يطل علينا يوم القر في عام 2025 مع فجر يوم السبت، الحادي عشر من شهر ذي الحجة 1446ه، الموافق السابع من يونيو 2025م، وهو ثاني أيام عيد الأضحى المبارك. يحظى هذا اليوم بمكانة عظيمة في الشريعة الإسلامية، إذ يُعتبر ثاني أعظم يوم عند الله تعالى بعد يوم النحر، كما ورد في حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر". يُعد يوم القر فرصة فريدة لكل مسلم لاستثمار بركاته، خاصة لمن لم يلحق أجر يوم عرفة أو يوم النحر. فهو يحمل نفحات من الرحمة والأمل والتقرب إلى الله، وقد حثت الشريعة على اغتنام كل لحظة فيه لما فيه من أجر وثواب عظيمين. وقد أكدت دار الإفتاء المصرية صحة الحديث الشريف "أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر"، مشيرة إلى أن يوم النحر يُعرف أيضًا بيوم الحج الأكبر، حيث تجرى فيه كثير من شعائر الحج الرئيسية كذبح الهدي ورمي جمرة العقبة. واختلف العلماء في تحديد يوم الحج الأكبر، لكن المرجح هو يوم النحر لأنه يحوي معظم أعمال المناسك. وتأتي هذه المكانة موضحة في كتب الفقه مثل "حاشية الجمل على شرح المنهج". وفي سنن أبي داود، ورد عن عبد الله بن قُرط قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثم يوم القر". كما أشار الإمام المنذري في كتابه "الترغيب والترهيب" إلى فضل عشر ذي الحجة عمومًا، مبينًا أن هذه الأيام لا يُعدِلها شيء إلا من خرج في سبيل الله بروحه وماله. وأكد الإمام مالك والشافعي وأحمد أن يوم النحر هو أعظم أيام الحج، وجاء في صحيح ابن حبان أيضًا: "أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر". أما تسمية يوم القر فهي مشتقة من معنى "الاستقرار"، حيث يستقر الحجاج في منى بعد أداء طواف الإفاضة وأعمال يوم النحر، ليكملوا شعائر أيام التشريق. وقد أكدت النصوص الشرعية في القرآن والسنة ضرورة المبيت في منى أيام التشريق، وعدم المغادرة قبل ذلك. ويكتسب يوم القر أهمية كبيرة في الدعاء، فقد ورد عن أبي موسى الأشعري في خطبته يوم النحر أن هذه الأيام معلومات لا يُرد فيها الدعاء، مما يجعل التقرب إلى الله في يوم القر عظيماً، ويحث المسلم على رفع حاجاته بثقة وإلحاح. أما أعمال يوم القر الخاصة بالحج، فتتمثل في المبيت في منى، وهو محل خلاف بين العلماء؛ فذهب الأحناف إلى كونه سنة، ومن تركه أساء، بينما يرى جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة أنه واجب، وتترتب عليه فدية في حال تركه، ويجب أن يكون المبيت لأكثر الليل. ومن أبرز مناسك هذا اليوم رمي الجمرات الثلاث: الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، بسبع حصيات لكل منها، مع استحباب التكبير عند كل رمية والدعاء بعد الصغرى والوسطى مع استقبال القبلة، أما بعد الجمرة الكبرى فلا يُقف بل يُواصل الحاج ذكر الله والدعاء.