تونس 30 نوفمبر 2009 (وات) - عالم النساء المنزويات وأسرارهن الدفينة هو محور الفيلم التونسي الطويل الجديد بعنوان /الدواحة/ للمخرجة رجاء العمارى الذى قدم يوم الاثنين في قاعة السينما أفريكارت بالعاصمة في عرض خاص بالاعلاميين والنقاد قبل ان يوضع على ذمة الجمهور العريض انطلاقا من يوم 3 ديسمبر بقاعات الحمراء /المرسى/ وحنبعل /المنار/ وافريكارت /تونس/. يبدأ الفيلم بمشهد باب مفتوح على حديقة في احالة على الطبيعة لتنطلق رحلة الصراع النفسي ضد القيود والبحث عن الحرية وتحقيق الذات لاسيما بالنسبة للفتاة عائشة /حفصية حرزى/ التي تعاني من قمع أمها واختها /راضية/ في الطابق السفلي لقصر مهجور. ويوحي الاطار المكاني بوحشية العزلة وقساوة الحياة التي تعيشها عائشة مما زرع فيها مشاعر الحرمان والكبت المادى والجنسي وجعلها تتحول في نهاية الفيلم الى فتاة شبه معتوهة تسعى الى الانتقام والتدمير. قصة الفيلم تكتسي طابعا روائيا يرتبط في بعض اللقطات بأجواء كابوسية يخيم عليها التوتر والتوجس في دائرة من العزلة الاختيارية. ويبدو ان اهتمام المخرجة رجاء العمارى بالادب الفرنسي جعلها تنخرط بشكل او باخر في مناخات شبيهة بتلك التي نجدها في حكايات بروسبار ميرمي المضمخة بمشاعر الثأر والانتقام وروايات مارسال بروست حيث الزمن المفقود واللامتناهي. ولعل رمزية الفيلم تكمن في تعميق النظر في موضوع الكبت وتداعياته في مجتمع مغلق ضمن رؤية تميل الى تجريم الرجل عن حق أو دون حق وتحميله مسؤولية الدمار النفسي الذى تعاني منه المرأة في حالات معينة الى جانب تسليط الضوء على تعقيدات نفسية منجرة عن صدمات ووضعيات شاذة. يبقى ان هذا العمل يتميز بجمالية في التصوير وحسن توظيف الضوء والظلال وهو من انتاج شركة نوماديس /تونس/ . يذكر ان رجاء العمارى من مواليد تونس العاصمة وتحصلت على الاستاذية في الادب الفرنسي وسافرت بعد ذلك الى فرنسا والتحقت بالمؤسسة الاوروبية للصورة والصوت / الفاميس/ قسم السيناريو أنجزت اثر تخرجها شريطين قصيرين هما / افريل/ 1998 و / ذات مساء في جويلية/ 2000. كما أنجزت شريطا وثائقيا بعنوان / على أثار النسيان/ 2004 وأول شريط طويل لها كان / الستار الأحمر/ 2002.