عاش المشهد السياسي التونسي منذ 2011 حالة من الارباك والاسهال والاقدام على النشاط السياسي أغلب الفاعلين فيه كونوا أحزابا لأجل الاحزاب دون برامج واضحة حيث ارتفع عددها بين 2011 و2012 الى 160 حزبا، ثم الى سنة 2014 بلغ 200 حزب ليصل سنة 2016 عدد الأحزاب 205 ليصل في 2017 الى 210 حزبا قابلة للارتفاع. هذه التخمة الحزبية ان صح التعبير تعكس ضبابية في المشهد السياسي والحزبي خاصة وأن الأحزاب الفاعلة في المشهد لا يتجاوز عددها 15 حزبا، و30 حزبا فقط قدمت تقاريرها المالية في السنة الماضية من جملة 210 أحزاب في تونس وفق ما أفاد به وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني مهدي بن غربية. وأوضح بن غربية، في تصريح إعلامي على هامش مشاركته في ورشة عمل حول تمويل وحوكمة الأحزاب السياسية، أنه تمت مراسلة كافة الأحزاب السياسية في بداية سنة 2017 ، ومطالبتها بتقديم تقاريرها المالية غير أن عددا قليلا منها استجاب للطلب، لا سيما منها الأحزاب المكونة حديثا، مضيفا أن كافة التقارير المالية التي تم تقديمها غير مكتملة، كما أنه لا وجود لحزب إلتزم بكافة الإجراءات القانونية. وأكد أن الحكومة لئن أبدت تفهمها للمسألة بسبب حداثة التجربة الديمقراطية، إلا أنها ستعمل على تلافي ذلك في المستقبل في كنف الشفافية وحوكمة الأحزاب السياسية. وبخصوص موضوع ورشة العمل التي نظمتها الوزارة اليوم بالعاصمة، بين بن غربية أن الوزارة قامت باستقراء المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، وحددت جملة النقاط الايجابية والسلبية التي يتضمنها، ثم اعتمدت مقاربة تشاركية لإعداد قانون أساسي في الغرض، وفق ما ينص عليه الدستور من وجوب تعويض القوانين التي تنظم الحياة العامة والحريات بقوانين أساسية. وصرح بأن مشروع القانون سيعمل على المحافظة على منسوب الحرية الوارد في المرسوم، وأن الوزارة لن تقيد الحياة الحزبية بل ستعمل على أن تضطلع الأحزاب بدورها في تأطير المواطنين، وعلى تحميل الدولة مسؤوليتها في مراقبة حوكمة الأحزاب، مرجحا أن يكون مشروع القانون جاهزا للمصادقة عليه في مجلس وزاري قبل نهاية الثلاثي الأول من السنة الجارية. وإعتبر أنه لا وجود لحياة سياسية ديمقراطية دون أحزاب، مؤكدا بخصوص التمويل العمومي ضرورة وضع شروط معينة تجنب الأحزاب البحث عن التمويل اللامشروع ولكن في إطار امكانيات الدولة. كما اقترح وضع منصة الكترونية للأحزاب تكون مفتوحة للعموم من أجل مزيد مراقبتها وشفافيتها وحوكمتها. مشروع القانون وصفه عدد من النواب بالضروري، واعتبروا ان وقته متأخر نظرا لما تعيشه الأحزاب السياسية في تونس اليوم من صراعات، ومن مظاهر سلبية على غرار السياحة الحزبية والاعتداءات اللفظية بين السياسيين. وينتقد مراقبون استعمالات الاحزاب السياسية لحرية التعبير مشددين على أن الحرية لها جدود وضوابط ولا تعني بالضرورة الصياح داخل المجلس، مشيرين الى أن تونس تحتاج نقاشا وحوارا حول تنظيم عمل الأحزاب ودورهم أكثر من القانون، لأن بعض الأحزاب لا تعتبر غيرها خضوما سياسية بل تعتبرهم أعداء، وعوض التركيز على برامج ومشاريع والعمل على استقطاب المنخرطين، منشغلة في سب وشتم غيرها. و أكدت أستاذة القانون الدستوري، سلسبيل القليبي، في تصريح صحفي أن الإطار القانوني المنظم للأحزاب شهد تغيرا جذريا بعد الثورة و"تحول من الانغلاق والتضييق إلى الانفتاح والتحرر"، واعتبرت أن الطفرة في عددها "ظاهرة غير صحية" مقارنة بعدد السكان في تونس "لأن الأحزاب هدفها الأول تأطير أفراد المجتمع سياسيا". هذا وكشفت آخر استطلاعات الرأي، أن 20 في المائة فقط من التونسيين يثقون بالأحزاب، و32 في المائة بمجلس نواب الشعب، فيما أكدت مؤسسة "سيغما كونساي.