أعلن رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي اليوم الأحد 20 ديسمبر 2015 رسميا ،عن تأسيس حزبه الجديد الذي أطلاق عليه إسم ''حراك تونس الإرادة''. شكرا لحضوركم...مرحبا بكم جميعا أنتم الأساس الذي سنبني عليه البيت المشترك أنتم الخطوة الأولى على الطريق الطويل ، أنتم البذرة التي ستعطي في المستقبل الشجرة الباسقة المثمرة للحراك . شكرا ومرحبا بالضيوف الكرام من ممثلي أحزاب ومنظمات وجمعيات وشخصيات وطنية واعلاميين فهم في بيت سيبقى مفتوحا على مصراعيه لكل المؤمنين بنفس القيم. شكرا و مرحبا بممثلي الدول الشقيقة والصديقة في هذا الحفل الذي يعايشون فيه حلقة أخرى من قصة التونسيين وهم يبحثون كسائر شعوب الأرض عن مستقبل أفضل. شكرا لكل الذين عملوا طوال السنة المنصرمة لإنضاج مشروعنا. شكرا لجنود الخفاء الذين سهروا على نجاح هذا الاجتماع الحاشد. شكرا لكل من شرفوني بدعمهم في كل الظروف خاصة إبان الانتخابات الأخيرة. أخيرا وليس آخرا كل الامتنان لحماة الحمى من عسكريين وأمنيين من مختلف الأسلاك ...دعائنا بالشفاء العاجل لكل الجرحى ...شكرا للعائلات التي أعطتنا فلذات الاكباد لحمايتنا ....المجد والخلود لشهدائنا الأبرار ....شهداء المعارك ضد الارهاب ....شهداء الثورة ...وقبلهم كل الذين استشهدوا لتتحرّر تونس من الاستعمار ومن الاستبداد. أيها الاخوة والأخوات لقد شكلت ثورة الحرية والكرامة منعطفا لا يقل أهمية وخطورة عن منعطف الاستقلال. وقد كان لنا شرف المشاركة في إدارة المرحلة الصعبة والدقيقة التي تبعتها وسنترك للتاريخ الحكم على هذه الفترة وعلى أدائنا . لكن الثابت أن تونس اليوم لم تنهي مرحلتها الانتقالية وأنها ما زالت تتخبط في جملة من الأزمات.... وأخطرها في هذه الذكرى الخامسة لثورة 17 ديسمبر المجيدة الأزمة النفسية المعنوية الأخلاقية . صحيح أننا لم نحقق كل الأهداف ، وأي قوة قادرة على تلبية كل الطموحات المعلقة منذ عقود في سنوات قليلة ...صحيح أن أبناء شعبنا عرفوا خيبات أمل متتالية ....في الثورة التي انتظروا منها كل شيء وفي الحين.... في الحكومات الانتقالية المتعاقبة التي حُمّلت أكثر مما تستطيع في مرحلة انتقالية .... واليوم في حزب كفاءات تسيير الأربع دول الذي اتضح كم كان سخيا بالوعود الكاذبة . هذه الخيبات شكّلت صدمات نفسية هزّت من جديد ثقة الناس.... في بعضهم البعض ...في ثورتهم... في دولتهم ...في نخبهم وحتى في أنفسهم... وعاد الأفق كما كان قبل الثورة مظلما . لكن الجزء الكبير من الرؤيا السوداوية لواقعنا ناجم عن تقييم خاطئ دفع إليه ودفع فيه البعض الكثير للاستنقاص من كل ما قامت به الثورة ورجالاتها . والحقيقة أنه لو نظرنا لتونس بعيون الأشقاء والأصدقاء وبعيون التونسيين النزهاء لحقّ لنا أن نفخر بما قمنا به في السنوات الأخيرة . نعم ،يحق لنا أن نفخر بنضج شعبنا الذي لم ينجرّ ابدا للفوضى أو للعنف رغم كل الدعوات غير المسؤولة