ولاية تونس تدرس إمكانية تركيز منظومة الإنذار المبكر للتوقي والاستعداد لمجابهة الكوارث الطبيعية    تحويل جزئي لحركة المرور على مستوى الوصلة المؤدّية من الطريق الوطنيّة رقم 3 أ1 نحو سوسة والحمّامات بداية من الثلاثاء    عاجل/ في بلاغ مشترك لهذه الوزارت وتنفيذا لتوصيات رئيس الدولة: الاعلان عن اجراءات هامة للتونسيين..    إستعدادا لكأس العرب: المنتخب الجزائري يتعادل مع نظيره المصري    مباراة ودية: المنتخب الوطني يواجه اليوم نظيره البرازيلي    النادي الإفريقي: إمكانية غياب الثنائي الليبي عن مواجهة الأولمبي الباجي    عاجل/ خلف قتيلين و35 جريحا: تفاصيل جديدة عن حادث مساكن..    الشهرية الضعيفة تقرّب للخرف: دراسة جديدة تكشف علاقة صادمة    غسل الدجاج قبل الطهي عادة خطيرة ...هاو علاش    عاجل: أمطار غزيرة تتسبب في فيضانات بهذه الدولة بعد أشهر من الجفاف    تونس: أمطار هذا الشتاء ستتجاوز المعدلات العادية في الشمال    كل ما يجب معرفته عن ''شهرية'' ال retraite للعمال في القطاع الخاص    المساكني يرجع للترجي ؟...لاعب سابق يجاوب الجمهور    فيروس من'' الخفافيش'' يظهر في إثيوبيا: يقلق الصحة العالمية ...شنوا حكايتو ؟    خطير/ 58 حالة اصابة بداء الكلب في صفوف الحيوانات بهذه الولاية..#خبر_عاجل    بشرى للتوانسة: 1350 خطة انتداب جديدة للدكاترة في 2026!    عاجل: هذا ما ينتظر التلميذات اللاتي تعمدن الأكل في القسم    مادورو مستعد للتحدث وجها لوجه وترامب لا يستبعد "عملا عسكريا"    لبنان: إصابة عشرات التلاميذ جراء اصطدام "فان" بحافلة طلاب    ألمانيا تهزم سلوفاكيا 6-صفر وتتأهل لكأس العالم 2026    صاعقة تحرق نخلة في قفصة وسط أمطار ورعد قوي    زوجة ترودو السابقة تخرج عن صمتها بشأن علاقته بكاتي بيري    محرز الغنوشي يُبشّر: ''امطار متفرقة ومحلية تتواصل اليوم بفاعلية اكبر بهذه المناطق''    فتح بحث تحقيقي بعد العثور على محامية متوفاة منذ 3 أيام في أكودة    بعد'تحدّي المبيت': تلميذات يتناولن 'مقرونة وقلوب' داخل القسم..    ما تفلتهاش: تونس × البرازيل الليلة... والنقل عبر هذه القنوات    وزارة الصحة:نحو شراكة مع" أوريدو" لدعم الرقمنة والذكاء الاصطناعي في المستشفيات    ميزانية 2026: ملف الدكاترة المعطّلين عن العمل يهيمن على مداخلات نواب مجلس نواب الشعب    واشنطن: رفض حماس لقرار الأمم المتحدة دليل على تقدمنا بالمسار الصحيح    ميزانية النقل لسنة 2026: برمجة اقتناء طائرات وحافلات وعربات مترو ودعم الموارد البشرية    مختار التليلي: " سامي الطرابلسي يحكمو فيه في المنتخب وخليني ساكت خير"    الثلاثاء: الحرارة في انخفاض وأمطار متفرقة بهذه المناطق    شروع المركز الجهوي للديوان الوطني للزيت بجرجيس في قبول زيت الزيتون من الفلاحين    استرجاع 30 قطعة أثرية من موقع زاما بعد ترميمها بروما: عرض جديد بباردو مطلع 2026    أشغال المدخل الجنوبي للعاصمة: تحويل جزئي لحركة المرور على مستوى هذه الطريق..#خبر_عاجل    في أول زيارة له لمصر:الفنان الأمين النهدي يحضر خصيصًا العرض الرسمي لفيلم "الجولة13"    العلم اثبت قيمتها لكن يقع تجاهلها: «تعليم الأطفال وهم يلعبون» .. بيداغوجيا مهملة في مدارسنا    المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بتوزر ...