اعتبر رامي الصالحي، مدير مكتب المغرب العربي للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، أنّ قيس سعيد استغل ظروف عدم الاستقرار السياسي منذ 2011 والاضطرابات الاجتماعية، لزيادة تأجيج الرأي العام وتحريضه ضد السياسيين والبرلمانيين والقضاة ورجال الأعمال ووسائل الإعلام، وتوجه إلى اتخاذ قرارات من جانب واحد نيابة عن الأمة. وأشار الصالحي في مقال نشره بمجلة "نيوز ويك" الأمريكية، إلى أنّ أنصار سعيّد أعدّوا ليوم 25 جويلية منذ جانفي 2021 بتحركات أولى، وانخرطوا طيلة سبعة أشهر في الحشد والتعبئة على منصات التواصل الاجتماعي وخرجوا للتظاهر يوم 25 جويلية في مختلف الولايات وأمام البرلمان في العاصمة تونس، دون ان يتجاوز عددهم بضعة آلاف. وتوّج ذلك ب"انقلاب واضح على الدستور والمؤسسات السياسية الشرعية" من قبل قيس سعيد. ورغم أنّ قرارات 25 جويلية رحبت بها شرائح كبيرة من المجتمع التونسي، لكن النتيجة، حسب الصالح، كانت شلل الأطراف السياسية والمنظمات الوطنية، وسرعان ما تطور الأمر إلى خوف وطني وعدم يقين. وذلك بعد أن انتشرت الدبابات أمام مجلس النواب وقصر الحكومة، ومنع رئيس مجلس النواب وأعضاء مجلس الوزراء وأعضاء مجلس الوزراء من دخول أماكن عملهم. وفرض حظر وقيود على سفر رجال الأعمال والقضاة والسياسيين والوزراء والبرلمانيين وكبار الكوادر في الإدارة، فضلا عن مئات المواطنين العاديين، بالإضافة إلى وضع حوالي 50 شخصية عامة رهن الإقامة الجبرية وإحالة مدنيين إلى المحكمة العسكرية. ثم بدأ الخطاب الشعبوي وترهيب المعارضين، بتعابير مثل الخونة والعملاء تتسلل إلى خطابات قيس سعيد. ويرى الكاتب أنّ "تونس تقف اليوم عند مفترق طرق خطير للغاية وفي وضع مالي واقتصادي واجتماعي يمكن أن ينهار، مما يهدد تماسك الدولة ذاته. فبعد أن ظلّت البلاد دون حكومة أو برلمان منذ ما يقرب من شهرين، أعلن سعيّد في 22 سبتمبر تجميد البرلمان إلى أجل غير مسمى، ومواصلة السيطرة على جميع السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية) وأنه سيحكم بمرسوم ويتجاهل أجزاء من الدستور بينما يستعد. لتغيير النظام السياسي". ووصف رامي الصالحي توجه قيس سعيد بأنّه "ضربة ضد المبادئ والقيم الأساسية للجمهورية التونسية، تهدد بإقامة حكم فردي دون منازع". ودعا إلى توحيد كل الجهود المحلية والدولية لدعم تونسمالياً واقتصاديا، والدفاع عن ديمقراطيتها وحماية أسس الجمهورية ذاتها، قبل فوات الأوان، حسب تعبيره. وقال الصالحي إن أفعال سعيّد "لا تضر فقط باستقرار تونس وأمنها، بل تؤدي إلى مزيد من الارتباك الوطني وإمكانية زيادة العنف، وسيكون لها أيضًا تداعيات إقليمية". وحثّ ممثلي المجتمع التونسي والمجتمع الدولي على دعوة قيس سعيّد إلى التراجع عن إجراءاته الخطيرة، واستعادة توازن القوى في تونس، وإنهاء الطريق إلى الاستبداد. وقال الصالح إنّه "يجب على سعيد إنهاء تهميش وإقصاء الجماعات السياسية التونسية من عملية صنع القرار في البلاد. ويجب أن يكون حل الأزمة الحالية في تونس حلًا تونسيًا داخليا، مبنيا على التشاور الديمقراطي بين الأطراف الوطنية التونسية، سواء أكانت أحزابًا أو نقابات أو منظمات مجتمع مدني". وشدّد الكاتب على أنّ التدهور الذي شهدته تونس يستدعي حوارا ديمقراطيا واسعا وشاملا يضم كافة القوى الوطنية. وأنّه يجب على جميع المعنيين أن يفهموا أن نتائج هذا الحوار الديمقراطي ستكون ملزمة للجميع، سواء فيما يتعلق بإعادة تنشيط البرلمان، وتعيين الحكومة، وإصلاح النظامين السياسي والانتخابي، ووضع خارطة طريق دقيقة للمرحلة التالية بما في ذلك الانتخابات. وهذا الحوار يجب أن تحظى نتائجه بدعم حقيقي من أصدقاء تونس الدوليين الذين يشاركونها قيم الديمقراطية وسيادة القانون وشرعية المؤسسات واحترام حقوق الإنسان والحريات.