ببادرة من جمعية « تكافل ونماء » احتضنت دار الجمعيات برادس، اليوم السبت، ندوة علمية حول « المنوال التنموي التونسي تشخيص أسباب التعثر وتمثلات سبل الإقلاع »، اثثها مختصون وفاعلون في الحقلين السياسي والاجتماعي. وقدم الأكاديمي محمد النوري محاضرة عرض من خلالها تشخيصا للواقع الاقتصادي اعتبر فيه ان « هشاشة النمو وضعف الإنتاجية ومحدودية القيمة المضافة، من عناصر بنية اقتصادية غير ملائمة للاندماج في السوق العالمية، وتتسم بضعف الإنتاج القطاعي وغياب مقومات الحوكمة الرشيدة ». وحدد المتدخل أسباب التعثر وعدم القدرة على بلورة نموذج اقتصادي يحقق التنمية بالتذبذب في الخيارات والتوجهات التنموية، وعدم ملاءمة المنوال الحالي الذي وصفه ب »المترهل »، لخصوصيات الواقع « في ظل استشراء الفساد والمحسوبية وهدر الثروة »، وفق تعبيره. وخلص إلى أن « معالم الإقلاع لابد أن تحددها موجهات عامة وخيارات أساسية وسياسات كبرى تربطها رؤية استراتيجية مؤسسة على جملة من الثوابت الوطنية، تؤخذ فيها بعين الاعتبار خصوصيات المجتمع التونسي ويستفاد فيها من التجارب الناجحة في العالم، وتضبط فيها الخيارات على مجموعة من الأدوار يكون فيها للقطاع الخاص نصيب وكذلك للقطاع العام وللمجتمع الأهلي، وترتبط فيها شروط النجاح باشاعة ثقافة الطموح والعمل والوعي بالصعوبات والاستعداد للتضحية وتوسيع الشراكات مع القوى الاقتصادية والصناعية وإعلان الحرب على الفساد ومقاومة التهريب ». وتطرق الجامعي زهير اسماعيل إلى أهمية نموذج الاقتصاد الاجتماعي التضامني « الذي يقطع مع تحكم الدولة الغنائمية القائمة منذ عشرات السنين والمؤسسة على الزبونية وراسمالية الحبايب » على حد تعبيره. واعتبر ان « تجربة الدولة المركزية، ساهمت إلى حد بعيد في تفشي هذه السلبيات، والتي كان من آثارها عدم قدرتها على تغطية كل المساحة الثقافية، مما أدى إلى انقسام اجتماعي وبناء مجال سياسي رسمي وآخر هامشي واقتصاد منظم وآخر غير مهيكل وموازي ». وتطرق بقية المتدخلين الى الفوارق بين مفاهيم النمو والتنمية وكيفية تحويل القيم الثقافية إلى طاقة اقتصادية، وإلى النظرة الشمولية لبناء اقتصاد قوي، والتداخل بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومعوقات النهوض الاقتصادي وأسبابه الداخلية والخارجية.