مرّ شهر على تاريخ مصادقة مجلس نواب الشعب على مشروع قانون المالية لسنة 2018 ، والذّي نصّ على جملة من الإجراءات "الموجعة" من بينها الزيادات في الأسعار ، بيد أن الاحتجاج على ما جاء في نصّ مشروع القانون لم يحتدّ إلا هذه الأيام منذ الإنطلاق في العمل بما جاء به ممّا خلق جدلا واسعًا، سيّما وأن أطرافا معينة باتت تدعو إلى رصّ الصّفوف من أجل النزول إلى الشارع والاحتجاج.. بيد أن موقف الاتحاد العام التونسي للشغل ، الذي عوّدنا بأسبقيته في الاحتجاج وتنظيم الاعتصامات، جاء رصينا ، حيث خيّر المصلحة الوطنية ومواجهة المسألة برصانة دون التوجه الى الشعبوية وتأجيج الشوارع وخلق الفوضى على غرار ما سارعت إليه ثلة من الأطراف السياسية التي تستغلّ الأوضاع الاجتماعية لخدمة مصالحها السياسية. ولئن استنكرت المركزية النقابية الزيادات التي أقرّها قانون المالية لسنة 2018، في بيان صادر عن مكتبها التنفيذي الوطني، لكنه لم يدع إلى التحرك والاحتجاج. وفي خضمّ هذا الشأن، أكد الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل محمد علي البوغديري في تصريح ل'الصباح' أن بوصلة اتحاد الشغل كانت ومازالت وستظل موجهة نحو المصلحة الوطنية التي تصبّ بدورها في مصلحة الشعب. وأوضح في السياق ذاته أن موقفه بخصوص الزيادات الأخيرة جاء واضحا ولا لبس فيه حيث طالبت المنظمة الشغيلة الطرف الحكومي بمراجعة منظومة الدعم واحترام تعهداتها، والدستور يكفل حق أي جهة في التعبير عن مواقفها. و تابع البوغديري القول : "في المقابل تبقى وثيقة قرطاج المرجعية الأساسية في علاقتنا بحكومة الوحدة الوطنية التي صارت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالابتعاد على الاجراءات التي تثقل كاهل المواطن مقابل توجهها نحو إصلاح جبائي وضريبي حقيقي والتصدي لجميع مظاهر الفساد المالي والإداري، والإسراع في ترميم منظومة الضمان الاجتماعي والصناديق الاجتماعية، واقتراح إجراءات بديلة من شأنها ان توفر موارد إضافية للميزانية، على غرار مقاومة التهرب الضريبي واستخلاص الديون الجبائية والديوانية والتصدي للتهريب والتجارة الموازية، اضافة إلى إصلاح منظومة دعم المواد الأساسية وذلك من خلال قرارات جريئة تتطلب تحسين مردوديتها وتصويب الميزانية المخصصة للفئات الفقيرة والمتوسطة، كما سبق الاتفاق عليه في إطار العقد الاجتماعي، ونحن مستعدون للعمل مع بقية الأطراف المعنية للخروج من الأزمة التي تمر بها تونس، بشرط تقاسم التضحيات والاعباء، على حد تعبيره. هذا وذكّر الأمين العام المساعد للمركزية النقابية بالصعوبات التي تمر بها المالية العمومية مرجعا ذلك إلى الأداء الضعيف للحكومات المتعاقبة وآخرها إصرار الحكومة الحالية على تمرير ميزانية غير واقعية لسنة 2017 والتي لم تأخذ بعين الاعتبار ما قدمه اتحاد الشغل حينها، وهو ما انعكس سلبا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، حيث تهاوت قيمة الدينار التونسي وارتفعت نسبة الدين والتضخم وتدهور ميزان الدفوعات، بما ساهم في ارتفاع منسوب الاحتقان والغضب لدى الرأي العام ونحن نتفهم ذلك، ونحترم حق أي طرف في التعبير على مواقفه بالطرق التي يكفلها الدستور، وسندعم كل من يخدم مصلحة تونس وسنقف بالمرصاد لكل من يسعى لضرب المسار الديمقراطي والإضرار بالبلاد، وفق قوله. جدير بالذكر ان عدد من الأطراف السياسية المعارضة استغلت الوضع الحساس من أجل تأجيج الرأي العام و حثه على النزول الى الشارع من أجل الاحتجاج سعيا منها لخلق الفوضى ، بغاية خدمة مصالحها السياسية أولها تأجيل الانتخابات البلدية المرتقبة ..