تونس 2 نوفمبر 2009 (وات - تحرير إيمان بحرون) تطل مدينة الثقافة من شارع محمد الخامس بالعاصمة كصرح جديد وفريد يحيل على تونسالجديدة الماضية قدما نحو ترسيخ أسس الحداثة والتقدم مدينة ستدب الحياة فيها مع بدء تنفيذ برنامج الرئيس زين العابدين بن علي للخماسية 2009-2014 لتكون كما جاءت في النقطة الثامنة عشر منه بمثابة الانجاز الحدث والفضاء الامثل للنشاط الثقافي المتميز والمشع في المحيط الوطني والخارجي. وفي الواقع ان انشاء هذه المنارة الجديدة يندرج في اطار استراتيجية وطنية حدد ملامحها البرنامج الانتخابي 2004-2009 في نقطته الخامسة عشر وعملت على توفير معالم جودة الحياة والمدن الجميلة بما يجعل من مدننا واجهة حضارية لبلادنا...مدن للقرن الجديد لمجتمع متقدم مدن للعمل ولصناعات الذكاء ومجتمع المعرفة مدن للرفاه والنشاط الثقافي والرياضي. فضمن هذا الاطار تندرج مدينة الثقافة التي ستشكل عالما بذاته من حيث معمارها ومحتواها تضرب في جذور التاريخ وتدعم الهوية ومقومات الشخصية التونسية وتعانق الحداثة بما يجعل الثقافة قادرة على الاضافة والاسهام في المخزون الانساني وعلى الحضور الفاعل في محيط معولم تفاقمت فيه مخاطر الغزو الثقافي واصبحت الثقافة فيه عنصرا من عناصر قوة الشعوب. ويعكس قرار رئيس الدولة بعث مدينة للثقافة مقاربة سيادته الثقافية ورغبته في ادراج هذا القطاع ضمن مشروع التنمية المستدامة والشاملة بما يتيح له القيام بدور هام في الرفع من المؤشرات الوطنية المعتمدة في تحديد مدى تحقيق الدول لأسس الحداثة والتقدم. كما يؤكد إيمان تونس الراسخ بأن الثقافة فى اعمق مضامينها هى المسلك الامثل لتعزيز الهوية الوطنية والاسهام الخصب فى الحضارة الانسانية والاداة الحاسمة للتواصل مع بقية الشعوب والدخول معها فى شراكة فاعلة من اجل اثراء علاقات الحوار والتسامح والتضامن بما يجعل الثقافة كما اراد لها رئيس الدولة سندا للتغيير. وتشيد هذه المدينة التي تجاوزت كلفتها 120 مليون دينار بسواعد وخبرات تونسية تصورا وتصميما وهندسة معمارية ومدنية بما سيجعلها بحق مفردا في صيغة الجمع باعتبار احتضانها لعدد كبير من الفنون المتداول منها والنخبوي اذ ستحتوى على مساحة ثماني هكتارات ونصف فضاءات تشمل مختلف الاختصاصات الثقافية من ذلك قاعة اوبرا تتسع ل1800 مقعد وقاعة محاضرات تتسع ل700 مقعد وقاعة للمسرح التجريبي تتسع ل400 مقعد فضلا عن 7 استديوهات انتاج تهم مجالات الموسيقى والمسرح والرقص ومكتبة معلوماتية عصرية. ويعد فضاء المتحف الحديث الذى يمسح 22 الف متر مربع من اكبر انجازات المدينة حيث سيؤمن رحلة لزائريه عبر اعرق حضارات العالم تجسد تفاصيلها التكنولوجيات الحديثة من تقنيات صوت وصورة كما سيحظى الفن التشكيلي بفضاء خاص ينقسم الى ثلاث قاعات شاسعة للعرض وقاعة للعرض الدائم للوحات منتقاة. وسيخصص للفنانين بمختلف اتجاهاتهم دار للفنان وهو فضاء يمسح اكثر من الفي متر مربع يمثل اطارا للتلاقي والتحاور فيما بينهم بما يتيح المجال للمبدعين للتعبير عن ارائهم وافراز انتاجات تعد خلاصة فكرهم الحر والمتحرر من اية قيود قد تفرض على المبدعين. ولان الثقافة عملية تسويقية ايضا فستضم المدينة جانبا تجاريا تنتصب فيه عديد المحلات التي تعنى بتسويق المنتوج الثقافي الوطني. ومن أجل إحكام التصرف في هذا المعلم الحضارى الهام فان القائمين عليه خططوا لأن يكون الاستغلال علميا من خلال تشخيص موارد الاستغلال والتقويم وتنمية النشاطات الثقافية منها والاقتصادية. كما يتم حاليا وضع تصور للشكل القانوني الذى ستتخذه المدينة وكيفية التصرف الادارى فيها وتعاملها القانوني مع المنتجين واصحاب المشاريع من فنانين ومثقفين ومبدعين. وستكون المدينة مدينة للشباب الخلاق بامتياز حيث ستمثل فضاء رحبا يفجر فيه طاقاته ويتلقى فيه تكوينا علميا في مجال اهتمامه كما ستتيح المدينة المجال له لممارسة تجاربه في مختلف الفنون والاستفادة من تجارب السابقين وستكون همزة وصل بين مبدعي تونس والخارج من كافة الاجيال. ان هذه المدينة المثال هي رهان حضارى جديد ترفعه تونس التي اختارت نهج الحداثة والتقدم ستحقق الكثير من الانجازات الثقافية لمبدعي تونس والعالم حيث ستكون بحق فضاء للفن والابداع وحوار الحضارات وقفزة نوعية تونسية جديدة نحو المستقبل.