ورغم التحريض والشحن. نعم ،يحق لنا أن نفخر بدستورنا التوافقي الذي كتبه الآلاف من خيرة أبناء هذا الوطن وجعلناه العقد الاجتماعي الذي سيمكننا من العيش بكرامة وأمان. نعم ، يحق لنا أن نفخر بجيشنا وكافة أسلاك أمننا للشجاعة التي واجهوا بها ولا يزالون آفة الارهاب نعم ، يحق لنا أن نفخر بحفاظنا على وحدتنا وسلميتنا وديمقراطيتنا في أصعب الظروف. نعم ،يحق لنا أن نفخر بجائزة نوبل التي تحصلنا عليها لأنها منحت للمدرسة التونسية في حلّ الخلافات التي أدت في بلدان أخرى إلى أنهار من الدماء والدموع. لذلك أقول لا تستسلموا لهذه الصور المشوهة والمغلوطة عن ثورتنا ، عن وطننا وعن أنفسنا لا لشيء إلا لأن الشعوب المحبطة لا تصنع التاريخ وإنما تصبح فريسة له . أيها الاخوة والأخوات إذا كان الشرط الأول للروح المعنوية العالية رفض تزييف الواقع فإن الشرط الثاني مواجهة الحقيقة. لقد كان من حق شعبنا أن يسائلنا عن أدائنا في حل مشاكله لما كنا في السلطة لأن الأعمال في السياسة بالنتائج لا بالنيات.... كما كان من حق معارضة تلك الفترة أن تحاسبنا الحساب العسير لأنها قواعد اللعبة الديمقراطية. آن الأوان لشعبنا أن يقارن النتائج بالوعود وآن الأوان لنقوم بدورنا كمعارضة ديمقراطية في نظام ديمقراطي. وخلافا لما تعرّضنا له لما كنا في الحكم ، التزمنا طيلة السنة المنصرمة في تقييمنا لأداء السلطة التي انبثقت عن الانتخابات التشريعية والرئاسية بأقصى قدر ممكن من المسؤولية . أعطينا لهذه الرئاسة وهذه الحكومة كل الوقت ليظهروا كفاءتهم في تسيير البلد. تركنا الحكومة تعمل دون أي تشويش عليها . تفادينا كل أنواع النقد السهل والمجاني . لم نطالب باستقالتها أو بإقالة هذا الوزير أو تلك الوزيرة أمام أداء مخجل بل كان بوسعنا من منطلق النزاهة أن ندعم ونهنئ ونعرض المساعدة لو كانت الأمور تسير في الاتجاه الصحيح .... لكن ....لكن . أيها الاخوة والأخوات ليس من باب التجني القول بأننا فوجئنا مثل كل التونسيين بأداء فاق في حجم فشله كل التوقعات... ففي أهم الملفات التي تشغل بال كل التونسيين اي الملفّ الاقتصادي لم نر أثرا لكفاءات في تسيير دولة واحدة أو لنتائج تفي بأبسط وعود الفريق المنتخب . كل ما رأيناه تراجع نسبة النمو إلى ما يناهز الصفر في حين فاقت في المرحلة التي ترأسنا فيها الدولة 3 بالمئة . كل ما رأيناه ان نسبة الدين العام فاقت الحد الاقصى المحتمل . كل ما رأيناه غياب الاستثمار الموعود من الداخل ومن الخارج. أما عن غلاء الأسعار وتراجع المقدرة الشرائية للمواطن فانظروا المؤشرات وقارنوا. الأدهى والأمرّ محاولة إيهام الرأي العامّ أن المصالحة مع المفسدين ضرورة لعودة الآلة الاقتصادية لنشاطها . لقد دأبت على القول أن أخطر ما في الفساد ليس كمية المال المنهوب وإنما دوره في نشر أمراض اجتماعية بالغة الخطورة منها اليأس من العدل واستنقاص قيمة العمل وتوسع التحايل على القانون والانتهازية