دعوة أصحاب المساكن المقامة على ملك الدولة إلى تسوية وضعياتهم..#خبر_عاجل    52 شهيداً في اعتداءات إسرائيلية على مختلف مناطق غزة منذ فجر اليوم    فرصة ما تتعوضش: الدولة تلغي الخطايا وتسهّل الخلاص في عفو 2025    البريد التونسي يصدر 4 طوابع بريدية اليوم الثلاثاء يحتفي من خلالها بحرفتي الجلد والخشب    الحماية المدنية : إطفاء 147 حريقا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    مقتل 8 وإصابة آخرين في هجوم بمدرسة في النمسا    عاجل/ آخر مستجدات أخبار قافلة الصمود المتجهة لمعبر رفح..    العرض الأول لفيلم "من المسافة صفر" يوم 12 جوان بمدينة الثقافة بتونس العاصمة    العرض الأول لفيلم "من المسافة صفر" يوم 12 جوان بمدينة الثقافة بتونس العاصمة    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    كثرة النوم مش كسل! علامات تحذيرية قد تشير لمرض خفي    ماء الكليماتيزور: كنز في دارك وإنت ماكش منتبه!    أضرار صراصير المطبخ وكيفاش تحمي دارك منها    عاجل/ وزارة الصحة تُحذّر المواطنين من منتج خطير ل "إذابة الدهون"…    عاجل : أخبار سارة من شركة '' كرومبرغ وشوبرت '' باجة!    ماكنتوش تحطم رقم هوسو القياسي العالمي في سباق 200 متر فردي متنوع    القارة الأفريقية تفخر بنجمين أسطوريين في كأس العالم للأندية    لينغليه يفسخ عقده مع برشلونة بالتراضي ويوجه بوصلته نحو هذا الفريق    مباراتان دوليتان وديتان للمنتخب الوطني أقل من 16عاما    سكالوني: الأرجنتين لا تعتمد بشكل كبير على ميسي    100٪ من الحجيج التونسيين أدّوا عرفة لأول مرة في تاريخ البعثات    عاجل/ فاجعة بهذه الجهة…وهذه حصيلة القتلى والجرحى..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..الحرارة تصل الى 41 درجة..    النائب عبد القادر بن زينب يدعو إلى هيكلة وزارة الفلاحة وتحقيق في صفقات مشبوهة في شركة اللحوم    شركات التأمين''تدفع'' نصف مليار دينار للتوانسة في 3 شهور!    رئيس الجمهورية يتعرّض إلى إيجاد حلول لتمويل الصناديق الاجتماعية في تونس لدى استقباله وزير الشؤون الاجتماعية    عاجل/ خلال لقائه وزيرة المالية: رئيس الجمهورية يسدي هذه التعليمات..    سير عمل المؤسسات العمومية: أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة برئيسة الحكومة..    أهالي زوارة الليبية يشحنون سيّارات قافلة الصمود بالوقود مجانا..    احتجاجات ومواجهات في لوس أنجلوس بسبب ترحيل المهاجرين    قوات الاحتلال تعتزم ترحيل غريتا تونبرغ وفريقها بعد اعتراض سفينة "مادلين"    التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026: فوز إيطاليا على مولدافيا 2-0    الدكتور الجراح محمد علي شوشان: كفاءة تونسية تعود من بريطانيا وفرنسا لتُحدث فرقاً في تطاوين    الإسلام الأسرع نمواً في العالم بين 2010 و2020 بفضل التركيبة السكانية الشابة    استعدادات كبيرة في المدن الليبية لاستقبال قافلة "الصمود" المتجهة إلى غزة    ليييا.. دعوى جنائية ضد عناصر من "الأمن المركزي" و"دعم الاستقرار"    زوجة المسرحي علي مصباح ل«الشروق» زوجي تعرّض إلى الهرسلة والتهديدات وحُرِم من تحقيق أمنيته    المهدية... كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة المكلّف بالمياه...وضعيّة التزوّد بمياه الشُّرب ستكون أفضل هذه الصّائفة    أولا وأخيرا: عصفور المرزوقي    المركب الثقافي ابن منظور قفصة.. اختتام الدورة 22 لندوة القصة القصيرة المغاربية    الليلة: طقس صاف والحرارة تتراوح بين 21 و32 درجة    عاجل/ يهم هؤولاء التلاميذ: وزارة التربية توجه نداء هام للاولياء..    حجّاج بيت الله يؤدّون طواف الوداع    القيروان: إقرار خطة جهوية لحماية الحقول من الحرائق وخزن صابة الحبوب    حفوز: قتيلان و3 جرحى حصيلة حادث مرور    دار الفنون تحتضن المعرض الوطني للفن التشكيلي    رونالدو يرد بقوة: لن أرحل عن النصر.. وهذا قراري النهائي!    "سيني جنينة" من 11 جوان إلى 16 جويلية 2025 بتونس العاصمة    جمعية مسرح المدينة بجمنة تستعد لتنظيم إقامات فنية لتأطير المشاريع الثقافية للشباب من تونس والمغرب والسنغال في المجال السمعي البصري    في آخر أيام الحج.. ضيوف الرحمان يرمون الجمرات الثلاث    خبير مالي: إرجاء اصدار أقساط القرض الرقاعي قد يمكن من نزول نسبة الفائدة في الاشهر القادمة    تصنيف لاعبات التنس المحترفات - انس جابر تتقهقر الى المركز 59    الكاف: تجميع 53700 قنطار من الشعير منذ انطلاق موسم الحصاد    عاجل/ ملف الأضاحي: الكشف عن تجاوزات خطيرة والدعوة للتحقيق والمحاسبة    مفاجأة بالأرقام : قطاع المياه المعلبة في تونس يُنتج 3 مليارات لتر سنويًا    عاجل : موسم حج 1446ه آخر موسم صيفي ...تفاصيل لا تفوّتها    وزير التربية يتابع سير العمل بمركزي إصلاح امتحان البكالوريا بولاية سوسة    جائزة محمود درويش تضيء على إرث الصغير أولاد أحمد وشعر المقاومة    









ثورة 14 جانفي بين كابوس العقيدة والتطلّع إلى الإنجاز
نشر في الشعب يوم 24 - 09 - 2011

هناك رهط من الناشطين في الشأن السياسي وضعوا صراحة استراتيجية عنوانها: الوطن الغنيمة والمواطن الرهينة ووفّروا لهذا الغرض تكتيكات تجمع بين الإعتصامات المخرّبة للإنتاج و قطع الطرق بأكثر من معنى و المساهمة النشيطة و الفعّالة في توفير كلّ الأجواء الملاءمة لعودة اللصوصية و الإعتداء على أرزاق وأمن النّاس، ونشر هواجس الرعب الشامل مُقدّمةً لتحويل الوضع ببلادنا إلى حالة صومالية او افغانية، او ما شابههما.
إنّ هذا الرهط للأسف الشديد ليس فئة محسوبة على جماعةبعينيها و إنّما هو معسكر ينتمي الى الأقصى يمينا و يسارا تفصُل بينهما ظاهريا بينهما كلّ مسافات الدنيا وجودا واقتصادا واجتماعا وسياسة وتُقرّب بينهما العقيدة المطلقة وغير القابلة للاختراق، فالثورة ثورتهم والوطن غنيمتهم والشعب رهينتهم، إنهم في مملكة عقيدتهم لا يسمعون تحفّظ متحفّظ، ولا يقبلون لوم لائم، والمختلف بالنسبة اليهم كافر او خائن او ملتفّ او كلّها جميعا. ويعلنون كلّ يوم وفي كلّ مناسبة أنّهم وحدهم لا شريك لهم مؤمّنون على حماية أهداف الثورة، استكمالا أو انجازا من جديد، وما على جماهير الشعب الاّ أن تصطف وراءهم فهم »الراعي« وهي »الرعية«، امّا عن الخلط الفظيع بين المجالات والمقامات والادوات فحدّث ولا حرج الدولة عندهم تتماهى مع الحكومة ومع العائلة ومع شرطي المرور وشهادات النضالية و الثورية يوزّعونها و ينسبونها وفقا لمقاييس الولاء والطاعة ولا يدركون ولو للحظة واحدة والعقيدة قد أعمت بصائرهم أنّهم بما يفعلونه انّما يعيدون إنتاج نظم الاستبداد والفساد ويؤهّلون ذويهم و المقرّبين منهم ليكونوا خير ورثة ل »بن علي«.
إنّهم محترفون في انتاج وترويج سياسات الإرباك والدمار منهجهم في ذلك: الشتيمة وهتك الاعراض والترويع، وتجنيد المنحرفين ومحترفي الرعب. إنّ من يرفض في هذه الظروف بالذات الدعوة إلى التهدئة وإلى الالتزام ب »سلم اجتماعي« والى تحميل كلّ الاطراف السياسية والاجتماعية مسؤولياتها بداية من الحكومة المؤقتة وصولا الى اطراف الشأن العامّ السياسية و الاجتماعية و المدنية في تجسيم أهداف الثورة على مختلف الأصعدة و خاصّة العاجلة منها، والمتمثّلة أساسا في:
1 القيام بالإصلاحات الضرورية في القضاء و الأمن و الاعلام و كلّ مؤسسات الادارة و الدولة لضمان نجاح العمليّة الانتخابية على الأقلّ في هذه المرحلة.
2 تركيز عدالة انتقالية تستجيب لتطلّعات لشعب في محاسبة المسؤولين و المتورّطين و المجرمين وتسمح بجبر الأضرار والتعويض للمتضررين مع توفير كلّ الضمانات السياسية و القانونية حتى تستكمل هذه العدالة مهمها على قاعدتي المحاسبة والمصالحة دون اي تضييق او تدخّل من ايّ طرف كان.
3 مواصلة الجهد المبذول لاتّخاذ الإجراءات العاجلة لمساعدة المعطّلين عن العمل و ذوي الاحتياجات من الأسر المنكوبة و المحرومة من كل دخل وتغطية اجتماعيين.
