_لقد مرّت تونس بمراحل صعبة بعد انتخابات 23 اكتوبر تكاد تكون اخطر بتونس و بشعبها ممّا قبل . منذ الإعلان عن نتائج الإنتخابات و إفراز الصناديق للأغلبيّة الإسلامية، انطلقت معاول الهدم و أيادي الغدر في ارباك الوضع و تشنيج الأوضاع الامنية و السياسية و الاجتماعية . و من أهمّ مظاهر السوء التي ميّزت الوضع بعد 23 اكتوبر انقسام النخبة السياسية و طغيان الحمولة الايديولوجية الزائدة و تشرذم شباب الثورة . جميع هذه السلبيات مهدت لظهور الارهاب الذي هدد حياة الساسة و الشعب و جعل من تونس في فترة ما تعيش تحت الضغط و الخوف غير المألوف . و باعتبار حركة النهضة هي المستهدفة اساسا من هذا الارباك لصفتها الاسلامية و حصولها على اكبر نسبة من الاصوات في اول محطة انتخابية ديمقراطية، كما أنها حزب كبير و مسؤول، اختارت الانحياز الى الامن الشعبي و السلم الاجتماعي على حساب الفوضى و التحارب السّياسي باسم الثورة أو الدين أو الحزب . لقد كان شعار النهضة في هذه المرحلة هو – التلطّف- بالشعب و بالوطن الذي لا يطيق و لا يحتمل الكثير من العنف السياسي والتطرف الايديولوجي. يمكن أن تكون خيارات النهضة متناقضة في ظاهرها مع خيارات الشباب و القوى الثورية التي ارادت خوض معركة شرسة و مباشرة مع المنظومة السابقة و شبكات الفساد السياسي و الاجتماعي. و لكن تقديرات النهضة كانت تشير الى عدم تحمّل الوطن و الشعب مثل هذه المعارك خاصة اذا تسببت في المسّ من امن الناس وقوت يومها. وجدت حركة النهضة نفسها بين خيارين لايخلوا كلامهما من كلفة و ثمن. احدهما كلفته الدماء و المجهول التي تؤدي على الارجح لخسارة كل الثورة و العديد من مكاسب الوطن و الاخر ثمنه بعض التنازلات في مقابل سلم وطني و ثورة تتقدم بخطى ثقيلة… و لكنها تتقدّم .. فعلا هي تنازلات في ظاهرها الضّعف و في باطنها القوّة و السّداد، لأنّها فوّتت الفرصة على المتربّصين بالثورة و الوطن ليغتالوا ما تبقى من حلم الصادقين في حياة افضل و ووطن ارحم و اعدل . صبرا يا شباب الثورة و سيروا على قدر ضعفائكم من ابناء وطنكم، أو سينقلبوا ضدّكم لاعتبارات بيولوجية بحتة .. خليل التونسي