بما أنها الطريق الأسرع للثروة. إن التطبيع مع الفساد الذي نشاهد عودته بقوة في كل المجالات هو تدمير للروح المعنوية الضرورية لاقتصاد سليم وسيفاقم عبر مزيد من تعطيل الآلة الاقتصادية لا فقط في تزايد مستوى البطالة وإنما سيزيد من الاجرام والانتحار والهجرة غير الشرعية والارهاب. وبخصوص هذه الاشكالية الضخمة فإننا لم ولن نشكك في وطنية أحد عندما يتعلّق الأمر بمحاربة الارهاب، لكن لنا الحق في التحذير من عودة خطاب فجّ بدائي يدّعي أن التضحية بالحرية شرط إجباري للحصول على الأمن. يبقى أن علينا أن نصارح أنفسنا بأصعب سؤال : لماذا أصبحنا نحن بلد الاعتدال والتوافق والمجتمع المدني القوي ، أول بلد في تصدير الشباب إلى ساحات القتال خارج حدودنا ؟ لماذا نجد من بين هؤلاء المغرّر بهم شباب لا ينتمون للأحياء أو الجهات الفقيرة؟ لنكفّ عن المسارعة بالأجوبة السطحية والحلول السهلة ولننفذ لعمق إشكالية ضخمة تبين عمق فشل منظومتنا السياسية والاقتصادية والتربوية والدينية. لقد كان لنا شرف إعداد خطة وطنية استراتيجية لمقاومة الارهاب تتعامل مع الجوانب العسكرية الامنية الاستخبراتية والاقتصادية الاجتماعية والدينية والثقافية لآفة بالغة التعقيد ومن الغباء حصرها - على أهميتها - في المعالجة الأمنية فقط. لكن هذه الاستراتجية التي تتعامل مع أسباب المرض وليس مع الظاهرة تركت جانبا .....وها نحن نرى النتيجة . إن السطحية وغياب الرؤية ليست في التعامل مع الارهاب فقط وإنما في التعامل مع كل القضايا وخاصة السياسة الخارجية . يجب أن يعلم الشعب أن كل ما عملناه من جهد لاسترجاع الأموال المنهوبة... وسعي لجعل أصدقائنا الأوروبيين يقبلون بتحويل جزء من ديوننا لبرامج انمائية... ومحاولة فتح الأسواق الافريقية الواعدة لصناعتنا ... كل هذه التوجهات وقع التخلي عنها.... ويحدثونك عن تواصل الدولة. حدث ولا تسل عن توقف كل مسعى لإعادة الروح لمشروع الأجيال وأقصد الاتحاد المغاربي الذي نعلم جميعا أنه من أوكد الضروريات لرخاء واستقرار المنطقة عموما وتونس خصوصا. حدث ولا تسل عن غيابنا الكلي حتى في أبسط مظاهر التضامن المعنوي مع أهلنا في فلسطين وسوريا ومصر واليمن وهم يناضلون ضد الاحتلال والاستبداد ويتخبطون في ويلات حروب ضارية تقتل الآلاف من الأبرياء وكأن الأمر لا يعنينا وكأن هذه المآسي تقع على كوكب آخر. الادهى والامر الضعف الكبير والتخبط في مقاربة المسالة الليبية. يجب ان اذكر هنا ان اخر اجتماع رسمي تم في تونس حول ليبيا بمشاركة جميع الاطراف الاقليمية كان تحت اشرافي في صيف 2014. وعملنا على التحضير لحوار بين مختلف الاطراف الليبية خلال وبعد ذلك. واعتبرت الملف الليبي دائما ملفا داخليا وليس خارجيا وكان أول نقطة في جدول أعمال مجالس الأمن القومي مع تواصل دائم بكل اطراف النزاع وهو الامر الذي مكننا من استعادة ديبلوماسيينا المختطفين. في المقابل لم نر انخراط هذه الفريق الحاكم جديا في