في ظل الضغوطات المالية التي تواجهها حكومة الوحدة الوطنية سيما بعد قرار الاتحاد الاوروبي الذي وضع تونس ضمن قائمة سوداء تشمل 17 ملاذا ضريبيا، تبحث تونس عن أكثر من شريك في المنطقة ، وتحاول كسب تأييد أوسع وخلق فرص لتطوير منظمتها الاقتصادية التي تعيش أزمة بين الأطراف السياسية في ما بينها ومع المنظمات الراعية لوثيقة قرطاج وخاصة المركزية النقابية. ولئن لم تحظى العلاقات التركية التونسية بنفس درجة الاهتمام التي لاقتها العلاقات التونسية الاوروبية، في مختلف المجالات، رغم أنها ليست بالحديثة، فإن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاخيرة الى تونس، ضخت فيها دماء الحياة مجددا، خاصة أنها شهدت تطورا كبيرا في مرحلة ما بعد الثورة جراء سياسة الانفتاح التي انتهجتها كلا الدولتين. ويشير مراقبون في الشأن، الى ان تونس ما بعد الثورة باتت تبحث في سياستها الخارجية عن تنويع خياراتها الاقتصادية والاستراتيجية ولا تريد أن تظل منغلقة فقط على الضفة الشمالية لها، ولعل تركيا من أهم الدول التي تعززت العلاقات معها. هذا وأكد اردوغان على هامش زيارته الى تونس التي استمرت يومي 26 و27 ديسمبر 2017، أن بلاده تُشجع رجال الأعمال الأتراك للاستثمار في تونس ودعم الاقتصاد الوطني، وأشار في كلمة مشتركة مع رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، أن دعم تركيا للاقتصاد التونسي سيتواصل. كما أكد تفهم بلاده للظروف الاقتصادية التي تمر بها تونس مؤكدا رغبة تركيا في تقديم مساعدتها لتتجاوز تونس عجز الميزان التجاري الذي تمر به وذلك من خلال الترفيع في قيمة الواردات من المنتوجات التونسية. وقال ان الطرفين سيعملان على تكثيف التباحث والتشاور بهدف تعزيز علاقات التعاون بين البلدين خاصة في مجال التجارة والسياحة معلنا عن عزم تركيا منح قرض بقيمة 300 مليون دولار لفائدة تونس. وتم في ختام الزيارة، التوقيع على أربع إتفاقيات خلال جلسة عمل موسعة، ترأسها رئيسا الجمهورية الباجي قايد السبسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. تهم الاتفاقية الاولى التعاون العسكري وبروتوكول مرتبط بها، يتعلق بتعزيز التعاون بين البلدين في المجال العسكري وخاصة في مجال التكوين، بما سيتيح فرصا هامة للتربصات في تركيا. أما الإتفاقية الأخرى، فتتعلق بحماية وتعزيز الاستثمارات بين البلدين، وهي تعد هامة بالنسبة إلى تونس باعتبارها ستساهم في دفع الإستثمار التركي في تونس والشراكة بين البلدين. كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال التعاون البيئي، وذكّر وزير الخارجية خميس الجهيناوي بوجود تعاون إستراتيجي بين البلدين، في إطار مجلس التعاون الاستراتيجي الذي إتفق الرئيسان على إجتماعه خلال سنة 2018 على مستوى رئيسي حكومتي البلدين. واكد وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري ووزير الاقتصاد التركي لدى اشرافهما على أشغال المنتدى التونسي التركي للاستثمار والأعمال، أن الحكومة التركية عبرت عن استعدادها لمضاعفة وارداتها من تونس خاصة في مجال الفسفاط وذلك في إطار خلق التوازن. وأضاف الوزير في تصريح اعلامي، أن الجانب التركي يرغب في الترفيع في توريد الفسفاط ومواد الصناعات الغذائية وزيت الزيتون والتمور والمواد الصناعية. و مثلت إعادة توازن المبادلات التجارية بين تونسوتركيا ودفع الاستثمار محور اللقاء الذي جمع الشاهد باردوغان، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة، محور لقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قصر الضيافة. من جهته، عبّر رئيس الجمهورية عن ارتياحه لمستوى التعاون المتميّز بين البلدين وتقديره الكبير لمواقف تركيا المُساندة لمسار الانتقال الديمقراطي في تونس ومختلف اشكال الدعم الذي قدمته منذ سنة 2011. كما أكد الأهمية الكُبرى التي تُوليها بلادنا لتطوير العلاقات الثنائية وتنويعها منوّها في هذا الخصوص بتفهّم الجانب التركي لخصوصية الظرف الاقتصادي والاجتماعي الذي تمرّ به تونس وبحرص الرئيس أردوغان على اصطحاب وفد هام من رجال الأعمال الاتراك لاستكشاف مناخ الاستثمار وفرص الشراكة في تونس. كما اعرب رئيس الدولة عن ترحيبه بتلبية الدعوة التي وجهها اليه الرئيس أردوغان لزيارة تركيا في اقرب مناسبة مُتاحة. من جانبه، شدد الرئيس التركي حرص بلاده على ترجمة العلاقات السياسية المتميزة الى تعاون مثمر، ودعا في هذا السياق رجال الاعمال والمستثمرين الاتراك للاستفادة من المنتدى الاقتصادي الذي ينعقد بمناسبة هذه الزيارة لاستكشاف فرص التعاون والشراكة مع تونس كوجهة اقتصادية واعدة في المنطقة. وثمّن الرئيسان ما تم التوصل اليه من اتفاقيات في مجالات التعاون العسكري والاستثمار والبيئة ونوّها بمستوى التنسيق الأمني بين الجانبين لا سيما في ما يتعلق بالتوقّي من خطر الارهاب والتطرف ومواجهة مسألة عودة بعض العناصر الارهابية الى بلدانها، كما أكدا أهمية انعقاد الدورة الثانية للمجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي بين البلدين الذي قرّرا ان ينعقد بتركيا في شهر فيفيري 2018 على مستوى رئيسي حكومتي البلدين. كما تناول اللقاء الذي تم بقصر قرطاج بين رئيس مجلس نواب الشعب، محمد الناصر، بالرئيس التركي، رجب طيب أوردوغان والوفد المرافق له، "التعاون البرلماني المشترك بين مجلس النواب ومجلس الأمة التركي وأهمية تعزيز العمل الثنائي، بما يخدم مصالح البلدين". واستعرض اللقاء، وفق بلاغ لمجلس النواب، "علاقات التعاون والشراكة التي تربط البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات. يذكر أن حجم التبادل التجاري قد بلغ بين تونسوتركيا، العام الماضي، نحو مليار دولار، منها 240 مليون دولار صادرات تونسية و760 مليون دولار صادرات تركية نحو تونس، وفق تصريحات لسفير تركيا في تونس، عمر فاروق دوغان، في مارس. هذا و تم عقد اتفاقيات جديدة بين تونسوتركيا منذ ما قبل الثورة مما ساعد على تطوير العلاقات بين البلدين. حيث تم سنة 2004 الاتفاق مع تركيا على إنشاء منطقة تجارية حرة بين الدولتين وإعفاء جميع المنتجات الصناعية وبعض المنتجات الزراعية من الاداءات.