باتت ظاهرة الفقر إحدى أهم مهددات الاستقرار الاقتصادي والأمني والاجتماعي وأحد أكبر المتسببات في تعثر الكثير من مسيرات وخطط التنمية، لما يعنيه من تهميش لطبقة من المجتمع، وحرمان للفقراء من المشاركة في صنع القرار وابعادهم من الوصول للخدمات الاجتماعية. ونظرا لمدى خطورة هذه الافة ومدى تأثيرها على نواحي عديدة منها اقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية وغيرها، شهدت الفترات الراهنة عودة الاهتمام بقضايا الفقر، وأعلنت الحكومة عن توجهها نحو الحد منه في إطار استراتيجية حكومية تقوم على جملة من الاجراءات لفائدة العائلات محدودة الدخل والعاطلين عن العمل، من خلال رصد اعتمادات مالية بقيمة 100 مليون دينار. وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية، محمد الطرابلسي، أنه سيتم بداية من مطلع أفريل 2018 تمكين شريحة الشباب العاطلين عن العمل من التغطية الصحية المجانية، والزيادة ب 20 في المائة في منحة العائلات المعوزة لترتفع من 150 دينارا، إلى 180 دينارا أو 200 دينار بحسب أفراد عدد الأسرة. وتأتي هذه الإجراءات في أعقاب الاحتجاجات التي شهدتها البلاد مؤخرا على إثر ارتفاع أسعار بعض المواد وإجراءات قانون المالية الجديد، والتي تحول بعضها إلى مواجهات مع قوى الأمن وأعمال شغب وتخريب طالت حوالي 11 ولاية، وأسفرت عن إيقاف أزيد من 770 شخصا. وأضاف الوزير أن الحكومة رفعت الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين إلى 180 دينارا، وهو إجراء سيستفيد منه أكثر من 40 بالمائة من مجموع المتقاعدين، أي حوالي 220 ألف متقاعد، مشيرا إلى مضاعفة المنحة المخصصة للأطفال المعوقين من أبناء العائلات المعوزة. وأفاد الوزير كذلك إنه تقرر مواصلة العمل بآليات السكن المدرجة في قانون المالية لسنة 2018 بتفعيل صندوق القروض السكنية لفائدة ذوي الدخل غير القار، وهو إجراء يستهدف مساعدة نصف مليون تونسي على الحصول على السكن الاجتماعي اللائق. وأوضح الطرابلسي أن القرارات الحكومية تندرج في إطار الحرص على إرساء أرضية وطنية دنيا للحماية الاجتماعية، معتبرا أن هذا الأمر هو محل توافق بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين. وأكد أن الحوار الاجتماعي سيتواصل بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين في إطار العقد الاجتماعي، مشددا على أن هذا الحوار مفتوح على مختلف مكونات المجتمع المدني وكان الطرابلسي قد أكد سابقا أن مصالح الوزراة ستنتهي في موفى 2018 من إتمام إنجاز المسح المتعلق بقائمة الفقر، مسح قال إنه سيشمل ما لا يقل عن 900 ألف عائلة سيكمن من وضع خارطة موضوعية للفقر في تونس. هذا وافادت درة الظريف عن المعهد الوطني للإستهلاك إن نسبة الفقر في تونس بلغت خلال سنة 2015 – 2016، 15.2 % مضيفة أن هناك مليون و 694 ألف تونسي يعيشون تحت خطّ الفقر و 320 ألف تحت خط الفقر المتقع و ذلك خلال المسح الذي قام به المعهد الوطني للإحصاء 2015 -2016 . و قالت الطريفي في تصريح لاذاعة "اكسبرس" من ينفق أقل من 1878 دينار سنويا بالمدن الكبرى ، و أقل من 1703 دينار بالوسط البلدي و أقل من 1501 دينار يعتبر فقيرا في تونس . وتتضارب الارقام والاحصائيات في تونس حول مختلف القضايا المطروحة، خاصة منها القضايا الاجتماعية المتعلقة بالبطالة والتشغيل والاحتجاجات، في مقدمتها نسب الفقر التي يؤكد معهد الاحصاء أنها تراجعت فيما يؤكد مسؤولون في الدولة أنها لم تُراجع منذ عقود، وتبين مؤشرات أخرى العكس. وحسب تصريحات مختلف المتدخلين في الملف من أعوان اجتماعيين ، فإن الوزارة تنكب منذ مدة على إعداد مشروع المسح الوطني حول العائلات المعوزة الذي سيمكن تونس من تحديد خارطة للفقر واستشراف سياسات اجتماعية للحد من الفقر وتصويب التدخلات لمستحقيها ويأتي هذا المسح لتحيين أو مراجعة عدد العائلات المعوزة المقدرة عددها ب230 ألف عائلة.