هذا الملف وبقي التعامل مع الوضع فيها قاصرا على اجراءات امنية حدودية مؤقتة دون الانتباه لاولوية المقاربة السياسية والديبلوماسية. اما المفاوضات لوقف الحريق المهدد لبيتنا فقد كانت تقع في الصخيرات والقاهرة وروما ونيويورك. واحيي بهذه المناسبة الجهود الدولية والليبية القائمة لايجاد حل بين اخوتنا الليبين لحفظ وجود الدولة ومواجهة افة الارهاب التي تهددهم مثلما تهددنا. السؤال اليوم ليس لماذا اصبحت لنا مثل هذه الدبلوماسية بمثل هذا المستوى وانما هل لدينا توجهات ديبلوماسية تضمن المصالح العليا لتونس؟ أيها الاخوة والأخوات هذه الأزمات الثلاثة مترابطة ولا يمكن فهمها أو حلّها دون العودة إلى الأزمة المخفية بعناية التي تشكل أساسها واقصد الأزمة السياسية. الكلمات المفاتيح الثلاث في قاموسنا السياسي كانت ولا تزال الحوار ، المصالحة الوطنية ، الاستقرار. لكن أي مصالحة وطنية حققنا ؟ كنا ولا نزال مع تسوية تاريخية تنهي ماضي التباغض بين التونسيين وتفتح صفحة جديدة في علاقتهم ببعضهم البعض . وكما حدث في كل الدول التي مرت بتجارب شبيهة، الحل كان ولا يزال العدالة الانتقالية . لكن مفهوم الائتلاف الحاكم للمصالحة يبدو مختلفا . طيب ، لنفرض أنهم تصالحوا مع حفنة مع الفاسدين .ألا يدركون أنهم سيدخلون شرخا عميقا بين التونسيين والأغلبية ترفض التطبيع مع الفساد ؟ أي استقرار تبنيه سياسة الائتلاف الحاكم ؟ هل ثمة استقرار يبني على انتشار الشعور بالضيم نتيجة التصالح مع الفاسدين ؟ هل ثمة استقرار يبنى على توقف الآلة الاقتصادية . هل ثمة استقرار مبني على تجاهل المعارضة وتخوينها إن عارضت كما حصل الأمر مع قانون الارهاب . ماذا عن الحوار الذي أردناه منهجا في الحكم أي تقليدا متواصلا لا مرحلة عابرة نعود بعدها لإدارة الظهر لبعضنا البعض ؟ أين هذا الحوار وقانون المالية يُعتمد في غياب المعارضة وبكامل الاستخفاف بها ؟ أين الحوار والائتلاف الحاكم يفرض القوانين بمنطق الأغلبية العددية وهو ما رفضناه عندما كنا في الحكم ؟ الحقيقة المرّة أننا نمشي في طريق مسدود لا يبشّر بأي مستقبل للمليوني تونسي الذين يعيشون تحت خطّ الفقر ، للطبقة الوسطى التي تتآكل قدرتها الشرائية ، للعاطلين عن العمل ، للشباب ، للنساء العاملات في الحقول والمصانع ، للمربين للمثقفين ...لأغلبية شعبنا المثقل بالهموم. أيها الاخوة والأخوات اليوم من حقنا بل من واجبنا لعب دورنا الطبيعي كمعارضة اي التقييم النزيه لأداء السلطة والاعداد والاستعداد للتداول السلمي على المسؤولية. اسمحوا لي هنا أن أؤكّد على أننا نتعامل مع المشاكل الراهنة من داخل المنظومة التي بناها الدستور وإن محاسبتنا الصارمة ناجمة عن غيرتنا على هذا الدستور وعزمنا المستميت على الحفاظ عليه ....نحن متجذرون ومعتدلون في تناولنا لقضايا الشعب ...متجذرون في مطالبتنا بنهاية الفساد وبحق تونس في نظام ديمقراطي حقيقي يقطع مع الماضي ...