باعتباري مجازا في الحضارة واللغة والآداب الإنجليزية فإنني أستطيع أن أتحدث في ظاهرة الهارلم شايك بشيء من التأصيل من التحليل.فنبدأ اولا بتفكيك المصطلحات. شايك” باللغة الانجليزية تعني ارتعش يرتعش ارتعاش. ولا يخفى على أحد أن هذه الرقصة ترتكز اساسا على الإرتعاش في” shake حركاتها المختلفة. والإرتعاش عادة ما يرمز إلى عدم التوازن الذي بدوره يرمز إلى فقدان البوصلة والموجه الرئيسي للحياة لنصل في النهاية إلى حياة بدون غاية وهي منتهى العبثية واللامنطق.أما هارلم فهي إحدى ضواحي نيويوركالأمريكية التي كانت في الستينات رمزا للثراء والعنصرية في آن واحد حيث أنها كانت عبارة عن منتجع سكني للبيض الأثرياء الذين خيروا أن يسكنوا بعيدا عن السود وضواحيهم الفقيرة.فبنوا القصور الشاهقة الفارهة كثيرة الغرف والردهات والحدائق لكن مع حاجة هؤلاء لمن يخدمهم في جنتهم هذه جلبوا السود واسكنوهم في بعض الغرف الجانبية المجاورة لغرف الكلاب والحيوانات الأليفة. لكن مع ازدياد أعداء السود في ضاحية البيض الغنية أصبح الوضع لا يطاق بالنسبة لبعض عائلات البيض شديدة العنصرية فهجرت المكان وتركت بيتها وقصورها لهؤلاء السود. وشيئا فشيئا خرج كل البيض من قصورهم التي كانت تحوي غرفا كثيرة ولا يسكنها إلا عدد قليل لتصبح مع مرور الوقت بيوتا يسكنها السود كل عشرة أو أقل بقليل في غرفة واحدة. ومن هناك ارتدت الضاحية لتصبح علامة من علامات الفقر والجريمة والشذوذ والإزدحام حتى أن مجاري المياه تعطلت وفاضت في الشوارع والأزقة قيحا وقذارة.وامتلأت شوارع الضاحية بالجريمة والمجرمين الذين عبروا عن شذوذهم وعنفهم وعبثيتهم برقصة مثل التي ترونها في مقاطع الفيديو. كما أنها كلماتها Con los terroristasتعني Avec les terroristes وهي حث مباشر على الجريمة والإرهاب في معانيه المتعددة.ومن هذه البوابة التاريخية نصل إلى دلالاتها السوسيوثقافية التي لا تعدو أن تكون تعبيرا عن فقر وتهميش وعنصرية من خلال حركات جنسية أصبحت أمرا عاديا في أزقة هارلم بما أن الجنس و الإغتصاب فيها يتم على قارعة الطريق وفي واضحة النهار وأمام مرأى ومسمع كل الناس. إنه شباب هارلم اذي أوغل في المخدرات والعنف إلى درجة أن أصبح مبدأ وغاية في حد ذاته.. وهو تعبير نفسي عن منتهى اللاعقلية واللاأدرية التي ارتدت بهم إلى الحيوانية بل إلى درجة اقل منها في كثير من الأحيان.وإن كان شبابنا اليوم يقلد هؤلاء فإنما يقلد عن جهل حيوانية وبهيمية لم ير التاريخ مثلها.وأما من يريد استغلالها سياسيا من زاوية حرية التعبير فنقول له أن ما يحدث في اصطبلات الحمير أقرب إلى الإنسانية من هارلم شايك. فليدع إذن إلى ما تفعله الحيوانات في اصطبلاتها خير له أن يدعو إلى رقصات الهالم عار