ألقت أزمة فسفاط قفصة المتواصلة للاسبوع الخامس على التوالي، بظلالها على الاقتصاد التونسي عموما، خاصة أن الاحتجاجات والاعتصامات التي تطوق مراكز انتاج الفسفاط في ولاية قفصة بدأت تتخذ منحًى تصاعديّا وباتت تنذر بوضع خطير سيما وأن هذه التحركات تكبّد تونس خسارة فادحة باعتبار أن الفسفاط يعدّ أحد أهمّ الأعمدة التي يرتكز عليها الإقتصاد التونسي. وبعد تعطل صادرات الفسفاط في تونس، بصفة كلية، على خلفية إغلاق المعتصمين الطرق المؤدية إلى المناجم بالجهة للمطالبة بتوظيفهم بالشركة وهي المرة الأولى التي تغلق فيها كل مناجم الجهة، قرر القائمون على الشركة والنقابيون وأطراف حكومية عقد اجتماع يُخصص للنظر في سبل دفع التنمية بمناطق الحوض المنجمي وحل أزمة توقف إنتاج الفسفاط. وانطلق الاجتماع بحضور عدد من الوزراء والنواب وممثل الاتحاد العام التونسي للشغل بوعلي المباركي ورئيس منظمة الأعراف سمير ماجول إضافة إلى ممثّلَي الهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ورئيس مدير عام شركة فسفاط قفصة وسط غياب رئيس الحكومة يوسف الشاهد. غير أن خطوات النقاش حول ملف الشركة وموجة الاحتجاجات، التي تواصلت الى ساعة متأخرة من يوم الجمعة 23 فيفري 2018، بين ممثلي جهة قفصة والطرف الحكومي بدت متعثرة خاصة بعد مقاطعة كل من النائب عن جهة قفصة عمار عمروسية ورئيس فرع رابطة حقوق الانسان وممثل الهيئة الجهوية للمحامين ووفد من الاتحاد العام التونسي للشغل المجلس الوزاري، قبل العودة الى طاولة الحوار، فيما ظل غياب رئيس الحكومة يوسف الشاهد عن المجلس النقطة الطاغية على نقاشات الاجتماع. كما أكد بيان صادر عن الاتحاد المحلي للشغل بمنطقة أم العرائس من ولاية قفصة، بصفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك بان الوفد النقابي عن الجهة انسحب من الجلسة بسبب سوء المعاملة. وأعزى النائب عمار عمروسية هذه المقاطعة إلى منع وفد الاتحاد العام التونسي للشغل من الدخول للقصبة بدعوى أن الاستدعاء موجّه لشخص واحد وليس لجميع أعضاء المكتب التنفيذي، إلى جانب عدم حضور رئيس الحكومة يوسف الشاهد الاجتماع، بحسب ما نقلته جريدة الشارع المغاربي. ويطالب الشباب في قفصة بتوفير وظائف لهم، في وقت تسعى فيه الحكومة لخفض الإنفاق على أجور موظفي القطاع العام الذي يعد من بين الأعلى في العالم، إذ يشكل نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق ما أوردته ‘رويترز' الأحد 18 فيفري 2018. ورغم أن قطاع الفسفاط بتونس شهد احتجاجات متكررة، فإن هذه هي المرة الأولى التي تغلق فيها كل المناجم، إذ احتل المئات مناجم شركة " الفسفاط قفصة" الحكومية، وهي المصدر الرئيسي للوظائف في المناطق الجنوبية الفقيرة للبلاد. ويبلغ معدل البطالة في ولاية قفصة نحو 30%، أي ما يناهز ضعف المعدل العام الوطني. و كشف الرئيس المدير العام لشركة فسفاط قفصة والمجمع الكميائي رمضان سويد، أن حجم الأرباح التي فوتتها تونس في قطاع الفسفاط منذ سنة 2010 تناهز 5 الاف مليون دينار. وأوضح في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء ان انتاج الفسفاط تراجع بحوالي 60 بالمئة اذ بلغ سنة 2015 نحو 3.2 مليون طن وانخفض التحويل إلى 2.5 مليون طن ونقل الفسفاط من 7.3 مليون طن خلال 2010 إلى 2.3 مليون سنة 2015. ويقول المحتجون إن عملية التوظيف التي شملت 1700 عامل، وأُعلن عنها منذ أسبوع، شابتها محسوبية، وهو ما تنفيه السلطات المحلية. و يطالب المحتجون بفرص عمل، بكلّ مواقع استخراج وإنتاج الفسفاط وبمسالك نقله بالمدن المنجمية، بما في ذلك منجمي كاف الدّور وكاف الشفائر، كبرى مناجم استخراج وإنتاج الفسفاط بمعتمدية المتلوي. كما يطالب المحتجون بمراجعة نتائج اختبار التوظيف في الشركة بالإضافة إلى مطالبتهم بتوضيح نصيب كل منطقة من نتائج الاختبار الأخير ويقول هؤلاء إن المقاييس التي تم اعتمادها لانتداب موظفين جدد في شركة فسفاط قفصة لم تكن مطابقة للقانون، إذ تخللتها تجاوزات عديدة.