ذكرت محاضرة حول المقاتلين التونسيين والأجانب تم تقديمها في معهد واشنطن أن حكومة "الترويكا" التي حكمت بين عاميْ 2012 و2013 قد تسامحت في بادئ الأمر مع الأنشطة الجهادية"وعند جمع هذه العوامل سويّة، نجد أنها سمحت بتشكيل الجماعات المتطرفة وقيام هذه الأخيرة بتجنيد أفراد جدد وتسهيلها السفر إلى ليبيا وسوريا والعراق وتنظيمها في النهاية هجمات داخل تونس." وجاء في المحاضرة التي شارك فيه جاكوب واليس الذي كان يشغل سابقاً منصب سفير الولاياتالمتحدة في تونس وعمل كمستشار أقدم لشؤون المقاتلين الأجانب في "مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية"أن تعامل الحكومة مع الإرهاب والتطرف كان على أربع مراحل"خلال المرحلة الأولى (من 2011 إلى سبتمبر 2012)، سُمح عموماً ل «أنصار الشريعة» وغيرها من الجماعات المتطرفة بتنظيم صفوفها علناً وإرسال مقاتلين للانضمام إلى ما كان يُعتبر آنذاك كفاحاً شعبياً ضدّ نظام الأسد في سوريا. وفي المرحلة الثانية (2012-2014)، أدركت الحكومة أنها تواجه مشكلة، حيث بدأت الجماعات المتطرفة بتنفيذ عمليات إرهابية داخل تونس - بدءاً بهجوم أيلول/سبتمبر على السفارة الأمريكية الذي تلاه عمليتي اغتيال سياسي بارزتين في عام 2013. وخلال المرحلة الثالثة (2014-2015)، بدأت الحكومة التكنوقراطية بقيادة مهدي جمعة بتعزيز تعاونها مع الولاياتالمتحدة وشركاء أجانب آخرين بشكل كبير. وتمّ تمرير قانون جديد لمكافحة الإرهاب في عام 2015، كما تحسّنت قدرة قوات الأمن على مواجهة الإرهاب. وقد دفعت هذه القيود المحلية إلى قيام الجهاديين بتحويل عملياتهم إلى الخارج، كما أن التدفق المتنامي للمقاتلين الأجانب إلى ليبيا وسوريا والعراق خلال هذه الفترة تزامن مع صعود تنظيم «الدولة الإسلامية». أما المرحلة الرابعة (من 2014 حتى الوقت الحاضر) ، فقد شهدت تحوّل التركيز نحو المقاتلين العائدين، مع بروز جدال علني بين التونسيين حول كيفية التعامل معهم. وتدرك الحكومة أن نهجا قائما على الأمن غير كاف، ولكنها في الوقت نفسه لم تحرز تقدماً ملحوظاً باتجاه اعتماد مقاربة أكثر شمولية. ورغم تحسّن الوضع بشكل كبير مقارنةً بالفترة 2012-2013، فضلاً عن عدم تعرُّض تونس لهجوم كبير منذ نوفمبر 2015، إلّا أنه لم يتمّ تحقيق الكثير لمعالجة المحرّكات الكامنة للتعبئة والانتشار. وصحيح أن الحكومة قادرة الآن على التعرّف على العائدين عند المعابر الحدودية الرسمية، لكنها لا تملك خطة بشأن ما يجب فعله حالما يتم تحديد هويتهم، كما تفتقر قواتها الأمنية إلى الوسائل اللازمة لمراقبتهم. وفي غضون ذلك، لا تزال السجون المكتظة في البلاد تمثّل أرضاً خصبة للجهاديين. ورغم حصول تونس على مساعدة من الولاياتالمتحدة في إدارة السجون، إلّا أن مشاكل التطرف والأمن متداخلة بشكل وثيق مع القضايا السياسية والاقتصادية الأكبر، مما يجعل حلها صعباً بشكل خاص." حسب التقرير.