بقلم / منجي باكير إنّ المتابع للمشهد السّياسي الجاري في تونس يلحظ وبدون جهد كبير أنّ البلاد تعيش دوّامة عنيفة لكنّها صامتة من الغوغائيّة السّياسيّة وقد مسّت هذه الحال الحكومة و أحزابها داخليّا أو المعارضة و تشكيلاتها أو الإثنان معا ،،، داخل الحكومة هناك تناحر واضح للسيطرة على مفاصل الدّولة والحقائب الوزارية الفاعلة و المؤثّرة لضمان ديمومة السيّطرة على دواليب القرار و السلطة و قد زاد الأمر حدّة تدخّل المرجعيّات الحزبيّة في تكريس هذا المنحى وتوجيهه حسب المصلحة الحزبيّة الضيّقة دون اعتبار للمصلحة العامّة ،، أمّا المعارضة فهي قد انخرطت في استعراضات ممجوجة من الجدل العقيم المتبوع دوما بالمعارضة للمعارضة فقط و إرفاقها بخطاب تشكيكي هدّام لا يراعي في التونسيّين ذمّة ، فقط هو نوع من الدّعاية الحمقاء و الجوفاء حكرا على أشخاص أغلبهم تورّطوا في التسويق و خدمة النّظام المدحور .. كما تشترك مرجعيّات الأحزاب الحكوميّة و المعارضة في التحكّم الواضح و عرقلة المساعي الإصلاحيّة ورغبة البناء لدى الوزير الأول و بعض الوزراء الذين أثبتوا عمليّا صدقهم و وطنيّتهم . أضف إلى ذلك إعلاما رديئا موجّها تتحكّم في أكثره عصابات من الفاسدين المفسدين ممّن حملوا لواء الدّعوة إلى التغريب و طمس الهويّة والتنكّر للدّين و إقصائه ، ثلّة تتصيّد شوارد الوقائع و الأحداث لتحدث البلبلة و تشتّت الإنتباه عن المتطلّبات الحقيقيّة للمرحلة و حاجيّات الشعب الأساسيّة ولا شغل لها إلاّ محاولة غسل و تلميع الذين أسهموا في عذابات التونسيّين و فرضهم من جديد على الشعب يجري هذا بتحفيز و تمويل بمال سياسي مشبوه سواء عن طريق محلّي لرجال أعمال لم و لن تسعدهم الثورة وما جاءت به، أو عن طريق أجنبي يسعى أصحابه لفرض أجنداتهم و اتّجاهاتهم الفكرية الفرنكوفونيّة في بلاد أرادت أن تعيد بناء ذاتها في استقلالية و حرّية و كرامة كاملة ،،، أمّا ما يسمّى بالمجتمع المدني فقد شغله بناء نفسه و التعريف بذاته و انزوى في المكاتب المغلقة و في إطار نخبويّ لا يحمل همّ كلّ جغرافية البلاد و أهلها.. بين هذا و ذاك تبقى تونس و المصلحة الوطنيّة و هموم الشعب الحقيقيّة خارج كلّ تشخيص و خارج كلّ تفكير ، بل يحدث أيضا أن تكون تونس لعبة في مزاد علنيّ واضح بين كلّ الفرقاء السّياسيين و تصبح في أدنى ترتيب أولويّاتهم ،،،