نزولا عند رغبة العديد من قرائنا ننشر قصائد الشاعر محمود درويش المبرمجة في اطار قرارنا بتكريمه بعد وفاته في صفحة خاصة به وذلك نظرا لطبيعة قصائد هذا الرجل من حيث الاخراج والحجم حيث اضطررنا في مرات سابقة الى نشر بعض هذه القصائد على مرات وبالمناسبة نطلب من السادة القراء ممن لهم قصائد نادرة للشاعر أن يوافونا بها حتى ننشرها تعميما للفائدة. قال المغني هكذا يكبرُ الشجرْ ويذوب الحصى.. رويدًا رويدًا من خرير النهر! المغني، على طريق المدينهْ ساهرُ اللحن.. كالسهرْ قال للريح في ضجرْ: دمّريني مادمتِ أنتِ حياتي مثلما يدّعي القدر ... واشربيني نخب انتصار الرفاتِ هكذا ينزل المطر يا شفاه المدينة المعلونهْ! أبعَدُوا عنه سامعيهْ والسكارى.. وقيّدوه ورموهُ في غرفة التوقيفِ شتموا أمّه، وأمّ أبيه والمغني.. يتغنّى بشَعر شمس الخريفِ يضمدُ الجرح.. بالوترْ! المغني على صليب الألمْ جرحُه ساطع كنجمْ قال للناس حوله كلّ شيء.. سوى الندم: هكذا متُّ واقفا! واقفا متُّ كالشجر! هكذا يصبح الصليبْ منبرًا.. أو عصا نَغمْ ومساميره.. وتر! هكذا ينزل المطرْ هكذا يكبر الشجر صوت وسوط لو كان لي برجٌ، حبست البرق في جيبي وأطفأتُ السحابْ.. لو كان لي في البحر أشرعةٌ، أخذتُ الموج والإعصار في كفّي ونوّمت العبابْ.. لو كان عندي سلّمٌ، لغرستُ فوقَ الشمس رايتي التي اهترأتْ على الأرض الخراب.. لو كان لي فرسٌ، تركت عنانها ولجمتُ حُوذيّ الريح على الهضابْ.. لو كان لي حقل ومحراثٌ، زرعت القلب والأشعارَ في بطن التراب.. لو كان لي عودٌ، ملأتُ الصمت أسئلةً ملحّنةً، وسلّيتُ الصحاب.. لو كان لي قدمٌ، مشيتُُ.. مشيتُ حتى الموت منْ غاب لغاب.. لو كان لي.. حتى صليبي ليسَ لي، إنّي له، حتى العذاب! ماذا تبقّى أيّها المحكوم؟ إنّ الليل خيّم مرّة أُخرى.. وتهتفُ: لا أهاب؟! ياسيداتي.. سادتي! يا شامخين على الحرابْ! الساق تقطع.. والرقاب والقلبُ يُطفأ لو أردتم والسحابْ.. يمشي على أقدامكم.. والعينُ تُسمل، والهضابْ تنهار لو صحتم بها ودمي المملّح بالترابْ! إن جفّ كرمكم، يصير إلى شرابْ! والنيل يسكب في الفرات، إذا أردتم، والغرابْ.. لو شئتم.. في الليل شاب! لكنّ صوتي صاح يومًا: لا أهابْ فلتجلدوه إذا استطعتم.. واركضوا خلف الصدى مادام يهتف: لا أهابْ! أغاني الأسير ملوّحةً، يا مناديل حبّي عليك السلامْ! تقولين أكثر ممّا يقول هديل الحمام وأكثر من دمعةٍ خلف جفن.. ينام على حُلُمِ هاربِ! مفتّحة، يا شبابيك حبّي تمرُّ المدينة أمامك، عرس طغاة ومرثاة أمّ حزينة وخلف الستائر، أقمارنا بقايا عفونه وزنزانتي.. موصده! ملوّثة، يا كؤوس الطفولة بطعم الكهولهْ شربنا، شربنا على غفلة من شفاه الظماءِ وقلنا: نخاف على شفتينا نخاف الندى.. والصدأ! وجلستنا، كالزمان، بخيله وبيني بينكِ نهر الدمِ معلّقة، يا عيون الحبيبه على حبل نورٍ تكسّر من مقلتينْ ألا تعلمين بني أسير اثنتين؟ جناحاي: أنت وحريّتي تنامان خلف الضفاف الغريبه أحبُّكما، هكذا، توأمين! ولادة كانت أشجار التينْ وأبوكَ.. وكوخ الطين وعيون الفلاحين تبكي في تشرين! المولود صبي ثالثهم.. والثدي شحيحْ والريحْ ذرّت أوراق التينْ! حزنتْ قارئةُ الرملِ ورَوَتْ لي، همسا، هذا الغصنُ حزينْ! يا أمي جاوزت العشرين فدعي الهمَّ، ونامي! إن قصفتْ عاصفة في تشرين.. ثالثهم.. فجذور التين راسخة في الصخر.. وفي الطين تعطيك غصونًا أُخرى..