مشروع للطاقة الشمسية ومركز بحث و تكوين للطلبة    تمّ الإعلان عنها في ندوة صحفية ...إضافات في مهرجان «مجدي عبرود» للمسرح بالمكنين    الكوتش وليد زليلة يكتب: ضغط المدرسة.. ضحاياه الاولياء كما التلاميذ    في صمت .. السّيدا تتفشّى في تونس    عاجل: قرعة تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2027 في هذا الموعد    تونس تترقب زيادة في انتاج زيت الزيتون بنسبة 47 بالمائة خلال موسم 2025 - 2026    فرنسا وألمانيا في الصدارة...تونس تشهد ارتفاعا غير مسبوق في الاستثمار!    الحماية المدنية تنفّذ تمرين محاكاة لانفجار    Titre    المعهد القومي العربي للفلك يعلن عن غرة جمادى الثانية    أيام قرطاج السينيمائية: 9 أفلام تونسية ضمن المُسابقات الرسمية    الطبيب التونسي خالد ناجي رئيسًا للجمعية الإفريقية لأمراض النساء والتوليد    نشرة متابعة: انخفاض في الحرارة مع أمطار مؤقتا رعدية آخر النهار    بنغلاديش: صدور الحكم بإعدام الشيخة حسينة    بنزرت: إنقاذ شابين من الغرق حاولا اجتياز الحدود البحرية خلسة    مباراة ودية : المنتخب التونسي يختبر قدراته أمام العملاق البرازيلي قبل الاستحقاقين العربي والإفريقي    أريانة: تكريم محمد علي بالحولة    "فاشن بوليس": اطلالات مُميزة لمشاهير تونس في حفل نجوم تونس و الهام شاهين تثير الجدل!    رأي: الإبراهيمية وصلتها بالمشروع التطبيعي الصهيوني    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.سامي براهم-رأي-ما نموتشي … تموت و نحيا …
نشر في الشاهد يوم 24 - 11 - 2012


هذيان … ما نموتشي … تموت و نحيا
د.سامي ابراهم
كالعادة السنمائي النوري بو زيد يصنع الشو الإعلامي و يثير الجدل الفكري … الفلم الجديد ما نموتشي كما صرّح المخرج في أوّل عرض بقاعة الكوليزي البارحة رسالة موجهة لمن قال أنّهم هدّدوا بقتله و طالبوا بموته … لذلك قرّر أن لا يموت … و كان الفلم وسيلة عبوره للخلود و قهر من يتمنون موته … فهل كان الأمر كذلك ؟؟؟
أراد سي النّوري أن ينزّل أحداث فيلمه المدعوم من وزارة الثقافة ضمن السياق التاريخي للثورة و ما بعد الثّورة من خلال قضيّة الحجاب مفتعلا شخصيتين تشتركان في تعرض أحديهما للإكراه على ارتداء الحجاب و الأخرى على نزعه … المتحجبة عائشة ارتدت الحجاب بعد علاقة خارج إطار الزّواج أثمرت جنينا غير مرغوب فيه … تتعرّض لتحرّش جنسي و هرسلة من طرف مشغلها لنزع الحجاب و لهرسلة مقابلة للانقطاع عن العمل من طرف صديقها السّابق حمزة سجين الحق العام الذي تخونج في السّجن و هرب في أحداث الثورة … الشخصيّة الثانية صديقة عائشة التي تتعرّض لهرسلة من طرف أمّها التي تكرهها بأشكال غريبة على ارتداء الخمار حيث تدسّ لها الخشخاش في المشروب و تكلّف خالتها بإخضاعها و تدجينها للاحتجاب … و ينخرط اخوها حمزة المسرّح من السجن في نفس الدّور و ذلك بطلب من خطيبها رجل الأعمال القريب من الطرابلسية الذي يريد أن يتخذ من تحجّبها و قبرها في البيت أداة للتقرّب من النهضة !!! … و كل سياق الفيلم و أحداثه و شخوصه على هذا النسق الرّتيب من الرؤية الأديولوجيّة الجاهزة و الخطّة الدّراميّة النمطيّة السطحيّة المسقطة مع إقحام مجاني لعنصر السلفيّة مشيطنا هذه الفئة من المجتمع و ينتهي الفيلم بخروج الفتاتين إلى الشّارع دون حجاب حاملتين شعلة بروميثيوس ” أكورديون النّوري بوزيد ” المخرج الذي أقحم نفسه في البناء الدّرامي للفيلم من خلال مشاهد تغسيله و تكفينه بعد وفاته في مظاهرة و التحفّظ عليه في بيت الموتى …
