مازالت أزمة فسفاط قفصة المتواصلة للاسبوع الخامس على التوالي، تلقي بظلالها على الاقتصاد التونسي عموما، خاصة أن الاحتجاجات والاعتصامات التي تطوق مراكز انتاج الفسفاط في ولاية قفصة بدأت تتخذ منحًى تصاعديّا وباتت تنذر بوضع خطير سيما وأن هذه التحركات تكبّد تونس خسارة فادحة باعتبار أن الفسفاط يعدّ أحد أهمّ الأعمدة التي يرتكز عليها الإقتصاد التونسي. هذا وتعطلت صادرات الفسفاط في تونس، بصفة كلية، بعد إغلاق المعتصمين الطرق المؤدية إلى مناجم الفسفاط في ولاية قفصة للمطالبة بتوظيفهم في الشركة وهي المرة الأولى التي تغلق فيها كل مناجم الجهة،. ويطالب الشباب في قفصة بتوفير وظائف لهم، في وقت تسعى فيه الحكومة لخفض الإنفاق على أجور موظفي القطاع العام الذي يعد من بين الأعلى في العالم، إذ يشكل نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق ما أوردته ‘رويترز' الأحد 18 فيفري 2018. ورغم أن قطاع الفسفاط بتونس شهد احتجاجات متكررة، فإن هذه هي المرة الأولى التي تغلق فيها كل المناجم، إذ احتل المئات مناجم شركة " الفسفاط قفصة" الحكومية، وهي المصدر الرئيسي للوظائف في المناطق الجنوبية الفقيرة للبلاد. ويبلغ معدل البطالة في ولاية قفصة نحو 30%، أي ما يناهز ضعف المعدل العام الوطني. من جهته، قال وزير الطاقة والمناجم خالد قدور إنه من غير المسموح حاليا مواصلة تعطيل الإنتاج مهما كانت التعليلات نظرا للأضرار الكبيرة المباشرة التي لحقت مواطن الشغل والتنمية في جهة قفصة وأضراره على الاقتصاد الوطني. وأكد أن الحكومة جادة في تطبيق القانون حيث رفعت الشركة منذ السنة الماضية عدة دعاوى قضائية ضد المتسببين في تعطيل الإنتاج. وتسبب تعطل الإنتاج في الشركة في تراجعه إلى أكثر من 50 في المئة في السنوات السبع الأخيرة. وأكد الوزير في تصريح سابق، إن شركة فسفاط قفصة لا تستطيع توظيف الجميع، خاصة أن عدد العاملين فيها يتجاوز 30 ألف شخص، وتظهر بياناتها أنها أنتجت 4.15 ملايين طن من الفسفاط العام الماضي، مقارنة مع 3.3 ملايين عام 2016. وقد دق المجلس القطاعي للمناجم أعوان واطارات المقرّ الاجتماعي لشركة فسفاط قفصة ومكاتب تونس ومركز الشحن بصفاقس ناقوس الخطر، داعيا إلى إنهاء المقاطعة والعودة إلى العمل العادي مساهمة في ايجاد حلول لأزمة الشركة. وعبر المجلس عن رفضه الإعتصامات المتسببة في توقف الإنتاج والتي تهدد الشركة بالإنهيار وفقدان أبناء الجهة لقطب إقتصادي شغل ويشغل الأجيال المتعاقبة، مؤكدا مساندته لكل إحتجاج سلمي لايلحق ضررا بالممتلكات العامة والخاصة. وحمّل في بيان صادر عنه الاربعاء 14 فيفري 2018 الحكومة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بالحوض المنجمي مطالبا اياها بعقد جلسة مع الهياكل النقابية المركزية والجهوية والقطاعية لتدارس الوضع التنموي بالجهة وايجاد الحلول الملائمة وبتنويع النسيج الاقتصادي لتخفيف العبء عن شركة فسفاط قفصة في توفير مواطن الشغل. وطلب المجلس من شركة فسفاط قفصة نشر القائمة الاسمية لنتائج المناظرة مصحوبة بالمقاييس المتّبعة ومجموع النقاط وكيفية احتسابه بما يدعم الشفافية والنزاهة. من جهته، كشف الرئيس المدير العام لشركة فسفاط قفصة والمجمع الكميائي رمضان سويد، أن حجم الأرباح التي فوتتها تونس في قطاع الفسفاط منذ سنة 2010 تناهز 5 الاف مليون دينار. وأوضح في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء ان انتاج الفسفاط تراجع بحوالي 60 بالمئة اذ بلغ سنة 2015 نحو 3.2 مليون طن وانخفض التحويل إلى 2.5 مليون طن ونقل الفسفاط من 7.3 مليون طن خلال 2010 إلى 2.3 مليون سنة 2015. ويقول المحتجون إن عملية التوظيف التي شملت 1700 عامل، وأُعلن عنها منذ أسبوع، شابتها محسوبية، وهو ما تنفيه السلطات المحلية. وكانت النقابة الأساسية لإطارات المجمع الكيميائي التونسيبقابس قد دعت في بيان أصدرته الاسبوع الماضي، الحكومة إلى تأمين إنتاج ونقل الفسفاط إلى معامل جهة قابس مع اتخاذ قرارات حازمة لإنقاذ القطاع بصفة عامة والمجمع الكيميائي بصفة خاصة. و اعتبرت النقابة ان ما آلت إليه الاوضاع في المنطقة يعود الى سياسة الحكومة والأطراف السياسية المتداخلة داعية اياها الى النأي بالمجمع عن التجاذبات التي أدت إلى خسارة ركن أساسي في الاقتصاد الوطني.