بالرّغم من مضيّ سبع سنوات من الثورة وانقضاء أربعة أعوام من تاريخ التصديق على دستور الجمهورية الثانية لم يتمّ بعدُ التوصل إلى تشكيل المحكمة الدستورية. و يرى مراقبون أنّ تعطّل إرساء المحكمة الدستورية يعود إلى الحسابات الضيقة للأحزب و للكتل الممثلة في البرلمان و خصوصا تلك التي تنتمي للمعارضة و غياب الاتفاق بين الكتل اذ ان المرشح لعضوية المحكمة عليه ان يتحصل على (145 صوتا) و أمرٌ شبه مستحيل. وقال مساعد رئيس مجلس نواب الشعب المكلف بالإعلام والإتصال محمّد بن صوف "إنّ التعجيل بتركيز المحكمة الدستورية ضرورة ملحة وأولوية تم الإتفاق حولها في اجتماعات سابقة لرؤساء الكتل"، معتبرا أن "إرساءها يتطلب اتفاق الأحزاب البرلمانية" ومضيفا أنه سيتم دراسة الملف المتعلق بها خلال اجتماع المكتب المقبل. ولاحظ بن صوف في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء بتاريخ 7 فيفري 2018، أنّ "المسألة أصبحت صعبة بالنظر إلى أنّ الأغلبية المطلوبة تتجاوز ثلثي أعضاء مجلس نواب الشعب (145 صوتا) وأنّ أي كتلة لا تملك القدرة على تمرير مرشح إلا بتوافق أغلبية الكتل". وذكّر بأنّ رؤساء الكتل قد عقدوا أكثر من 10 اجتماعات الأسابيع الماضية، "في محاولة لتقريب وجهات النظر والإتفاق حول أرضية مشتركة، قبل المجازفة والمرور إلى الجلسة العامة الإنتخابية"، مشيرا في هذا الصدد إلى أنّ جميع الأحزاب تتحمل مسؤولية ضمان استقلالية وحياد أعضاء المحكمة الدستورية، كما نصّ على ذلك المشرّع". وكان رئيس اللجنة الانتخابية، طارق الفتيتي، طالب رئيس المجلس، محمّد الناصر خلال الجلسة العامة في الحصة الصباحية، أن يحمّل الكتل البرلمانية مسؤولية تأخر عملية انتخاب المحكمة الدستورية. و تعوض المحكمة الدستورية ما يعرف بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين الموكولة لها مهمة النظر في مدى دستورية القوانين المصادق عليها سواء من تلقاء نفسها أو بتقديم طعون من الأطراف المعنية . و تمت المصادقة على القانون عدد 05 لسنة 2015 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية. . و تدخل المقتضيات المتعلقة بالمحكمة الدستورية، باستثناء الفصل 118، حيّز النفاذ عند استكمال تعيين أعضاء أول تركيبة للمحكمة الدستورية وينص البند 118 من الدستور التونسي، على أنّ "المحكمة الدستورية، هيئة قضائية مستقلة، تتكون من اثني عشر عضواً من ذوي الكفاءة، ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون، الذين لا تقل خبرتهم عن عشرين سنة. ويعيّن كل من رئيس الجمهورية، ومجلس نواب الشعب، والمجلس الأعلى للقضاء، أربعة أعضاء، على أن يكون ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون. ويكون التعيين لفترة واحدة مدّتها تسع سنوات". و تنقسم اختصاصات المحكمة الدستورية الى اختصاص مبدئي يتعلق بمراقبة دستورية القوانين ومشاريع القوانين، والى اختصاصات استثنائية لا علاقة لها بمسألة المراقبة. و فيما يتعلق بالمراقبة ، تنظر المحكمة الدستورية في مشاريع القوانين في أجل سبعة أيام من تاريخ المصادقة من طرف مجلس نواب الشعب على مشروع القانون. ولا يميز كل من الدستور والقانون الأساسي بين القوانين الأساسية والقوانين العادية. والمقصود بمشاريع القوانين كافة النصوص القانونية المصادق عليها من طرف مجلس نواب الشعب والتي لم يتم ختمها بعد، سواء كانت في الأصل مبادرة من النواب أو من الحكومة. و تصدر المحكمة الدستورية قرارها في أجل 45 يوما من تاريخ الطعن بعدم الدستورية وبالأغلبية المطلقة لأعضائها. وينص القرار على أن الأحكام موضوع الطعن دستورية او غير دستورية. ويكون قرار المحكمة ملزما لجميع السلطات وينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية. وإذا انقضى الأجل المقرر دون إصدار المحكمة لقرارها فتكون ملزمة بإحالة المشروع فورا إلى رئيس الجمهورية. ولا يتجاوز نظر المحكمة ما تم الطعن فيه وليس لها أن تبسط رقابتها على ما لم يتم الطعن فيه.