معتدلون في تمسكنا بالوسائل السلمية والقانونية ....لا نستثني ولا نخوّن ولا نقاطع إلا المفسدين والذين أشهروا السلاح في وجه الجمهورية ...نحن معتدلون في جذريتنا ومتجذرون في اعتدالنا ...نحن من يفتح الطريق...نحن من يبحثون عن حلول للمشاكل ولسنا من طينة من يبحثون عن مشاكل للحلول . من هذا المنطلق نحن نتوجه للائتلاف الحاكم بطلب العودة إلى طاولة الحوار لبلورة إجماع وطني حقيقي واستراتيجيا متفق عليها في قضيتين محورتين لسلامة الدولة والمجتمع : الارهاب والفساد واتفاق استراتيجي ثالث يتعلق بتفعيل العدالة الانتقالية والتسريع بها بما هي الأداة الأساسية لتحقيق مصالحة وطنية غير مغشوشة وهذا ما سيعطينا الاستقرارالحقيقي الذي سيعيد الاستثمار ويبشر بالازدهار . وبالاضافة الى ذلك نحتاج الى التفاف وطني واسع لدعم الحوار الاجتماعي وتجاوز الانسداد الحاصل. نحن نتوجه للمعارضة وقد عزمنا على بناء حزب قويّ بالقول أننا لا ندعي أن هذا المشروع هو البديل عن كل المشاريع. نحن نؤمن بالتنافس النزيه ونعرف أيضا أهمية العمل المشترك. لذلك نحن نقترح تنسيقية تحافظ على شخصية كل إطار وتوحّد الجهود لنسرع في حلّ المشاكل التي يتخبط فيها الشعب .... لنكون نحن الطبقة السياسية جزءا من الحلّ لا مشكلا إضافيا . أيها الاخوة والأخوات يسألونكم ما الذي سيضيف الحراك إلى ساحة السياسية وهي تعجّ بالتنظيمات والبرامج والطموحات والأطماع ؟ نقول أن وضعنا اليوم نتيجة قصر الوقت والتخريب المقصود للنظام القديم لكنه ايضا نتيجة سياسات خاطئة اعتمدت منذ أربع سنوات لا أنفي مسؤوليتي فيها وأكرّر اعتذاري للشعب عن كل تقصير . على رأس هذا التقصير عدم الحسم في قضايا الفساد ومنوال التنمية ومطالب الشباب وعدم الاستماع لصرخة رجال الأعمال النزهاء اتركونا نعمل أي خلصونا من هذه البيروقراطية التي تعوقنا . لم نعطي للثقافة دورها المحوري ولم نستطع كطبقة سياسية الفوز بثقة واحترام الشعب . لكننا تعلمنا من كل هذه الأخطاء وهي التي نبني عليها اليوم نهجنا الجديد في العمل السياسي. سنسمع والشعب من يتكلم ... لن نعده إلا بما نحن قادرون عليه ... سنحمله مسؤوليته هو الآخر "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (صدق الله العظيم) . هذه الأخطاء والتجارب الثرية هي التي سنبني عليها برنامجا للحكم سيقرّه المؤتمر الأول للحراك وعندما يأتي زمن الاحتكام مجددا للشعب والتداول السلمي على السلطة فإن القوى الجبارة التي نريد للحراك والقوى الوطنية الأخرى تأطيرها ، ستجعل تونس تنهض من عثرتها لتتدارك الزمان الضائع، لتتقدم بخطوات حثيثة على الطريق الموصل إلى تحقيق أهداف ثورة الحرية والكرامة . وهنا علينا مواجهة عدد من الورشات الكبرى لاصلاح الاوضاع في البلاد سنذكر بعضها. اذ نعتبر ان مكافحة الفقر والبطالة على رأس اولويات مشروعنا الاجتماعي وكنا شرعنا بين سنتي 2013 و2014 في تجريب رؤية في التنمية الاجتماعية عبر الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني نعتبر انها تمثل صيغة تجدد في الطرح الاقتصادي للمشكل العويص للتشغيل... وفي موضوع الانتخابات البلدية والحكم المحلي كنا اول من دعونا حتى قبل انتخابات 2011 للاسراع بانتخابات محلية وبلدية لكن بقية القوى السياسية تجاهلت الموضوع رغم ان الجميع يوافق ان احد اهم عوائق التنمية هو الحكم التشاركي والتدخل المفرط للدولة المركزية.. وقمنا في رئاسة الجمهورية بدراسة لوضع مقاربة في تنفيذ الحكم المحلي والاقليمي.... وهو ما تم تضمينه بوضوح في الدستور.... المشكل الان أن قانون الانتخابات المحلية لا يستجيب في رأينا لضرورات الحكم التشاركي... اذ مازالت صلاحيات البلديات ضعيفة وغير مطابقة للدستور... وفي التنمية المستديمة وضعنا مقاربة في احترام الخصوصيات الطبيعية لكل بلدية واخذ القرار المتعلق بجودة الحياة والتشجير ولامركزية القرار في تصريف القمامة والرسكلة وتمكين المؤسسات الصغرى والمتوسطة من حوافز لامركزية في التنمية المستديمة ومشاريع الطاقات المتجددة والرسكلة. وكنا دافعنا باستمرار على دور اقوى لقطاع الفلاحة وتثمين قدراتنا بما في ذلك بذورنا لضمان امننا الغذائي فهذا قطاع يتم تهميشه رغم انه قيمة ثابتة فزيت الزيتون هو الذي قلل من الخسائر الاقتصادية هذا العام... لكن لا يجب ترك وضع الفلاحة والغلاحين في وضع جامد بساهمون في الانقاذ ولا يحظون بدعم الدولة... وهنا اساند مطالب الاتحادات الفلاحية لان ينال الفلاحون دعما حقيقيا خاصة في خلاص القروض... ومن الواضح ان قطاع الطاقة يمثل احد اهم مصادر العجز في الميزانية ومن ثمة الحاجة للقروض... وعليه نعتقد انه من الضروري اصلاح هذا القطاع بشكل جذري وذلك بوضع قانون يمنع تضارب المصالح ومستوى عال من الشفافيّة يفرض على شركات النفط و الغاز نشر جميع معاملاتها… لكن يبقى اهم هدف هو تحقيق انتقال طاقي اي من الطاقة التقليدية الى الطاقات المتجددة ونقترح ان يتم ذلك بصندوق الانتقال الطاقي الدي يجب تخصيصه لتشجيع الادخار التونسي و الصناعة التونسيّة و التشغيل التونسي. كما لا يمكن ان نفكر في التنمية بدون الشروع بشكل حاسم في اصلاح الاراضي والملكيات العقارية فمن المعروف ان من بين اكبر عوائق التنمية الجهوية تعقد وضعية الملكيات العقارية وقد اشرفنا خلال تراس الدولة على وثيقة لاصلاح الشأن العقاري عبر مشروع قانون واجراءات محددة ويمكن ان نحقق دلك في ظرف خمس سنوات وبدون هدا الاصلاح فان اي مخططات للتنمية ستبقى قاصرة لكن الظرفي والآني والمستعجل على ضرورته وأهميته لا يجب أن يغفل عنا أن ما نعانيه اليوم من فقر وبطالة وأمية وما عانينا من استبداد وفساد نتيجة سياسات خاطئة وحتى مجرمة اتبعت منذ خمسين سنة ومن ثمة ضرورة أن يكون لنا أيضا خطة للخمسين سنة المقبلة إنه مشروع تونس 2065 شعب المواطنين أيها الاخوة والأخوات عشنا آلاف السنين شعبا من الرعايا وعشنا الخمسين سنة الأخيرة شعبا من المواطنين بالاسم بلا ارادة حقيقية ونريد ألا نصل الخمسين سنة المقبلة إلا ونحن شعب من المواطنين أي شعب تحصّل جلّ أفراده على حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ......