لا يختلف اثنين على أنّ خطاب الكراهية في الساحة السياسية قد تشعّب أكثر من أيّ وقت مضى ، إذ لا يمرّ يوم إلا ونرى صورا متعددة للكراهية تصدّرها أطراف سياسية و أطراف تدّعي أنها حقوقية ، ليتأكد بجلاء ان العنف السياسي استطاع أن يجد لنفسه موطئ قدم في مختلف الاطياف و الاطراف مهما بلغ المستوى العلمي و الأكاديمي ، وأصبح العنف و التحريض يهدّد السلم والأمان وسط المجتمع التونسي، بل صار أداة للتحريض في غياب للضوابط القانونية والإعلامية. و لا يمكن لأحد أن ينكر أن الحوار الذي يُميّز أو يفرق بين المؤيد والمعارض، لا يخلو من الكراهية و قد يصل الوضع بين طرفين في وسط واحد إلى التعصب و التشابك بالأيادي و الى حد إسقاط الاتهامات دون إيلاء اعتبار للضوابط الأخلاقية و القانونية . و في هذا الصدد ، قال عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس الشورى بحركة النهضة في برنامج ميدي شو على إذاعة موزاييك أنّ " حمّى الكراهية والتحريض ارتفعت باقتراب الانتخابات البلدية لكن لا يدركون أن ما يحدث لن يخدم لا الساحة السياسية ولا النظام العام ككلّ." وفي سياق آخر، شدّد رئيس مجلس الشورى حركة النهضة على أنّ الجبهة الشعبية تتميز بخطاب إقصائي تسبب في مزيد عزلها سياسيا، قائلا نحن مددنا أيدينا إليهم في عدة فرص لكن رفضوا …نحن لا مشكل لنا معهم وان كان لهم مشكل فصندوق الاقتراع والقضاء كفيلان بحلّ الأزمة. وبخصوص الانتقادات الموجّهة إلى حركة النهضة من طرف أمين عام حركة مشروع تونس محسن مرزوق، أكّد الهاروني أنّه مطالب بتكوين حزب وبرنامج سياسي والتقدم بقائماته في كلّ البلديات عوض الاهتمام بهم لكن يبدو أن برنامجه الوحيد هو النهضة وليس تونس. وعن تصريح سفير الاتحاد الأوروبي في تونس وتوصيفه النهضة بأنها الإخوان المسلمين في تونس، أكد الهاروني أنه أخطا وعليه الاعتذار عن ما قاله في أول فرصة، معتبرا توصيفه لا يعني تغيّرا في موقف الاتحاد الأوروبي." هذا و ما يزال العنف السياسي والتحريض على الفساد الاجتماعات يخيم على أجواء المشهد السياسي في تونس رغم الدعوات إلى التصدي للظاهرة، ويعد عدم قبول الرأي المخالف وغياب روح المنافسة النزيهة والديمقراطية اهم العوامل التي تقف وراء ذلك بحسب مواقف المحللين للشأن السياسي. ويتهم الخصوم السياسيين بعضهم باستعمال خطابات وتصريحات تساهم في تأجيج الصراعات و انتشار مظاهر التطرف والتحريض على العنف، لكن تلك الاتهامات في أغلب الأحيان ليست بريئة بقدر ما تحمل من حقد سياسي تكررت في أكثر من سابقة بين الأحزاب بمختلف أنواعها الفكرية. ويرى مراقبون للشأن السياسي أن القادة السياسيين في تونس أصبحوا أكثر تشنجا، وتغيب عنهم الرصانة والحكمة في إدارة الأزمة والتواصل فيما بينهم ، وان هذه التصريحات يمكن أن تمهد الى حرب أهلية وطائفيه تدمر البلد ويتزعمها سياسيوها.