صدت قوات السلطة الموازية في ليبيا الاحد هجوما لقوات موالية لحكومة الوفاق الوطني بهدف استعادة السيطرة على منطقة الهلال النفطي في الوقت الذي كانت ليبيا تستعد لاستئناف التصدير من هذه الموانئ. وتواجه ليبيا ازمة كبيرة في السيولة، واستئناف تصدير النفط أمر بالغ الاهمية لبلد يعاني من فوضى سياسية وانقسامات ونزاع عسكري متعدد الاطراف منذ الاطاحة بالنظام السابق في العام 2011. في موازاة ذلك، استانفت القوات الموالية لحكومة الوفاق معركتها مع تنظيم الدولة الاسلامية في سرت بعد نحو اسبوعين من الهدوء على جبهات القتال في المدينة الساحلية، حيث خاضت اشتباكات عنيفة قتل فيها ثلاثة من عناصرها. وتحاصر القوات الحكومية عناصر التنظيم المتطرف في حي واحد في شرق سرت (450 كلم شرق طرابلس) بعد اكثر من اربعة اشهر على انطلاق العملية العسكرية لاستعادة المدين ة والتي قتل فيها اكثر من 450 من عناصر القوات الحكومية. وفي ليبيا سلطتان تحظى كل منهما بدعم قوات مسلحة، حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من المجتمع الدولي ومقرها طرابلس، وحكومة موازية تحظى بدعم البرلمان المنتخب ومقرها مدينة البيضاء في الشرق. يقع الهلال النفطي الذي يضم أربعة موانئ تصدير رئيسية في منتصف الطريق بين مدينة بنغازي (ألف كلم شرق طرابلس)، معقل القوات التي يقودها حفتر، ومدينة سرت التي توشك قوات حكومة الوفاق الوطني على استعادتها. ونفذت القوات المناهضة لحكومة الوفاق الوطني بقيادة حفتر هجوما على المرافئ النفطية الاحد الماضي، وتمكنت خلال ثلاثة ايام من السيطرة على كامل المنطقة بعد طرد جهاز حرس المنشآت التابع لحكومة الوفاق بقيادة ابراهيم الجضران منها. ثم أعلنت الاربعاء تسليم إدارة موانئ التصدير الى المؤسسة الوطنية للنفط التي تدين بالولاء الى حكومة الوفاق، مع احتفاظها بالوجود العسكري لحراسة الموانئ، قبل ان تقرر المؤسسة الخميس رفع حالة "القوة القاهرة" عن الموانئ وهي الاكبر في البلاد. وحاولت قوات جهاز حرس المنشآت النفطية التابع لحكومة الوفاق الاحد استعادة السيطرة على المنطقة حيث هاجمت مينائي راس لانوف والسدرة. وقال الملازم في قوات السلطة الموازية محمد ابسيط لوكالة فرانس برس "تقدمت قوات حرس المنشآت (الموالي لحكومة الوفاق) هذا الصباح" قبل ان تقع اشتباكات بين القوتين العسكريتين استمرت لساعات. وفي وقت لاحق، اعلن العقيد مفتاح المقريف آمر القوة المكلفة بحماية المنشآت النفطية في القوات التي يقودها حفتر لفرانس برس "قمنا بصد هجوم المليشيات (...) التي تقدمت مدعومة باطراف خارجة عن القانون من غرب ليبيا حتى وصلت لمنطقة راس لانوف". وتابع "قمنا بصدهم ونلاحقهم في المنطقة (...) وقد تمكنا من اسر بعض عناصرهم"، مؤكدا ان قواته "سيطرت على كل الموانئ وانتهت الاشتباكات". ولم يكن بالامكان التحدث الى مصادر مستقلة في منطقة الهلال النفطي للوقوف على الوضع الميداني فيها. وكان علي الحاسي المتحدث باسم جهاز حرس المنشآت التابع لحكومة الوفاق قال فرانس برس في وقت سابق "هاجمنا السدرة وراس لانوف وقوات حفتر تحاول استهدافنا بالطائرات". ولم تعرف ما اذا وقعت خسائر بشرية في صفوف الطرفين. - ضرر اقتصادي- واعتبر السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت في تغريدة على تويتر عقب اندلاع الاشتباكات ان "القتال المستمر حول منشآت الهلال النفطي مضر بمستقبل ليبيا الاقتصادي. الحوار افضل طريقة لحل الخلافات". وكان المبعوث الاميركي الخاص الى هذا البلد جوناثان واينر اكد في مقابلة مع فرانس برس الاربعاء ان الولاياتالمتحدة تؤيد تصدير النفط من الموانئ التي خرجت عن سيطرة حكومة الوفاق الوطني طالما ان عائدات المبيعات تصب في صالح هذه الحكومة وحدها. كما دعا الى تجنب التصعيد العسكري، مشجعا الحكومة بدل ذلك على الدخول في حوار. مبدئيا، يفترض ان تذهب الاموال التي تدفع مقابل النفط الى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس الذي يتبع سلطة الحكومة المعترف بها دوليا بعد ان تدفع الشركات التي تشتري النفط الليبي ثمنه للمصرف الليبي الخارجي الذي يملك فروعا في دول عدة، ثم يقوم هذا المصرف الحكومي بتحويل الاموال الى المصرف المركزي في العاصمة. لكن سيطرة القوات التي يقودها حفتر على الموانئ تعني ان بامكان هذه القوات التحكم بمصير عمليات التصدير عبر إقفال الموانئ وإعادة فتحها وفق ما ترتئيه. ومنذ انتفاضة العام 2011 والاطاحة بنظام الزعيم السابق معمر القذافي، يعيش قطاع النفط الليبي تراجعا مستمرا. واصبحت ليبيا، أغنى دول افريقيا بالنفط مع احتياطي يبلغ 48 مليار برميل، تحقق ادنى انتاج بين دول منظمة "اوبك" في العام 2015، بحسب أوبك. - معارك في سرت- وبينما كانت الاشتباكات تدور في الهلال النفطي، قتل ثلاثة من عناصر القوات الموالية لحكومة الوفاق في اشتباكات عنيفة مع تنظيم الدولة الاسلامية في سرت هي الاولى بعد نحو اسبوعين من الهدوء على جبهات القتال في المدينة الساحلية، بحسب متحدث ومصدر طبي. وقال رضا عيسى المتحدث باسم عملية "البنيان المرصوص" لفرانس برس ان استئناف المعركة الاحد جاء "بعد عدة اجتماعات عقدها القادة الميدانيون". كما ياتي استئناف العملية العسكرية التي انطلقت في منتصف ايار/مايو بعد اقل من اسبوع على قرار الحكومة الايطالية اقامة مستشفى ميداني في مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، مركز القوات الحكومية، وذلك بطلب من حكومة الوفاق. وذكر عيسى ان المستشفى الايطالي "قيد التجهيز وهناك ترتيبات تسير بحسب ما هو مخطط لها".