية غيبت التنمية العادلة ورسخت مع مرور الزمن نموذج السلطة المركزية التي لا تتسامح مع أي صوت معارض لتوجهاتها وهو ما أدى إلى تراكم عوامل الاحتقان التي فجرت الثورة في هذه المناطق التي تشكو الفقر والبطالة والتوزيع غير العادل للثروات. كما قدم المحاضر عرضا حول الأبعاد المختلفة للتنمية التي من أبرزها إنتاج الثروة والتغيير في العقليات والاعتماد على النفس وتوفير الآليات التي تتيح استدامة هذه التنمية. وأبرز من جهة أخرى أن التنمية تهدف إلى تحقيق التوازن الفعلي بين المناطق وفي جميع القطاعات وترسيخ قيم المواطنة وإصلاح الجباية واعتماد الديمقراطية المحلية القائمة على مجالس منتخبة وممثلة، بما يحقق الحوكمة الرشيدة التي أساسها تشريك مختلف الأطراف في عملية التنمية. واقترح المحاضر بعث بنوك وصناديق جهوية للتنمية تتكفل بالاستثمارات في هذه المناطق إلى جانب جمعيات وشركات تنمية جهوية ومحلية.