بعد أن ركزت تونس طيلة العقود الماضية على التعامل مع الأسواق الأوروبية في مستوى مبادلاتها التجارية ومعاملاتها الاقتصادية، تتطلع اليوم الى تنويع أسواقها الخارجية وتعمل على اكتساح السوق الافريقية لانعاش الاقتصاد التونسي الذي يشهد ضغوطات متفاقمة من طرف الجهات الدولية المالية المانحة بسبب ارتفاع المديونية وتراجع نسبة النمو. هذا وتحاول تونس، استغلال موقعها في القارة الأفريقية، للدخول في أسواق دول وسط وجنوب القارة، في محاولة للنهوض باقتصادها المتراجع منذ ثورة 2011. وتسعى إلى تنويع أسواقها الخارجية، وعدم الاقتصار على الشريك التقليدي الاتحاد الأوروبي، محاولة بذلك استغلال موقعها كبوابة للقارة السمراء. وقد أفاد كاتب الدولة لدى وزير التجارة المُكلّف بالتجارة الخارجية هشام بن أحمد بأنه سيتم الترفيع في ميزانية صندوق النهوض بالصادرات إلى حدود 40 مليون دينار سنة 2018 و 80 مليون دينار سنة 2019 و100 مليون دينار سنة 2020. وأضاف بن أحمد، أنه خلال مارس أو افريل القادمين ستنظم تونس رسميا إلى منظمة السوق الافريقية المشتركة لدول شرق وجنوب افريقيا والمعروفة بالكوميسا كعضو ما يعني أن المنتوجات التونسية الموجهة لهذه البلدان لن تخضع للمعاليم الديوانية . هذا وقال الخبير الاقتصادي محمد الصادق جبنون، أن "الاتحاد الأوروبي يبقى الشريك الأول لتونس بحكم العلاقات السياسية والاقتصادية والتاريخية، لكن لتونس بُعداً أفريقياً حقيقياً، باعتبارها من الدول الأولى الأعضاء في الاتحاد وعديد المنظمات الأفريقية الإقليمية". وأوضح جبنون في تصريح سابق للأناضول، أن الانتشار التونسي في أفريقيا يبقى ضعيفاً لعدة عوامل، على الرغم من وجود فائض تجاري بأكثر من مليار دينار (450 مليون دولار) لصالح تونس. وتتمثل عوامل ضعف تونس، في نقص التغطية الدبلوماسية لدول القارة، إضافة إلى أن التغطية الجوية لأفريقيا تبقى ضعيفة، بحسب جبنون الذي يرى بأنه "لا بد من دعم تواجد الخطوط التونسية في الدول الأفريقية". واعتبر أن "السوق الأفريقية هي إحدى الحلول الممكنة للخروج من الأزمة الاقتصادية، وأنه يوجد مليار مستهلك في القارة الأفريقية التي تتزاحم عليها الدول من كل العالم". من جهته، قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إن ‘المغرب تقدمت على تونس في التوجه جنوبا نحو البلدان الافريقية وفتح أفق الاستثمار والتعاون معها"، وفق تعبيره على هامش حضوره منتدى الأحزاب الإفريقية اليوم الثلاثاء 16 جانفي 2018. وقال الغنوشي، "تونس لا مصلحة لها أكثر من مصلحتها مع إفريقيا، و علاقاتها الاستراتيجية يجب أن تتجه نحو إفريقيا خصوصا وأن دولا إفريقية تحقق 12 بالمائة نسبة نمو" وفق تعبيره. وأضاف الغنوشي، المغرب تقدمت على تونس في التوجه جنوبا، "نحن اتجهنا شمالا وهذا سبب عدم توازن"، لافتا إلى أن القارة الإفريقية فيها فرص كثيرة للنهوض بالاقتصاد على جميع الأصعدة وتمثل مستقبل الاستثمار". وأشار الغنوشي إلى دعم المنتدى الافريقي للأحزاب، هدفه تحقيق تشابك بين المجتمع المدني التونسي ومكونات المجتمع المدني في افريقيا، وفق قوله. هذا وتسعى تونس لتعزيز مكتسباتها في إطار استراتيجيتها التجارية التي تتوجه نحو الأسواق الأفريقية، خاصة أنها امتيازاً هاماً يتمثل في تفوقها في مجال الاقتصاد الرقمي، حيث تراهن البلاد خاصة على تطوير الأسواق الداخلية الأفريقية في مجال الخدمات وعلى غرار الجزائر، فإن تونس تريد أيضاً الاندماج في أسرع وقت في التكتل الاقتصادي لبلدان أفريقيا الشرقية والجنوبية، من أجل تسويق منتجاتها الغذائية ومواد البناء والخدمات الإعلامية. كما أن بلدان القارة السوداء تبدو أكثر انفتاحاً على الشراكة والتعاون، ولعبت عوامل أخرى دوراً في هذه الإستراتيجيات خاصة تلك المتعلّقة بانهيار أسعار النفط والعائدات النفطية، حيث يتوجب على دول المغرب العربي في الوقت الحاضر البحث عن فرص جديدة لتصدير بضاعتها وخدماتها ورأس مالها البشري".