كالنار في الهشيم، اتخذت التحركات الاحتجاجية ضد غلاء الأسعار وارتفاع كلفة المعيشة التي اندلعت مع بداية شهر جانفي الجاري مع دخول قانون المالية لسنة 2018 حيز التنفيذ، منحى تصاعديا خطيرا مع ارتفاع نسق التحركات في عديد المناطق والجهات وتحول بعضها إلى الاحتجاج ليلا فيما يواصل بعضها الآخر الحشد والتعبئة تدعمها علنا بعض الأحزاب السياسية المعارضة.. و تذهب كل المؤشرات الى تحميل الجبهة الشعبية مسؤولية الجزء الأهم في تأجيج الأوضاع والتلاعب بمشاعر الناس والرغبة في ركوب الأحداث لغايات سياسويّة لم تعد خافية على أحد. خطابات التجييش والشحن ودعوات النزول إلى الشارع لإسقاط قانون المالية أخفت الى حدّ الآن نوايا لأجندات أبعد من ألم الناس وما يعانونه من أزمات ومشاكل وغلاء في الأسعار وكشف رغبات محمومة لخلط أوراق المشهد السياسي وتحقيق مكاسب سياسويّة على حساب وضع اجتماعي واقتصادي على غاية من التعقيد ، مما يكشف لا مسؤولية قيادات الجبهة، وخاصة ناطقها الرسمي حمّة الهمامي، مخاطر الشحن والتجييش وما يرافقها من مغالطات وترويج معلومات غير صحيحة وإقرار مناهج عمل تتعارض مع الممارسة الديمقراطية خاصة عندما تزيغ الاحتجاجات المشروعة عن أهدافها وأشكالها السلميّة الى عمليات تخريب واستفزاز لقوات الأمن .. و لعلّ ما دعّم الشكوك حول تورط الجبهة في اعمال الشغب والتحريض هو البيان الداخلي المسرب للجبهة الشعبية الذي كشف دعوة "الجبهة الشعبية" المنتسبين إليها، لمساندة الاحتجاجات الاجتماعية، والتحركات المناهضة لقانون المالية، وما تضمنه من إجراءات ضريبية، تعتبرها الجبهة الشعبية مضرة بجيوب المواطنين ومستوى معيشتهم. ويشير بيان الجبهة الذي يجري حاليا تداوله بكثافة، على صفحات التواصل الاجتماعي، إلى أنّ التحركات الاحتجاجية الجارية حاليا في عدّة جهات، "لها مردوديتها المستقبلية في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة"، من خلال "مزيد دفع حركة النهضة للخروج من الحكم"، وفق تعبير البيان. ودعت الجبهة الشعبية، إلى مزيد تحشيد مناضلي الجبهة ومناصريها لبذل الجهد، وتعبئة الساحات في مختلف الجهات، مطالبة أنصارها وشبابها، بالتوجه في كافة التحركات الاحتجاجية إلى المقرات السيادية"، في إشارة إلى المعتمديات والولايات، حسبما جاء في نص البيان. كما دعت الجبهة الشعبية، إلى "تحشيد المواطنين، وخاصة الشباب المهمش، والمعطل عن العمل، للمشاركة في التحركات الاحتجاجية"، مع ضرورة "التنسيق بين جميع أحزاب الجبهة، ورص الصفوف ضمن الخيارات المتفق عليها"، دون أن يوضح البيان، اية تفاصيل حول هذه الخيارات.. وطالبت الجبهة الشعبية، من فعالياتها الشبابية في هذا الحراك، إلى "توحيد الشعارات في التحركات الاحتجاجية"، والتركيز خاصة على "ضرب التوافق"، وفشل المنظومة الحاكمة، و"ضرورة انهيار المسار الحالي". وفيما يلي نص البيان: في المقابل، نددت الجبهة الشعبية في بيان اليوم الأربعاء بنشر بعض "المواقع المشبوهة والمأجورة" وثيقة مزورة مدعية أنها مراسلة داخلية موجهة من قيادات الجبهة الشعبية الى مناضليها في مختلف الجهات تدعوهم فيها الى مواصلة تهييج الشارع بغرض بث الفوضى وضرب حركة النهضة وعزلها بمناسبة الانتخابات البلدية. وقالت الجبهة " ان هذه الممارسات خسيسة تعبر عن إفلاس أصحابها الذين لم يبق لهم من سلاح، لمواجهة الجبهة الشعبية، سوى التزوير والكذب وبث الإشاعات" حسب نص البيان . و أكدت الجبهة أنها كانت وما تزال إلى جانب نضالات شعبنا المشروعة والسلمية والمدنية من أجل الدفاع عن قوته وعن حقه في حياة كريمة في وجه السياسات والإجراءات المدمرة التي تنفذها حكومة الائتلاف. وطالبت الجبهة باليقظة حيال كل المؤامرات التي تحاك في الظلام ضد نضالات أبناء الشعب وبناته من أجل تشويهها والخلط بينها وبين الأعمال الإجرامية التي ترتكبها عصابات مأجورة ما انفكت علاقة بعضها ببعض أطراف الحكم تتضح. وشددت الجبهة الشعبية على تمسكها بحقها في تتبع مروجي مثل هذه الأكاذيب والإشاعات. ومن جانبه، وجّه رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد أصابع الاتهام مباشرة إلى الجبهة الشعبية في التحريض على الفوضى والعنف، معتبراً موقفها من قانون المالية لعام 2018 غير مسؤول، وهو ما أثار حفيظة الجبهاويين وغضبهم. وقال الشاهد في تصريح صحافي إن: "الدولة صامدة والدولة قوية وستكشف عن كل من حرّض وخرّب، وإنه تم فتح تحقيق ضد من حرّضوا على الفوضى والعنف وسيتم كشفهم للرأي العام خلال الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها عدة مناطق من الجمهورية". ولفت إلى أن "المخربين يخدمون مصالح شبكات فساد وشبكات التهريب ويخدمون أيضاً عدة أطراف سياسية، من بينها الجبهة الشعبية التي تقوم بالتحريض".