لا يأت ذكر الخطوط الجوية التونسية إلا ويتبعه الحديث عن الجدل الذي رافقها منذ سنوات العهد البائد وتواصل إلى يومنا هذا ؛ بين سوء سمعتها و تذيلها قائمة شركات الطيران في العالم، ..و ديونها التي فاقت مئات المليارات.. إلى غير ذلك من المشاكل التي ما انفكت تطوّق الناقلة الجوية التونسية.. وقد طفح جدل كبير خلال اليومين الأخيرين حول تعرّض الخطوط الجوية التونسية في الرحلة رقم 722 التي أقلعت من تونس إلى باريس يوم 3 جانفي 2018 لحالة من القلق والذعر بعد أن فقد قائد الطائرة السيطرة عليها. وواجهت الطائرة مطبات هوائية، في طقس مضطرب، بعد أن فقد قائد الرحلة السيطرة على الطائرة لمدة 6 دقائق مما أدى إلى سقوط وجبات الطعام والشراب على أرض الطائرة، ودخول الركاب في حالة من الفوضى . في المقابل، أكد المدير المركزي للاتصال والعلاقات الخارجية بالخطوط التونسية يوسف الككلي، أن ما حدث في الطائرة عدد 720 المتجهة نحو باريس يوم 3 جانفي 2018، سببه تقلّبات جوية مفاجئة عنيفة خلفت اضطرابات على الطائرة. واعتبر الككلي في مداخلة هاتفية في برنامج "happy-days" على موجات الجوهرة اف ام امس الاثنين، أن ما تم تداوله حول "رحلة رعب" على متن الخطوط التونسية، تهويل وتضخيم، موضحا أن رياحا قوية لا يمكن رؤيتها، ولم تسجل في التوقعات الجوية التي يطلع عليها طاقم الطائرة قبل الانطلاق في الرحلة، هي سبب ما طرأ على الطائرة، والذي يحدث مع جميع الطائرات في العالم. و بغضّ النظر عن هذه الحادثة التي تختلف الروايات حولها، فإنها ليست سوى قطرة من محيط ، إذ لطالما علت أصوات مندة بالمشاكل التي تطوق الناقلة الجوية من نقائص تقنية وخدمات سيئة ، فضلا عن قضيّة الديون المتفاقمة لشركة الطيران التي تقودها نحو الإفلاس… وفي خضمّ هذا الشأن، قال وزير النقل رضوان عيّارة إن ديون شركة الخطوط الجوية التونسية تجاوزت 200 مليون دينار، معبرا عن تخوفه من اتفاقية «السماوات المفتوحة» التي وقعتها بلاده مؤخرا مع الاتحاد الأوروبي. وكشف عيارة عن الصعوبات الكبيرة التي تعانيها الخطوط التونسية، لافتا إلى أن الأزمة المالية التي تعيشها الشركة تعود إلى بعض القرارات الداخلية والتوازنات المالية في البلاد. ودعا إلى إعادة هيكلة الشركة واتخاذ إجراءات «موجعة» تعيدها إلى ميدان المنافسة وتخفف من أزمتها المالية المستمرة. من جانب آخر عبّر عيارة عن تخوفه من اتفاقية «السماوات المفتوحة» التي وقعتها تونس مؤخرا مع الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية لم تفعل حتى الآن وهي «تتضمن إجراءات حمائية استثنائية لفائدة شركة الخطوط التونسية، من بينها أن مطار تونسقرطاج يبقى خارج إطار السماوات المفتوحة». وكان عدد من الخبراء الاقتصاديين حذروا من التبعات السلبية لهذه الاتفاقية على شركة الخطوط التونسية التي ستجد نفسها في منافسة شركات طيران عملاقة، فيما اعتبر آخرون أنها ستحقق قفزة نوعية في مجال السياحة وتنشيط الاقتصاد التونسي المتردي. وفي تعليقه على ذلك، اعتبر الكاتب العام المساعد بنقابة الخطوط التونسية إلياس بن ميلاد أن توقيت اختيار توقيع الاتفاقية "غير مدروس" بسبب تعطل عملية إعادة هيكلة الشركة الغارقة في الديون والمنهكة ماليا جراء اختلال توازناتها مما يجعل عملية تحرير الأجواء بمثابة الانتحار لأنها غير مؤهلة للمنافسة، وفق تعبيره. ووصف بن ميلاد توقيع اتفاقية الأجواء المفتوحة مع الاتحاد الأوروبي "خطورة ارتجالية" ستقود الخطوط التونسية نحو الهلاك لعدم قدرتها على الصمود بأسطولها الضعيف الذي لا يتجاوز ثلاثين طائرة بعضها يعود إلى عشرين عاما، في وقت ستواجه شركات عملاقة بأساطيل كبيرة، معيبا على الحكومة عدم البدء فعليا بمسار إعادة هيكلة المؤسسة، وتأهيلها على غرار الخطوط المغربية المستفيدة من دعم المملكة قبل خوض تجربة السماوات المفتوحة. وفي الصدد ذاته ، أشار النقابي إلى أنه "ليس هناك إرادة أو رؤية لإنقاذ الشركة التي ستحتفل بعيد ميلادها السبعين في أجواء مشحونة". ولفت من جانب آخر إلى أنه تم تقديم برنامج إصلاحي لإعادة هيكلة الخطوط التونسية منذ 2014، لكنه بقي مطمورا برفوف الحكومة، وظلت الشركة تعاني من عدم استقرار إداري مع تغيير ستة مديرين عامين منذ 2011، مما أثقل موروث المؤسسة العاجزة ماليا بسبب المشاكل المتراكمة. في المقابل، أكد كمال بن ميلاد المدير العام للطيران المدني الموقع على اتفاقية الأجواء المفتوحة يقول إن الخطوط التونسية ستعمل على تنفيذ برنامج إصلاحي لإعادة تأهيلها في غضون 2020 من أجل استعادة توازناتها والحد من كلفة الاستغلال، وتسريح عمال بصفة طوعية حتى تكون قادرة على المنافسة. يشار إلى أن الخطوط التونسية ما انفكت تعاني من متاعب كثيرة بعد ثورة 2011 مع تراجع حركة المسافرين جراء الاضطرابات، لتتكبد خسائر طائلة بسبب ارتفاع كلفة نفقاتها وتطور عدد عمالها لأكثر من سبعة آلاف شخص وتراجع رقم معاملاتها وأرباحها بسبب تضرر خطوطها.