ما انفكّ الوضع المالي في تونس ينحدر نحو منزلق حرجٍ، في ظلّ تراجع إيرادات عديد القطاعات الإقتصادية التي تعتمد عليها البلاد ، فضلا عن تراجع قيمة الدينار أمام العملات الرئيسية ، في الوقت الذي تطالبُ به بتحقيق التوازن الاجتماعي و الاقتصادي و المالي .. و قد خلق تآكل مخزون البنك المركزي من العملة الصعبة عديد المخاوف على الصعيد المالي ، خاصة أمام التراجع المستمر لقيمة الدينار التونسي، فضلا عن تفاقم نسبة المديونية في تونس التي ارتفعت من 61 لتتجاوز ال 69 بالمائة من الناتج المحلي الخام. وفي خضم هذا الشأن، أكد وزير المالية رضا شلغوم انّ المديونية في تونس "بلغت مستويات غير مقبولة". وأضاف شلغوم خلال لقاء إعلامي الجمعة 5 جانفي 2018، أنّه من "غير المعقول تسجيل ارتفاع متواصل لنسبة المديونية ببلادنا". وقال الوزير إنّه إذا تواصلت هذه الوضعية " فلن يقوم أحد بإقراضنا وسيهرب المستثمرون منا"، مُشددا عل أن المستوى الحالي للمديونية في تونس سيكون له تأثير سلبي على الأجيال القادمة وعلى اقتصاد البلاد ونموها. و من جانبه، أقرّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد بصعوبة الأوضاع في 2017 والتي تعود بدورها إلى صعوبات ورثتها حكومته عند وصولها إلى الحكم، لافتا إلى أن « عديد المؤشرات تحسنت غير انه لا يمكن إغفال بعض النواحي السلبية ». وبين الشاهد أن حكومته « اضطرت إلى اتخاذ جملة من التدابير الصعبة في قانون المالية لسنتي 2017 و2018 قصد التحكم في عجز المالية العمومية والحد من المديونية »، مؤكدا على الحاجة إلى «تضحيات من الجميع حكومة وأحزاب ومنظمات ومواطنين من أجل تونس ». و تواصل نسبة المديونية نسقها التصاعدي ,حيث ارتفعت من 68.97 % خلال شهر أكتوبر المنقضي إلى 69.49% من الناتج المحلي الخام مع موفى نوفمبر من العام المنقضي مقابل 61.4بالمائة، في نوفمبر 2016 و61.9 لكامل سنة 2016 وفقا النشرية الشهرية التي أصدرتها وزارة المالية مؤخرا . و تبين وزارة المالية من خلال ارتفاع الاقتراض الخارجي بما يتجاوز حجم 8 مليار دينار إلى أنه لم يتم تخصيص سوى 747.8 مليون دينار فقط لتمويل مشاريع الدولة خلال 11 شهر ا من 2017. و يعود الارتفاع المسجل في الدين العمومي خلال شهر نوفمبر الماضي إلى الارتفاع الطفيف في الدين الخارجي بنسبة 48.35 % بمعدل كلفة سنوية ب2.88 % بمعدل مدة سداد 7.37 سنوات , وارتفع الدين الداخلي ليصل 21.13 % خلال شهر نوفمبر المنقضي بمعدل كلفة سنوية تساوي 6.86% ومدة سداد تساوي 5.72سنوات، وتعد القروض قصيرة المدى من بين العوامل الضاغطة على تونس مما دفع عديد الخبراء إلى اقتراح جدولة الديون كحل لتخفيف الضغط في السنوات القادمة نظرا لصعوبة الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد والذي قد لا يجد طريقه إلى الانفراج إلى أفق 2020. ووفقا للمصدر ذاته فقد بلغت فوائد الدين الخارجي الخاصة بقروض السوق المالية العالمية مع استمرارها في الصدارة إلى 49 %, كما وصلت فوائد القروض المتعددة الأطراف للشهر 41 % , فيما ارتفعت القروض الثنائية إلى 10%. جدير بالذكر أن قانون المالية للعام 2017 قد تضمن دينا خارجيا ب 4.8 مليار دينار ودينا داخليا قدر ب 2.5 مليار دينار. ويستهدف قانون المالية للعام المنقضي بلوغ نسبة مديونية عمومية 63.7 %. مع العلم أن قانون المالية التكميلي اعتبر أنه من المتوقع أن تبلغ موارد الاقتراض لسنة 2017 ماقدره 10330 مليون دينار مقابل 8505 مليون مقدرة بقانون المالية ل2017.