لم يكن احد أن يتوقع أن فوز نداء تونس بالمرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية سيكون بداية تراجع قاعدته الشعبية بشكل ملحوظ ، إذ يواجه الحزب الحاكم خطر فقدان تصدره للمشهد السياسي في تونس عقب الانشقاقات التي عصفت به خلال السنوات القليلة الماضية وأدت إلى انقسامه أكثر من مرة. و سجلت عملية سبر الآراء تراجع حاد في نوايا التصويت المصرح بها (2ر19 بالمائة فقط من الجسم الانتخابي) وتراجع هام لنداء تونس يجعله تقريبا في متناول حركة النهضة (7ر29 بالمائة) للاول و9ر28 بالمائة للثاني من مجموع نوايا التصويت المصرح بها في حين تتقدم الجبهة الشعبية بوضوح على التيار الديمقراطي (9 بالمائة للاولى و1ر6 بالمائة للثانية). ويرى المحلل السياسي محمد بوعود في تصريح ل"الشاهد"،أن حزب نداء تونس قد استُنفد من الداخل، من خلال المعارك التي عاشها طيلة فترة وجوده، خصوصا بعد مباشرته للحكم، سواء بخروج محسن مرزوق، وما حمله معه من هياكل وأنصار ومريدين في الجهات والمدن الكبرى، أو كذلك بخروج رضا بلحاج، والنقابيين واليساريين وأناس لهم مكانة اعتبارية مثل لزهر العكرمي او مصطفى بن أحمد وغيرهما، ممن ترك خروجهم أثرا كبيرا لدى عدد لا بأس به من أنصار الحزب في الجهات. محدث "الشاهد" لفت أيضا إلى ان قيادة نداء تونس حاولت تجاوز هذه الوضعية، لكن بعد فوات الاوان ربّما، حيث سارعت القيادة بتأسيس ما يشبه غرفة عمليات مكلّفة بالتحضير للبلديات، لانها شعرت بخطر حقيقي، بعد اعلان رئيس الدولة، الدعوة للانتخابات في 6 ماي، وهي التي كانت تراهن ربما على عدم اجرائها حتى في هذا الموعد الاخير. و يرى مراقبون أنّ حزب نداء تونس يواجه خطر فقدان تصدره في المشهد السياسي بسبب الانشقاقات التي عصفت به و اهتزاز ثقة القواعد التي انتخبته،في المقابل يحاول الحزب و بأقصى جهده السيطرة على أزمته عبر استقطاب أعلام مشهورة على غرار شخصيات وطنية معروفة و فنانين. وأعلنت حركة نداء تونس، في بلاغ لها يوم الإثنين 12 فيفري 2018، عن انضمام رجل الأعمال توفيق العريبي إلى صفوفها. وتوفيق العريبي هو رجل الاعمال وعضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة وعضو المجلس الأعلى للجباية ونائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي سابقا ورئيس سابق للمكتب الجهوي لاتحاد الصناعة والتجارة بسوسة. كما أعلنت حركة نداء توس في بلاغين لها يوم الخميس ، 8 فيفري 2018على صفحتها الرسمية في الفايسبوك عن انضمام الفنانين مقداد السهيلي و فيصل الرياحي إلى صفوفها . ويتوقع مراقبون أن يشهد الحزب موجة هجرة عكسية، بعد موجة الانشقاقات التي شهدها اثر انتخابات 2014 ، وإعادة تجميع الكانتونات الحزبية التي تفرّعت منه، والتي أعلنت أنها غادرته بسبب خلافاتها مع رئيس الحزب، حافظ قائد السبسي، واتهامه بمحاولة الهيمنة على "نداء تونس". من جهة أخرى فجّر إعلان نداء تونس عن قائمة منسقيه الجهويين، لمتابعة الإعداد للحملات الانتخابية للحزب خلال الانتخابات البلدية ، جدلا واسعا بين الأوساط السياسية والحزبية. وضمت القائمة أسماء لوزراء ومستشارين في الحكومة ورئاسة الجمهورية مما عزز المخاوف حول نزاهة الاستحقاق الانتخابي القادم، وفرضية التداخل بين العمل الحزبي والعمل الحكومي لهؤلاء عبر تسخير إمكانيات الدولة لخدمة أجندات الحزب الانتخابية. وشملت قائمة المنسقين الجهويين لنداء تونس 29 مفوضا بينهم 21 يشغلون مناصب في الدولة على غرار مستشاري رئيس الجمهورية نور الدين بن تيشة وسليم العزابي والناطقة باسم الرئاسة سعيدة قراش فضلا عن وزراء في حكومة الشاهد منهم وزيرة الرياضة ووزير النقل ووزيرة السياحة ووزير الخارجية ووزير المالية ووزير الثقافة ووزير التربية. و لا تخفي المعارضة في تونس مخاوفها من استغلال أحزاب الائتلاف الحاكم وفي مقدمتها حركة نداء تونس من نفوذها السياسي خلال الانتخابات اللبلدية المزمع إجراؤها في ماي المقبل ، خاصة و ان الحركة تسعى و بشكل معلن إلى توظيف إمكانيات الحكومة والدولة التونسية في حملاتها الانتخابية، والتأثير على الناخبين بما يُفقد العملية الانتخابية نزاهتها وشفافيتها.