تحقق تونس، التي قطعت أشواطا مهمة في مجال الحقوق والحريات، أحسن ترتيب عربي في مؤشر الديمقراطية حسب أحدث التصنيفات للديمقراطية في العالم واستنادا الى معيار المسار الانتخابي و التعددية، الحريات المدنية، المشاركة الانتخابية، وعمل الحكومة والثقافة السياسية. وتواصل تونس الحديثة التقدم في اتجاه منح الحريات وحقوق الانسان، حيث نشرت منظمة فريدوم هاوس الأمريكية الثلاثاء تقريرا حول الحرية في دول العالم حافظت فيه تونس على مركز الصدارة عربيا وذلك على الرغم من هبوط مؤشر الحريات فيها مقارنة بالعام الماضي. وذكرت المنظمة في تقريرها لعام 2018 أن تأجيل الانتخابات البلدية في تونس وتمديد فترة الطوارئ، بالإضافة إلى تعرض النظام السياسي الحالي للمزيد من الضغوط من عناصر نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، أدى إلى انخفاض معدل نقاط الحرية التونسي إلى 70 نقطة من 78 العام الماضي. وحلّ في المرتبة الثانية عربيا لبنان ب43 نقطة، وثالثا المغرب ب39 نقطة، ثم الأردن ب37 نقطة، والكويت ب36 نقطة، وهذه الدول صنفها التقرير ضمن البلدان ذات المناخ شبه الحر. كما منح التقرير الجزائر 35 نقطة، والعراق 31 ومصر 26، وقطر 24، وعمان 23، والإمارات 17، واليمن 13، وليبيا 9 والسعودية 7 ضمن قائمة الدول غير الحرة. وأشار التقرير إلى أن السعودية وسوريا والسودان احتفظوا بأماكنهم ضمن قائمة الأسوأ عالميا طبقا لمجموع نقاطهم، فيما انضمت إليهم ليبيا بعد تفاقم أوضاعها الأمنية والسياسية العام الماضي. وأكدت المنظمة في تقريرها أن أوضاع الحريات تتدهور بوتيرة متسارعة مقارنة بالسنوات السابقة، إذ بدأت الديمقراطية تواجه أزمة حقيقة منذ العام الماضي وتآكلت فرص إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتراجعت حقوق الأقليات وحرية الإعلام وسيادة القانون. ولفت التقرير إلى تراجع الولاياتالمتحدة عن دورها المعهود ولعب دور المدافع والقدوة في مجال الديمقراطية مع تقهقر للحريات والحقوق المدنية على أراضيها. وأشار إلى أن 71 بلدا قد شهد تراجعا في الحقوق السياسية والمدنية فيما تحسنت هذه الحقوق في 35 دولة ما يعني أن الحريات في تراجع مستمر منذ 12 عاما بشكل متواصل. ووفقا لما ورد في التقرير أيضا، فإن 45 في المئة من دول العالم تم تصنيفها حرة، و30 بالمئة منها حرة نسبيا، أما ال25 في المئة المتبقية من دول العالم فلا تتمتع بالحرية إطلاقا. " هذا وأصبح الإعلام أكثر حرية، وتنوعا، وصنفه تقرير مراسلون بلا حدود، في المرتبة الأولى عربيا في تصنيف لم يستثن إلا دولتي موريتانيا، وجزر القمر بعدما كانت الصحافة العمومية، والخاصة خاضعة لرقابة السلطة. كما تحظى تونس بحق التظاهر، وهو من الحقوق التي حصل عليها التونسيون بعد الثورة، حيث كان التظاهر محظورا زمن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، إلا في نطاق ضيق. لكن في السنوات السبع الأخيرة، شهدت تونس عدة تجمعات ومظاهرات حمتها الشرطة بدل قمعها، رغم أن هذا الحق أصبح محل جدل بسبب لجوء بعض المحتجين إلى العنف. يأتي ذلك في وقت يحذر فيه حقوقيون من تراجع الحريات لأسباب مختلفة فيما نبهت جهات حقوقية واعلامية مختلفة في تونس من تهديد الحريات في البلاد. وقد دعا في هذا الشأن، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، جمال مسلم كافة مكونات المجتمع المدني والمدافعين عن الحقوق والحريات بتونس إلى اليقظة من أجل التصدي لما قال إنه "بوادر للتضييق على الحريات"، وللحيلولة دون تمرير قوانين يجري الإعداد لها وصفها ب"المهددة لمناخ الحرية بالبلاد. وقال مسلم ، إن الرابطة لاحظت مؤخرا جملة من بوادر التراجع عن الحقوق والحريات المكتسبة، محذرا، في هذا السياق، من خطورة ما يمكن أن ينجر عن تمرير قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين من تضييق على مختلف الحريات المضمونة بدستور 2014، ولاسيما في الجانب المتعلق بحرية التعبير.