يترقّب الشارع في تونس ما سيؤول إليه تلويح الرئيس قيس سعيد، بعدم قبول بعض الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية على سير مؤسسات الحكم، تزامن ذلك مع تشديد الخبراء والمختصين في القانون الدستوري على إنه للرئيس سلطة مقيدة ولا يمكن له رفض أداء الوزراء لليمين الدستورية. وفي هذا السياق، اكدت استاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي ان السلطة المانحة للثقة هي البرلمان، ولا يملك الرئيس سلطة الاعتراض، اذ ان نص الدستور في الفصل 89 يشير إلى "كلمة يؤدي رئيس الحكومة وأعضائها أمام رئيس الجمهورية اليمين" والجملة وردت في معناها بصيغة الأمر". ولكن المأزق يكمن في احتمال اعتراض الرئيس ومن ثم ذهاب نواب البرلمان إلى تقديم لائحة لوم ضد الرئيس لارتكابه خرقا "جسيما للدستور" ما يعني فرضية العزل، وهي خطوة تحدث عنها النواب علنا في مداخلاتهم في جلسة منح الثقة في البرلمان. وأكدت القليبي في تصريح لاذاعة "موزاييك" اليوم الاثنين أنّه قبل أداء الوزراء الجدد في حكومة هشام المشيشي اليمين باعتباره إجراء ضروريّا، يجب على رئيس الجمهورية تسمية الوزراء في خططهم. وقالت إنّ الفصل 89 يضبط أن تكون التسمية "فورا" بعد نيل الثقة من البرلمان وتكون خلال 48 ساعة على أقصى تقدير، مشيرة إلى انّه من غير المقبول أن لا يقع تنظيم موكب أداء اليمين لأن ذلك سيتسبب في تعطل دواليب الدولة. ولفتت القليبي إلى أن المفروض أن يكون موكب أداء اليمين في غضون أسبوع أو عشرة أيام منذ جلسة نيل الثقة في البرلمان. وشددت أستاذة القانون الدستوري على أن الإشكال اليوم ليس قانونيا بل سياسيّا بالأساس لوجود خلاف بين فاعلين سياسيين أي بين الأغلبية البرلمانية ورئيس الحكومة من جهة ورئيس الجمهورية من جهة ثانية، معتبرة أن الحلّ ليس في إيجاد تأويلات دستورية بل من الضروري إنهاء هذه الخلافات. و قبل اسبوع، منح البرلمان الثقة ل11 وزيرا شملهم التعديل الحكومي رغم اعتراض الرئيس قيس سعيد على عدد منهم قبل يوم في اجتماع غلب عليه التوتر بمجلس الأمن القومي، بدعوى وجود شبهات فساد تحوم حولهم. وقال الرئيس سعيد، إن إجراءات منح الثقة للحكومة شابها خرق للدستور وأن أداء اليمين الدستورية ليس مجرد إجراء شكلي وأنه لن يسمح لبعض الوزراء بأداء اليمين. وفي تحد لموقف رئيس الجمهورية قيس سعيد، اعتبر رئيس الحكومة هشام المشيشي امس الاثنين خلال زيارته، للمقر الرسمي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن أداء الوزراء الحاصلين على ثقة البرلمان، لليمين الدستورية بات مسألة وقت، مضيفا "سيتم إجراء اللازم لممارسة الوزراء الجدد مهامهم". وأوضح أكثر بقوله "نحن الآن في مسار دستوري وتوجد صلاحيات دستورية واضحة والمسألة هي مسألة وقت، خاصة في هذا الظرف الاقتصادي والصحي الصعب وغير ممكن البقاء بوزراء لم يباشروا مهامهم". ولوّح النائب عن قلب تونس عياض اللومي بفرضية توجّه البرلمان نحو عزل رئيس الجمهورية إذا تشبث بموقفه ورفض أن يؤدي الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمامه، معتبرا أن ذلك يرتقي لدرجة "الخطأ الجسيم" الموجب لهذا الإجراء وفق مقتضيات الفصل 88 من الدستور. وأكد اللومي في تصريح "للجزيرة نت" أن الطرح الذي قدمه لا يعكس موقفا شخصيا من الرئيس، بل جاء على لسان كبار أساتذة القانون الدستوري في تونس على غرار عياض بن عاشور ومنى كريم وكمال بن مسعود. وحث اللومي بالمقابل رئيس الجمهورية على تجاوز الخلافات، وفتح قنوات الحوار مع البرلمان ورئاسة الحكومة، وعدم تعطيل عمل الوزراء في ظل ظرف سياسي واقتصادي ووبائي متأزم. وحول تلويح بعض نواب البرلمان بالذهاب نحو عزل رئيس الجمهورية، اعتبر النائب عن حركة النهضة محمد القوماني أن الأمر لا يتعدى كونه فرضية دستورية، لكنه استبعد بالمقابل اللجوء إليها في ظل غياب المحكمة الدستورية، وفق قوله. وتابع "يمكن للوزراء أن يتسلموا مهامهم حتى وإن لم يؤدوا اليمين بصرف النظر عن موقف رئيس الجمهورية". ودعا القوماني الرئاسات الثلاث للتعقل وتنقية الأجواء السياسية وتجنيب البلاد أزمة دستورية وسياسية تنضاف للأزمات الاقتصادية والاجتماعية والوبائية التي ترزح تحتها البلاد والشعب. وفي 16جانفي الماضي، أجرى المشيشي تعديلا وزاريا شمل 11 حقيبة من أصل 25، بينها العدل والداخلية، وصادق البرلمان، الثلاثاء الماضي، على التعديل بالأغلبية المطلقة، غير أن سعيد لم يوجه للوزراء الجدد بعد، دعوة لأداء اليمين.