تختلف الرؤى حول تعريف اللعبة السياسية بين من يعرفها على انها لعبة حافة الهاوية، أو لعبة خلط الاورا ق، ولعبة رفع سقف المطالب، وربما أحيانا سياسة قلب الطاولة، وعموما فإن أغلب السياسيين في تونس يستسهلون العمل السياسي دون إدراك ماهية السياسة فيختل العقل السوي عن إدراكها. أغلب هذه التعريفات تنطبق على بعض الاحزاب في تونس وسياسييها الذي احترفوا استغلال كل الأوضاع الايجابية منها والسلبية لتطويعها لصالح مصالحها الحزبية، حتى أن تصريحات قيادييها ولفرط ألاعيبها، تفضح ممارساتها، وهو ما بدا واضحا في تصريحات نواب الجبهة الشعبية التي صوتت لصالح الفصل 39 من قانون المالية في إطار صفقة مع نداء تونس، ثم خرجت للشارع للمطالبة باسقاطه. في هذا الشأن، قال رئيس كتلة الجبهة الشعبية أحمد الصديق أنه تم تمرير الفصل 39 من قانون المالية في إطار صفقة بين نداء تونس والجبهة، أو ما يعرف بالتوافقات حول فصول أرادت الجبهة تمريرها وأخرى أراد النداء تمريرها. وبرّر الصديق ذلك، بالمسار الطبيعي للمفاوضات حول الفصول، وما اقتضته اللعبة السياسية، اضاف في حوار بُث الاربعاء 10 جانفي 2018، على قناة التاسعة أن هذا النوع من المفاوضات يتطلب أشخاص تحترم التعهدات، غير أن ندء تونس أخل بالاتفاق، بعد عودة نواب حركة النهضة الذين قاطوا التصويت على هذا الفصل،، لافتا الى أنهم وقعوا في الفخ. واعتبر رئيس كتلة الجبهة الشعبية، أنهم بتصويتهم على الفصل 39 من قانون المالية وامتناعهم عن التصويت على القانون برمتهم، كأنهم لم يصوّتوا على الفصل، مشيرا الى أن عدم تصويتهم على القانون برمته رد على عدم ايفاء النداء بتعهداته. الصديق أضاف أيضا أنه غير مقتنع بالفصل الذي صوتت عليه كتلته، في رد على سؤال مدى اقتناعه بالفصل الذي صوت عليه، ويدعو اليوم الى اسقاطه. من جهته، قال النائب عن الجبهة الشعبية مراد الحمايدي أن كتلة الجبهة الشعبية صوتت مع الفصل 39 المتعلق بالزيادة على القيمة المضافة بما يعرف TVA، لاعتباره مسألة عرضية لكن الكتلة ككل صوتت ضد مشروع قانون المالية لسنة 2018 حينها، لأنها ضد المبادئ العامة والتوجهات الأساسية التي حملها. وفي تضارب واضح للتصريحات بين نواب الكتلة الواحدة، أكد النائب عن الجبهة الشعبية ورئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية المنجي الرحوي، أن كتلة الجبهة الشعبية صوتت ضد الفصل والقانون في أشغال اللجنة، وأيضا صلب الجلسة العامة وما يروج له غير صحيح خصوصا من قبل كتلة حركة النهضة. وقد اتهم نواب كتلة حركة النهضة نواب الجبهة بالمزايدة السياسية باعتبارهم كانوا قد صوتوا أصلا على الفصل الذي تسبب في المس من المقدرة الشرائية، مستغربين في ذلك من مطالبتهم الآن بإسقاط القانون برمته. جدير بالذكر أن حركة النهضة انسحبت على خلفية المصادقة مع الفصل 36 المتعلق باضافة معاليم ديوانية على المواد المتأتية من تركيا، حين تمسكت المعارضة بالمصادقة على الفصل واتهمت حينها حركة النهضة بالوقوف مع المصالح التركية على حساب المصلحة الوطنية.