تعرّي بعض الأزمات العابرة التي تمر بها تونس في كل مرة غياب الوعي لدى الطبقة السياسية في البلاد، وتكشف تسارعها الى إعادة تموقعها في المشهد السياسي سعيا لكسب تأييد شعبي، دون مراعاة ما تقتضيه المرحلة الاقتصادية الحرجة. وقد سارعت بعض الأحزاب إلى انتهاز اهتزاز صورة تونس في الخارج بعد تصنيفها في القائمة السوداء، لتحويل وجهة المطالب من تعديل قانون المالية الى مطالب أخرى، لا علاقة لها بما يطلبه الشارع التونسي، تراوحت بين اسقاط الحكومة، وتغيير النظام السياسي. في هذا الشأن، دعا عصام الشابي الأمين العام للحزب في تصريح لوسائل الإعلام إلى "إقالة حكومة الشاهد وانتخاب حكومة أخرى يكون عددها محدودا" مشددا على ان الحزب يئس من "قدرة المنظومة الحالية عل إيجاد الحلول للبلاد". كما اعتبر الامين العام للحزب الجمهوري، أن حكومة الشاهد "غير قادرة على تغيير الواقع وإيجاد الحلول الكفيلة بحلّ المشاكل الاقتصادية التي تعرفها البلاد" داعيا إلى "استبدالها بتركيبة حكومية منتخبة محدودة العدد تعمل على المحافظة على التوازنات وتحد من التدهور". ولم يقدم الشابي أي إيضاحات حول ما إذا كانت الدعوة تعبر عن موقف الحزب تحديدا، أو هي دعوة تتبناها مختلف مكونات الائتلاف المدني الذي يقدم نفسه كقوة معارضة بديلة. وقال إن الحزب "يرفض تقديم محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري ككبش فداء" مضيفا "لا أظن أن إقالة العياري سوف تقنع شركاءنا الأوروبيين بأننا قمنا بالإصلاح". ذا وتحمل المعارضة حكومة الشاهد مسؤولية الأزمة السياسية والأزمة الهيكلية مشددة على أنها عاجزة عن توفير الحلول السياسية والاقتصادية والتنموية. ويشير مراقبون إلى أن الطبقة السياسية وفي مقدمتها الأحزاب المعارضة لم تقدم الإسناد السياسي الكافي للحكومة للمضي قدما في الإصلاحات"، وتكتفي هذه الأحزاب بتوجيه انتقادات لاذعة لأداء الحكومة دون أن تقدم برامج سياسية وتنموية وعملية بديلة تكون كفيلة بتوفير الحلول لأزمة أنهكت تونس دولة وشعبا. في خضم هذا الشأن، باتت حكومة يوسف الشاهد في مهب حسابات الأحزاب السياسية التي تنصلت من مسؤولياتها في دعمها وتفرغت لخدمة حملاتها الانتخابية التي أطلقتها مبكرا، أو معالجة تصدعاتها وصراعاتها الداخلية، حتى بقيت الحكومة تصارع مشاكلها وحدها باستثناء القليل جدا من السياسيين، الذين واصلوا مساندتها المشروطة. ولم تكن هذه الدعوة الأولى التي يوجهها أحد الأحزاب المعارضة لإقالة الحكومة، إذا فتحت التحركات الاحتجاجية في جانفي المنقضي شهية المعارضة على التكالب على السلطة، حيث اعتبر حزب بني وطني أن مراجعة النظام السياسي أصبحت ضرورية أمام ما اعتبره التداخل الصارخ بين المصالح الحزبية و مؤسسات الدولة، داعيا إلى ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني بمنآى عن الحسابات الحزبية حتى تستطيع تدارك الحياد عن مسار الانتقال الديمقراطي، حسب بيان أصدره الخميس 11 جانفي 2018. كما أكّد حزب البديل التونسي على ضرورة التقاء الاحزب السياسية حول "عقد اقتصادي واجتماعي وسياسي فعلي لتشريك كل الأطياف السياسية لوضع خارطة طريق كفيلة بتصحيح المسار، وتكوين حكومة كفاءات كمستقلة غير متحزّبة ومتحرّرة من الرهانات الحزبية لتسيير الدولة وتأمين الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة مع الالتزام بعدم الترشّح". وأكّد القيادي في الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي أن الانتخابات المبكّرة هي الحلّ لأنّ تونس في أزمة استثنائية تحتّم إيجاد حلّ استثنائي في ظل غياب الأفق، خاصّة وأن الحكومة الحالية عاجزة عن حكم البلاد إلى 2019، موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، حسب تقديره.