في حوار خاص مع إذاعة "IFM"، سلّطت أخصائية قيس وتقويم السمع عايدة رتيمي الضوء على مشكل نقص السمع لدى الأطفال، منبهة إلى ارتفاع نسب الإصابة عالميا، ومؤكدة على أهمية التقصي المبكر ودور الأولياء في العلاج والتأقلم. أرقام مقلقة توقعت منظمة الصحة العالمية أن يعاني نحو 2.5 مليار شخصمن مشاكل في السمع بحلول سنة 2050، بينهم أكثر من مليار شاب مهددون بفقدان دائم للسمع نتيجة أنماط الحياة اليومية، مثل الاستعمال المفرط للسماعات وحضور الحفلات الصاخبة. وفي تونس، كشفت دراسة ميدانية أُجريت بين سنتي 2010 و2011، أن هناك قرابة 300 حالة ولادة سنويًا لأطفال بفقدان سمعي، وهو رقم يعكس حجم الحاجة للتوعية والتشخيص المبكر. الأسباب حسب الفئات العمرية حسب رتيمي، يمكن تقسيم أسباب نقص السمع لدى الأطفال إلى ثلاث فئات رئيسية: 1-قبل الولادة: عوامل وراثية. التهابات فيروسية تصيب الأم أثناء الحمل، خاصة الفيروس المضخم للخلايا(CMV)، الذي يؤثر على تطور الجهاز العصبي والسمعي للجنين. 2-أثناء الولادة: نقص الأوكسجين. الولادة المبكرة أو بوزن منخفض، ما يؤثر على اكتمال نمو الأذن الداخلية. 3-ما بعد الولادة: التهابات مزمنة في الأذن الوسطى. التعرض لأصوات عالية ومتكررة. التهابات السحايا، التي قد تؤدي إلى تلف دائم في العصب السمعي. كيف نكتشف نقص السمع؟ تقول رتيمي: "أول علامات نقص السمع عند الطفل هي غياب التفاعل عند مناداته، صعوبة في فهم التعليمات، تأخر في النطق، أو سلوكيات انعزالية وغضب بسبب ضعف التواصل". وتؤكد الأخصائية أن مقارنة الطفل بأقرانه في نفس العمر من حيث النطق والتفاعل، تُعد مؤشرًا حاسمًا يستدعي التقييم الطبي. العلاج ممكن... لكن بحسب الحالة يختلف العلاج حسب نوع وسبب نقص السمع: -إذا كان السبب التهابات في الأذن الخارجية أو الوسطى، يمكن علاجه بالأدوية أو الجراحة. -أما في حالة وجود خلل في القوقعة أو العصب السمعي، يتم اللجوء إلى زراعة القوقعة أو السماعات الطبية. لكن رتيمي تشدد على أن "نجاح العلاج يرتبط بتقبل العائلة وخاصة الوالدين، للسماعات كأداة طبية وليست وصمة". النطق والسمع: علاقة متلازمة أكدت الأخصائية أن "الأطفال الذين يعانون من نقص سمع منذ الولادة لا يتمكنون من سماع الأصوات لتعلم نطقها، مما يؤثر على تطورهم اللغوي". ولهذا، شددت على أهمية العلاج المتزامن بين تصحيح السمع وتقويم النطق، لمساعدة الطفل على الاندماج وفهم اللغة تدريجيًا. دور الأولياء والمحيط في ختام حديثها، وجهت رتيمي رسالة إلى الأولياء: "لا تنكروا الواقع. بعض الأسماء أو الكلمات تُسمع بسهولة لأن لها ترددات منخفضة، لكن ذلك لا يعني أن الطفل يسمع كل شيء. يجب تقييم السمع علميًا، لا بناء على الانطباع الشخصي". كما دعت إلى نشر الوعي في المدارس والمجتمع، والتعامل مع السماعات كأجهزة طبية ضرورية، وليس أدوات تثير الخجل أو الإحراج. التقصي المبكر: الحل الوقائي الأهم وفق منظمة الصحة العالمية، يمكن تفادي 60% من حالات فقدان السمع عند الأطفالعبر التقصي المبكر. وهو اختبار بسيط يُجرى مباشرة بعد الولادة، لكنه لا يُطبق حاليًا في أغلب المستشفيات العمومية بتونس، ويقتصر على بعض العيادات الخاصة. وتختم الأخصائية بقولها: "فهمنا للسمع كحق أساسي في الحياة هو ما يصنع الفرق في صحة أبنائنا ومستقبلهم".