طبعا ليس من حقنا أن نفرض على المخرج رؤية و رؤيا لأنّ العمليّة الإبداعيّة الرّؤيويّة خيال حميمي حرّ طليق ليس مطلوبا منها إرضاء المتقبل و موافقة انتظاراته… كما أنّ الفنّ ليس محاكاة للواقع لذلك ليس من حقنا أن نلزمه بمطابقة وقائع التاريخ … لكن طالما أنّ المخرج اختار بل حرص على تنزيل قصته في قلب حراك الثورة و ما بعدها من خلال تكثيف حضور السياق التاريخي القريب من المشاهد فإنه من حقنا أن نختبر مقاربته و تشخيصه للواقع … و تبعا لذلك فإنّ المخرج تقوّل على الثورة و ما بعد الثورة و خولت له رؤيته الأديولوجيّة النمطية الجامدة و أحكامه الأشبه بالكليشييات الساذجة بناء دراميا مفتعلا لا يعكس نبض الواقع بل يصنع خطاب دعاية مجانية مكشوفة تلقاها العديد من المشاهدين بكل استياء و خيبة انتظار بعد الفيلم … يصرّ النوري بوزيد على تقسيم البلد و تمزيقه فئويا متعاميا على أنّ المتحجبة و غير المتحجّبة كلتاهما شاركتا في الثورة بكل مراحلها من 17 ديسمبر إلى 14 جانفي إلى القصبتين و الانتخابات و التّاسيسي … كما أنّ من المتحجبات منتميات لأحزاب شيوعيّة طالما ناهضت الحجاب و من غير المتحجبات منتميات لحزب النهضة الذي يؤمن منظوروه بفرضيّة الحجاب دينيا … بل إنّ مشكل النقاب في تونس لم يطرح في علاقة بخيار الاحتجاب و القبوع في البيت بل بمزاولة الدّراسة و العمل … يعني أنّ سي النوري على هامش حراك الواقع يروي حكاية من بنات أفكاره لا من بنات الواقع أشبه بالهذيان الفصامي … لقد تعامى عن معاناة آلاف المحجّبات اللاتي عانين من التنكيل زمن الاستبداد و القمع و مُزّق الخمار فوق رؤوسهنّ و ألزمن بإمضاء الالتزامات لنزعه و منعن بسببه من العمل و الدّراسة … فاختار أن يعبث بمعاناتهنّ و الرمزيّة النضاليّة لخمارهنّ من خلال نموذج المتحجّبة الذي احتفى به في فيلمه ليطمس نضالهنّ .
نسي النوري بوزيد أنّ هؤلاء النساء متحجبات و غير متحجبات من بنات مجلّة الأحوال الشخصية و منظومتها القيميّة و الحقوقيّة و لا يمكن لأحد أن يفرض عليهنّ خيارا ضدّ إرادتهنّ مهما كانت سلطته …و دفعن من أجل ذلك ضريبة قاسية انتهت بتتويج تعبهنّ بالثّورة.
الفيلم الذي أراد من خلاله النّوري بوزيد أن يعلن عدم موته فنيا هو حسب تقديرنا إعلان عن موته فنيا و ثقافيا بعد موته الأيديولوجي منذ اليوم الذي زار فيه سجن القصرين في إطار برنامج إدارة سجون بن علي لإعادة ” تأهيل ” مساجين الانتماء الإسلاميين و غسل أدمغتهم من لوثة ” الفكر الإرهابي ” و وجد يومها مساجين مواكبين لكلّ افلامه بحسّ فنّي و نقدي عال … لذلك نقول لقد متّ يا سي النوري و أعلنت بنفسك نبأ وفاتك … بعد موتك هذا ستنجب الثّورة سنمائييها الذين يعبّرون عن حراكها الدّرامي و بنائها الفني و إيقاعها الجمالي و إنسانيّة شخوصها … سننبعث من الموت مثل طائر الفينيق من تحت رماد الاستبداد الذي طالما كان المدد المادي و المعنوي الذي يمدّكم باسباب الحياة و البقاء … اليوم استوت الرّؤوس … اليوم تموت و نحيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.