تمثّل الإنتخابات المختلفة تشريعية و رئاسية و بلديّة محطات مهمّة وإمتحانات كبيرة للأحزاب السياسيّة للكشف عن شعبيتها و أحجامها الإنتخابية الحقيقيّة و كان التقارب و التحالفات ضرورة قصوى للكثير من الأحزاب التي باتت مدركة جدّا أن ضعفها في بقائها مشتتة و أن قوّتها في تحالفها في إطار جبهات موحّدة و قد كان التقارب والتحالفات ضرورة قصوى للكثير من الأحزاب التي باتت مدركة جدّا أن ضعفها في بقائها مشتتة و أن قوّتها في تحالفها في إطار جبهات موحّدة. على ضوء ذلك عاشت الساحة السياسية مؤخرا تغييرات هامة، منها بروز أحزاب سياسية جديدة وانصهار أخرى، وتكوين جبهات وتحالفات، وأفرزت بروز تحالفات متعددة، بين مختلف الاحزاب المعارضة والمشاركة في الحكومة، ذابت في حضرتها بعض الصراعات الأيديولوجية والشخصية، رغم ان بعضها لا يخلو من الاضطرارية أو فقدان نسبة من الطوعية، التي دفعت بعض الأحزاب إلى الدخول فى تحالفات لملاءمة أوضاعها مع التشكل الجديد للمشهد. هذه التحالفات أعادت ترتيب خريطة التحالفات السياسية، خاصة لتلك الاحزاب التي تراجع تأثيرها في الرأي العام والساحة السياسية، وباتت تسعى لاستثمار بعض الاحداث الاجتماعية وحتى السياسية لحساب المنازلة الانتخابيّة في ما يُشبه الحملة الدعائيّة السابقة لأوانها. كما برزت في الفترة الأخيرة بعض الأحزاب التي سعت الى توظيف الأزمة السياسية واستثمارها من أجل اعادة لملمة الصفوف والعودة الى الساحة السياسية، ويرى مراقبون ان الحرب المحمومة التي تدور بشكل يومي بين هذه الاحزاب ما هي الا تهيئة للارضية التي ستقام على اساسها الانتخابات البلدية. هذا وأعلن 11 حزبا سياسيا من عائلات فكرية مختلفة في 26 ديسمبر الماضي عن تحالفها لخوض الانتخابات البلدية القادمة بقائمات موحدة ، على اثر اجتماع عقدته هذه الأحزاب بالمقر المركزي لحزب البديل التونسي . وتضم مجموعة الاحزاب العشرة: البديل التونسي وحركة مشروع تونس وافاق تونس وحزب المبادرة وحركة تونس اولا والجمهوري والحركة الديمقراطية والمسار وحزب العمل الوطني الديقراطي وحزب المستقبل واللقاء الديمقراطي. كما شهدت نهاية السنة الفارطة تشكيل الأحزاب السياسية، تكتلات جديدة على غرار الجبهة الوسطية التقدمية والتي تضمّ 43 نائبا، ينتمون إلى عدد من الكتل النيابية، على غرار كتلة الحرة لحركة مشروع تونس وآفاق تونس والكتلة الوطنية، وحركة نداء تونس إلى جانب نواب مستقلين. ويبدو مستقبل التحالفات السياسية في تونس غامضا وتقويم جدواها مازال متناقضا ففي حين يثمّن البعض عاليا هذه الظاهرة ويدعو صراحة إلى استمرارها، لا يرى البعض الآخر فائدة منها ويعتبرها مجرد أداة للوصول إلى الحكم أو للاعتراض الشكلي على سياسات الحكومة. في هذا الشأن، اعتبر الجامعي والباحث، عميرة الصغير، في تصريح سابق لل"شاهد"، التحالفات السياسية الجديدة مجرد إعادة تجميع مجموعات فاقدة للمصداقية تتنقل من تحالف الى اخر ومن مجموعة الى أخرى، وليس فتحا لفضاء سياسي فعلي أو فتحا للأمل بالنسبة للبلاد والمجتمع. ولفت الى أن الوضع التونسي الحالي يتطلب تكتل حساسيات وأحزاب مستقلة تؤمن بفكرة إنقاذ الوطن من الازمة الاقتصادية والاجتماعية والامنية وحتى السياسية التي تعيشها تونس الان. وأشار عميرة الى أن جميع الاحزاب في تونس تعي انها فقدت مصداقيتها وفقدت ثقة ناخبيها وعموم التونسيين، داعيا الى ضرورة البحث عن بديل من خلال تشكيلات جديدة. من جهته اعتبر أستاذ العلوم السياسية ابراهيم العمري في حديثه لل"شاهد"، أن هذه التحالفات ايجابية بالنظر الى عدد الاحزاب في تونس التي ناهزت ال211 حزبا، وأنه كان متوقعا إما أن تندمج أو ان تدخل في تحالفات سياسية. وأشار في المقابل، إلى ان هذه التحالفات ستؤثر سلبا على الأحزاب التي اختارت أن تنشط "فرادى" في تونس، نظرا لانها ستوسع قاعدتها الشعبية بتجميع أكثر من حزب في تحالف واحد.