شعب ليس فيه عامة ونخبة لأنه كل نخبة ...شعب لا يفرّق بين حقوقه ومسؤولياته ...شعب رايته القيم والعلم والعمل ... شعب ليس بحاجة لقائد أو منقذ لأن القائد والمنقذ القيم القانون . هذا الحلم لن يتحقق بمجرّد وضع مؤسسات ولو كانت ديمقراطية وتنمية الانتاج المادي وعدل توزيعه . شعب المواطنين لن يتحقق إلا بثورة في التعليم ،في الاعلام ،في الثقافة ومنها الثقافة الدينية .وهذه الثورات لا تأتي أكلها في تغيير العقليات إلا بعد عقود لذلك أقول برنامج تونس 2065 يبدأ اليوم واقول للمربين والإعلاميين والمثقفين من روائيين وسينمائين ومسرحيين وناشرين وفنانين أنتم العمود الفقري لشعب المواطنين تعالوا نؤسس معا لهذا المشروع العظيم ، تعالوا بأفكاركم ، بأحلامكم لنصنع واقعا جميلا للأجيال المقبلة ليقولوا عنا ما نقوله عن أجدادنا بفخر وامتنان : زرعوا فأكلنا نزرع فيأكلون . أيها المواطنون والمواطنات إذا وضعنا أمامنا قائمة المشاكل التي تنغّص علينا حياتنا من إرهاب وفساد وفقر وظلم وجهل وتضليل وتزييف وكسل وتواكل وخيبة أمل الخ فإننا نستطيع أن ننظر إليها بنظرتين مختلفتين . إما أن نرى فيها قائمة نواقصنا ...عيوبنا ... اخفاقاتنا ، فتنهار معنوياتنا ونكره أنفسنا والآخرين فلا نزيد الطين إلا بلة . وإما أن نرى فيها قائمة مشاكل للحلّ تستفزّ فينا طاقات الذكاء ...تحديات تستفزّ فينا حبّ رفعها ...صعوبات تشحذ عزيمتنا ... معارك جديدة نستبق فيها بتجنيد كل إرادتنا نشوة النصر. بهذه العقلية الأخيرة ...عقلية الرواد والشجعان والمؤمنين والواثقين من أنفسهم ، أريدكم أن تنظروا إلى المستقبل وأنتم تبنون هياكل الحراك وتتواصلون مع ابناء شعبنا وتبذرون في كل مكان بذور شعب المواطنين. وعلى بركة الله اليوم نعلن اليوم معكم... وبكم... ومن أجل تواصل مسيرة شعبنا تأسيس حراك تونس الارادة. ختاما ....تقبلوا مني هذه الهدية أهديها إلى كل واحدة وواحدة وعبركم إلى كل أبناء وبنات الوطن... قصيدة ترجمتها بعد اكتشافي لها بالصدفة في قرءآتي ... وجدت فيها نفسي وأنا على ثقة أنكم ستجدون فيها أنفسكم . يقول الشاعر المجهول طلبت القوة من الله فأعطاني الصعوبات لأقوى طلبت العلم فأعطاني مشاكل للحلّ طلبت الرخاء فأعطاني عضلات للعمل طلبت قدرة الطيران فأعطاني عقبات أتسلقها طلبت الحبّ فأعطاني كائنات بحاجة إلى حبي طلبت امتيازات فأعطاني مواهب لم أحصل على أي شيء مما طلبت لكنني تحصّلت على كل ما أحتاج.'' أيها المواطنون والمواطنات مؤسسي واعضاء وانصار حراك تونس الارادة إلى الأمل وإلى العمل والإرادة إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر تحيا تونس تحيا الجمهورية المجد والخلود للشهداء