تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي عدة صور من داخل متحف باردو بينما كان الهجوم المسلح على المتحف لا يزال متواصلا يوم الأربعاء الماضي. هذه الصور قام بالتقاطها ونشرها أحد السياح التونسيين كان مختبئا برفقة أربعين شخصا داخل إحدى قاعات المتحف. إليكم شهادته. يوم الأربعاء 18 مارس/آذار، حاول رجلان مسلحان اقتحام مقر البرلمان في تونس. ثم اتجها نحو متحف باردو المحاذي له بعدما باءت محاولتهما بالفشل. وفتحا النار على السياح بينما كانوا ينزلون من حافلاتهم أمام المتحف، ثم طاردا بعضهم وقاما بقتلهم داخله. وأسفر الهجوم عن مقتل 21 شخص بينهم 17 سائحا ومدني تونسي وأحد أفراد الشرطة التونسية، بالإضافة للمهاجمين. كنت أتجول داخل المتحف برفقة زوجتي وطفلي الاثنين عندما سمعنا أصواتا غريبة. في بادئ الأمر، اعتقدنا أن هناك أعمال ترميم بالمتحف. وعندما أصبحت الأصوات قوية، ظننا تمثالا سقط على الأرض. ولاحقا قيل لي أن قنبلة يدوية قد انفجرت، ثم سمعنا صوت رشقات الرشاش. كان حولنا عدد من السياح الأجانب، بينهم فرنسيون وبولونيون. اتجهنا إلى قاعة في الطابق الثاني من المتحف واختبأنا بأحد أركانها حيث مكثنا بضع دقائق. قمنا بإقفال هواتفنا الجوالة حتى لا ينتبه الإرهابيون لوجودنا وعندما بدأت الأصوات تقترب، ركضنا في اتجاه قاعة أخرى بالطابق الأول. قمنا بسد أحد الأبواب باستعمال قضيب حديدي وعطلنا قفل الباب الثاني حتى لا يتمكن الإرهابيون من الدخول إلى القاعة. قمنا بإقفال هواتفنا الجوالة حتى لا يتفطن الإرهابيون لوجودنا في تلك القاعة. عندما كنا نتنصت خلف الباب، كنا نسمع دوي الرصاص في الطابق السفلي وكذلك في الطابق الثاني. كان 37 شخصا يختبئون في تلك القاعة. أغلبهم سياح أجانب. كانوا خائفين. حاولت التهدئة من روع الذين كانوا الأكثر توترا منهم. لمدة نصف ساعة، كانت وسائل الإعلام تتناقل خبرا بوقوع الهجوم في مبنى البرلمان، في حين كان يحدث داخل المتحف! فقمت بالتقاط صور وأرسلتها إلى أصدقائي ووسائل الإعلام المحلية حتى يتبين لهم أن الهجوم كان بالمتحف وليس في مبنى البرلمان المحاذي له. كذلك حاولت الاتصال بالجيش والشرطة لإبلاغهم بوجودنا في تلك القاعة. بعد ذلك، قمت بمتابعة تطورات الهجوم على الإنترنت، وعلمت أنه كان هناك قتلى وأن وحدات القوات الخاصة كانت موجودة على سطح المتحف. رجال الأمن يقومون بإخلاء المتحف. بعد حوالي ساعتين ونصف من بدء الهجوم، قام رجال الأمن التابعين لوحدة مكافحة الإرهاب بخلع الأبواب وأخرجونا من القاعة الواحد تلو الآخر. أثناء إجلائنا من هناك، كان الرصاص لا يزال يدوي في المتحف. وعندما كنت متوجها إلى الخارج، رأيت جثتين في الطابق الأول وجثة في الطابق السفلي، وكذلك جثة رابعة كانت ملقاة على الرصيف عند مدخل المتحف. بعد ذلك، نقلنا إلى ثكنة للجيش تقع على مسافة 100 متر من المتحف. هناك، قام أطباء بفحصنا ثم قدموا لنا بعض الحلويات والمشروبات. بقينا هناك حوالي نصف ساعة، ثم تم نقل الأجانب بالحافلات إلى الميناء حيث كانت بواخرهم ترسوا. أما أنا فقد تم نقلي في شاحنة مدرعة، برفقة حوالي 50 شخصا كان بينهم أجنبي واحد من اليمن، إلى ثكنة تقع في حي القرجاني. هناك قامت الشرطة باستجوابنا ثم سمحت لنا بمغادرة الثكنة بعد ثلاث ساعات.