رغم مرور شهر على تاريخ مصادقة مجلس نواب الشعب على مشروع قانون المالية لسنة 2018 ، والذّي نصّ على جملة من الإجراءات "الموجعة" من بينها الزيادات في الأسعار ، فإن الاحتجاج على ما جاء في نصّ مشروع القانون لم يحتدّ إلا هذه الأيام منذ الإنطلاق في العمل بما جاء به ممّا خلق جدلا واسعًا، سيّما وأن أطرافا معينة باتت تدعو إلى رصّ الصّفوف من أجل النزول إلى الشارع والاحتجاج. الجبهة الشعبية كعادتها كانت سبّاقة للدعوة إلى الحشد الشعبي وتنظيم تحركات احتجاجية ضدّ الزيادة في الأسعار وانطلّقت في بثّ رسائلها إلى جنود الخفاء خاصّتها لتحريك متساكني الجهات وتحريضهم على الاصطفاف خلف تحركاتهم. إلى حدّ الآن يعدّ الأمر عاديّا، بَيْدَ أنّ "اللّاعاديّ" في المسألة هو أن النائب عن الجبهة الشعبية والذيّ يمثّل صلب البرلمان رئيس لجنة المالية المنجي الرّحوي خلق جدلا كبيرا بتصريحاته الأخيرة التي يندد فيها بالزيادة في الأسعار ، الأمر الذي تعارض مع جاء في قانون المالية الذي صادقت عليه اللجنة التي يرأسها. وتساءل متابعو الشأن العام عمّا كان يفعله رئيس لجنة المالية أثناء مصادقة لجنته على مشروع قانون المالية لسنة 2018 الذي زادت الأسعار بمقتضاه، مستدركين بتهكّم أنّه ربّما كان انذاك في "سبات شتوي" أم أنه "غير واعٍ كفايةً بأنه يتقلّد منصب رئيس لجنة المالية حتّى تداخل عليه الأمر بين تموقعه الحزبي بالبرلماني". وكان رئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية بمجلس نواب الشعب المنجي الرحوي قد اعتبر ان الزيادات في الأسعار وخصوصا في المواد الأساسية والتصريح بعدم التخلي عن الدعم بمثابة "خزعبلات الدولة واستغفال المواطن لكنه ليس مغفلا لأنه يشعر بهذه الزيادات بصفة مباشرة في حياته اليومية" على حدّ تعبيره ، مشدّدا على أنه "ستكون لقانون المالية تداعيات أكثر من التي نعيشها الآن" وأضاف الرحوي "لم أستغرب الزيادات... وكنا نتوقعها... قلنا سابقا ان الزيادات ستكون كبيرة وستستهدف القدرة الشرائية للمواطن وستكون عامل توتر اجتماعي" وتابع: "هناك نواب كانوا يتوقعون الزيادات... لكنهم لم يتوقعوا هولها ولا ان تكون بهذا الحجم باعتبار أنها ستمسّ كل المواد". وأكد الرحوي، في السياق ذاته، "ستتم الزيادة في كل شي باعتبار ان القيمة المضافة ارتفعت ب 1 بالمائة"، موضّحا أنه "سيتم تجميع 2000 مليون دينار من الاجراءات الجبائية... ستكون في 31 ديسمبر 2018 بمعنى ان العملية ستتم لمدة سنة وستتواصل السنوات القادمة". وأضاف رئيس لجنة المالية أنه "بالنسبة للمواد الاساسية المدعّمة لم تُرفع الدولة بعد في اسعارها لكن قانون المالية يتضمن 330 مليون دينار متأتية من مراجعة اسعار المواد الأساسية المدعمة". وفي سياق متصلّ، لفت الرحوي إلى أنه "على وزيري التجارة والمالية ورئيس الحكومة أن يفسروا لنا ما معنى 330 مليون دينار في قانون المالية متاتية من مراجعة اسعار المواد الاساسية المدعمة... فليقولوا بصراحة للمواطنين إنهم لن يزيدوا في أسعار المواد المدعمة ولن يُفعّلوا احد فصول قانون المالية... فصل من الفصول سنعلق العمل به وهذا يتم بقرار حكومي ". واكد المتحدث أن الزيادات ستتواصل "في حال لم يدافع المواطن عن مقدرته الشرائية ولم يتم تعليق العمل بهذا القانون وإجراءاته غير الشعبية" ، داعيا التونسيين من خلال تصريحه، إلى الاحتجاج ضدّ ما جاء به قانون المالية من زيادات في الأسعار. وتابع:"من المنتظر أن تبلغ الزيادات المتوقعة في أسعار المحروقات 200 مليون دينار بينما ستبلغ الزيادات في الكهرباء والغاز 358 مليون دينار " مضيفا "و30 مليون دينار زيادة في تسعيرة معلوم النقل". واعتبر أن قانون المالية من اكثر القوانين تعسفا على القدرة الشرائية للمواطن وعلى الطبقة المتوسطة معتبرا اياه "كابحا للنمو في تونس". وتابع: الوزراء سيكونون في وضع دفاعي... سيقولون لم نرفّع في الاسعار.. الحكومة يجب ان تعرف انها اقترفت فظيعة... اجراءات تعسفية وسيئة جدا في ظرف تحتاج فيه تونس لقانون آخر يشجع على الاستثمار ويعطي الامل للمواطن ويطوّر الحياة في الجهات الداخلية ويطرح امكانيات لتطوير اليات التشغيل".