سنّت الدولة التونسية منذ الاستقلال على تحرير المرأة التونسية العديد من التشريعات التي تكرس مبدأ المساواة بين الجنسين وتضمن حقوق المرأة وحمايتها من كل أشكال العنف الجسدي والمعنوي. وفي المقابل تنامت الأعمال الدرامية والبرامج التلفزية المسيئة لصورة المرأة التونسية والمختصة في استخدام المرأة أداة تجارية وترويجية والغاية من ذلك تحقيق نسب مشاهدة عالية هو الهدف الأسمى. وأدّى هذا التوجه الإعلامي إلى التطبيع مع الرداءة ومواجهة من يرفضه بشعارات الحرية الفردية والحداثة. وقد أدان الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، في بيان، "تشويه صورة النساء في جانب من المشهد الإعلامي السمعي البصري والاعتماد على صورتها للدفع نحو تحقيق نسبة مشاهدة عالية بتصميمها لغايات تجارية بحته خاضعة لمنطق السوق والإشهار والمادة والربح". واعتبر الاتحاد، أن هذه الصورة الطاغية والمروّجة في بعض وسائل الإعلام سواء في المشهد الدرامي أو الإعلانات أو البرامج التلفزية، في أغلبها لا تتفاعل مع السياق السياسي والاجتماعي والثقافي والواقعي للمرأة ولا تثمّن ما حقّقته وتحقّقه النساء يوميا من نجاحات وانتصارات ولا تعكس صورة المرأة التونسية الحقيقية. واعتبرت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي، في تصريح إذاعي، أن بعض وسائل الإعلام تتعمد تقديم المرأة في هيئة سلعة واصفة الأمر بالمؤلم للغاية مضيفة بأن هذا الأمر قد يكون بسبب محدودية المجهودات التي بذلت في هذا الإطار. تجدر الإشارة إلى أن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ومركز المرأة العربية للتدريب والبحوث (كوثر)، ونقابة الصحافيين التونسيين أعدّوا وثيقة توجيهيّة لمعالجة قضايا النوع الاجتماعي في الإعلام التونسي، تنص أنه على وسائل الإعلام الابتعاد عن تقديم صورة نمطية للمرأة تكرس الدونيّة أو تشجّع على العنف ضدها. وتضمنت الوثيقة التوجيهية حزمةً من المبادئ التي يجب على الصحافيين مراعاتها، في مقدمتها الابتعاد على تنميط صورتها بما يكرس الدونية أو يبرر أي من أشكال العنف ضدها. وأوردت المنظمات مقتضيات متعلقة بضرورة حماية النساء ضحايا العنف والالتزام بأخلاقيات المهنة واحترام مصلحة الطفلة الفضلى عندما يقتضي العمل التعرض لقصص قاصرات. ويلتزم الصحافيون، وفق ما ورد في الوثيقة التي صيغت بشكل توافقي بين المنظمات المذكورة، بتبني قضايا التمكين الاقتصادي للمرأة ومناهضة جميع أشكال العنف المسلط عليها. كما تشدد على ضرورة الحرص على ضمان تمثيلية وجود المرأة في المنابر الإعلامية وتوفير حظوظ متساوية لها من أجل الإدلاء برأيها وتقديم إسهاماتها في الشأن العام المحلي والوطني. لكنّ أغلب المنشطين في البرامج "الترفيهية" والمسابقات التلفزية لا يلتزمون بهذا الميثاق، ويراعون فقط الهدف الربحي الذي تحققه برامجهم.