يعيش الشارع السياسي التونسي حالة من التباينات والخلافات التي ما انفكت ترافق التحضيرات للانتخابات المحلية، بعد انسحاب عدد من الأحزاب والحركات السياسية من اتفاق قرطاج، واتهامها لحكومة يوسف الشاهد بعدم الالتزام بتنفيذ بنود وثيقة الاتفاق. وتشير تقارير اعلامية وتسريبات سياسية الى ان نداء تونس الذي كان من المفروض ان يساند حكومته بات غير ثابت من حيث سلوكه ومواقفه تجاهها، وقد يكون ذلك بداية تخليه عنها، ويربطون ذلك بممارسته ضغوطات متنوعة يقولون إنها خفية في الغالب على الحكومة، وهو ما يدعو الى التفكير في ما اذا كان نداء تونس سيتحمل مسؤليته الانتخابية بدعم صريح وواضح لرئيس الحكومة أم أن الشاهد سيواجه اقالة منتظرة بعد الفتور الذي طال بين الطرفين. و يرى مراقبون علاقة يوسف الشاهد بحزبه نداء تونس بدت فاترة نتيجة التضارب في الآراء حول المحاصصة الحزبية.والحرب على الفساد التي يراها بعض القياديين الندائيين موجهة وانتقائية وتضر بالحزب فضلا عن رفض الشاهد تقلد منصب حزبي كان بإمكانه إفادة الحزب ومن بقي فيه. وأما علاقته بالحزام السياسي فتتراوح بين المد والجزر خاصة و أن رئيس الوطني الحر العائد إلى هذا الحزام كان قد هدد برفع قضية ضد الشاهد لدى القضاء البريطاني. و في تعقيبه على الموضوع الباحث في الحركات الاجتماعية والمحلل السياسي الطاهر شقروش، أنّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد في وضع لا يحمد عليه ، فمن نصّبه و دعّمه بالأمس ( في إشارة لنداء تونس) يتخلّى عنه اليوم . و كشف الطاهر شقروش ، أنّ نداء تونس يعمل بكلّ الوسائل ليكون تخليه نهائيا و دون رجعة ، لأنّ يوسف الشاهد أبدى رغبة كبيرة في الاستقلالية . و أكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد أن الحزام السياسي حوله "غير كاف" وأنه :كان يمكن أن يكون أفضل. وأشار رئيس الحكومة في حوار مع قناة "فرانس 24" يوم الاربعاء 31 جانفي 2018 إلى ما أسماه ب "التكالب على الإنتخابات" مذكرا بأنه كان أكثر من دافع عن ضرورة انجاز الإنتخابات البلدية مؤكدا أن هناك بلديات يُسيّرها اشخاص غير أكفاء. و عبر رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد عن عزمه مساندة الرئيس الباجي قايد السبسي في حالة قرّر الترشح لعهدة ثانية في رئاسيات العام المقبل. ويرى محللون أن هذا الإعلان يأتي بمثابة الرد غير المباشر على التسريبات التي تفيد بوجود خلافات بين الرجلين، فيما يعتبرها آخرون بالون اختبار لقياس مدى قبول الشعب بالسبسي رئيسا لخمس سنوات أخرى. و حسب ما افادت به مصادر إعلامية فان الشاهد نجح أكثر من جمعة في جلب الأنظار إليه وتوسيع شعبيته بفضل حربه المعلنة على الفساد. كما نجح في كسب ثقة العديد من السياسيين بفضل المسافة التي جعلها بينه وبين حزبه وبقية الأحزاب الحاكمة. لكن ما حققه يحتاج إلى التدعيم. في المقابل أكد استاذ العلوم السياسية ابراهيم العمري، في تصريح لل"شاهد"، أن فشل الشاهد في تغيير وضع البلاد، دفعه الى ركوب حصان الحرب على الفساد، وأن هذه الحرب في الحقيقة ليست حربا فعلية على الفساد بل صراعا داخل شقوق الاحزاب، وتصفية حسابات بين أطراف سياسية متنازعة، وهو ما يفسر اعتقال عدد محدود من الشخصيات المشبوهة في تورطها في قضايا فساد. وأضاف محدث "الشاهد"، أن فشل الشاهد في ما اعتبرها "حربا" على الفساد يدفعه اليوم الى اتخاذ منحى جديد في القرب من المواطنين من خلال الزيارات الميدانية التي يؤديها بشكل شبه يومي الى الفضاءات العمومية والشركات التابعة للدولة، وبدأ يبتكر اساليب جديدة فيها تمثلت خاصة في زيارته الاخيرة الى ولاية القيروان، وقراره بتسيير الحكومة من هناك في اطار ما اسماه سياسية "القرب".