4 العمل على توفير المناخ الامني و السياسي الملائم لإجراء انتخابات حرة و نزيهة يوم 23 اكتوبر 2011 ، في احسن الظروف ولا يفوتنا هنا ان نشير الى انّ ظاهرة تكوين ميليشيات و عصابات محترفين من قِبل بعض الاحزاب السياسية وتخلي الجهاز الامني عن وظائفه الحيوية في تطبيق القانون وحماية المجتمع المدني والسياسي أصبحت تشكّل بصورة جدية خطرا على اجراء العملية الانتخابية في ظروف تضمن حريتها و نزاهتها. فمداهمة الاجتماعات و ترويع المواطنين في الفضاء ات العامة مازال مستمرا و الحال انّ الامكانات المرصودة لاستعادة وظيفة الامن و فعاليته ينبغي ان تحول دون ذلك.
5 ان اضطلاع المجتمع المدني و السياسي بدور وطني يرتقي الى مستوى انتظارات الشعب عبر المساهمةالفعّالة في الجهد الوطني العام وتقديم المبادرات التي تدعم المسار الانتقالي و تساهم في تخفيف عبء الازمة الاقتصادية على الطبقات و الفئات الاكثر حرمانا و الدفع في اتجاه ان تلعب الطبقة العاملة دورا وطنيا عبر بعث صندوق وطني للبطالة ومساعدة الاسر الاكثر فقرا و هو دور يمكن للاتحاد العام التونسي للشغل ان يلعبه بدعم من القوى الوطنية و الديمقراطية. فلماذا تتردّد منظمة في حجم الاتحاد العام التونسي للشغل في لعب هذا الدور والحال انه يفترض ان يكون في قلب الحدث السياسي والاجتماعي؟
انّ تحقيق اهداف الثورة وانجاح الانتقال الديمقراطي لا يمكن ان يقتصرا على الاحتجاج ومعارضة الحكومة وانما بالعمل على المساهمة في الجهد الثوري الوطني في اعادة بناء مؤسسات الدولة واصلاح هياكلها واكسابها الفاعلية اللاّزمة لحماية النظام الجمهوري الديمقراطي وذلك بالموافقة بين الجهد الاجتماعي للمؤازرة والتخفيف من معاناة العاطلين عن العمل وضعاف الحال و الجهد السياسي الذي ينشد بالاساس تثبيت اركان السلم الاجتماعي على قاعدةالحوار والتشاور مع الحكومة المؤقتة ومع اطراف المجتمع المدني من جهة ثانية، فلا اقل من هذا الدور للاتحاد العام التونسي للشغل في هذه المرحلة.
انّ فتح المنافذ امام خيارات المجهول و الدفع الى ارباك الشعب ومؤسسات الدولة و ممارسة سياسات الارض المحروقة و ترك الابواب مفتوحة على مصراعيها لعودة الاستبداد من جديد و التعاطي مع الازمة الخانقة التي تمرّ بها البلاد بخطاب »الفزّاعات« والعمل على مزيد اغراق الشعب في الفقر و الحرمان و التعامل مع الوطن كغنيمة والموطنين كرهائن سيؤدي حتما الى انقلاب على الثورة والى تسهيل مهمة دخول »الاجنبي المتسلّط« على الخطّ . و اعتقد مع اني لست من ملّةعقيدة الثورة انه حان الوقت للقوى التي تنشد السلطان مهماكان الثمن كيفما كانت الوسيلة ان تجيب عن اسئلة من قبيل: ماهي هذه الثورة ؟ ماهي استحقاقاتها؟ و ماهي خاصة حدودها؟ حتى لا تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
و يبقى الشعب التونسي الى حدّ الآن رغم ما لحقه من اضرار و ماقدّمه من تضحيات هازئا بمفاعيل الاطراف السياسية ومكائدها و منتشيا بنصر كوني زرع فيه ثقة بكنس الجبابرة الطغاة من اجل تحقيق حياة افضل تضمن له و لابنائه العزّة و آلكرامة والحرية ضمن ثقافة صامتة يرددها الجميع كلّ بطريقته: هذه الارض ارضنا و هذا الوطن وطننا والثورة اردناها صونا للأرض وعزة للوطن لا تخريبا و تدميرا لجني اوهام مكاسب على حساب قوت الناس و كرامتهم و عمق انتمائهم الى وطنهم و هو ما بدأ يتجلى في تشكيل مجموعات شعبية لحماية الاحياء السكنية و المحلات التجارية و الاراضي الزراعية و المؤسسات العمومية و كل مكاسب البلد من المتظاهرين ليلا والذين سرعان مايتحولون الى مفسدين في الارض و من الذين يعطّلون الطرق و المرافق العامة وفضاءات العمل معبّئين للغرض بخطب تحريضية لاعلاقة لاصحابها من محترفي السياسة بالعمل و الانتاج. فكيف تريد من هؤلاء ان يولوا لهموم الشعب اهتماما انّ لحظة الرجة و الذهول مرّت و سيسمعون من هنا فصاعدا صوت شعب جبّار يدوّي »حذار من جوعي و من غضبي...«


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.