أخفقت الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية والقوى الوسطى في تونس في التوحد، ولم تنجح كل مبادرات تقاربها وتوحدها، وواصلت تشرذمها الذي كان واضحا في الانتخابات التشريعية والرئاسية الفارطتين بعد الفشل الذريع الذي حصدته وظلت على هامش المشهد السياسي التونسي. ويرى محللون أن نتائجها الضعيفة لا تعود لابتعاد الناخب التونسي عنها بقدر ما تعود إلى تعدد قائماتها الانتخابية وتشتت الأصوات بينها، رغم محاولات كل مكوناتها الدعوة للتوحد والتحالف، ويؤكدون ان كثرة الاحزاب الممثلة لهذا التوجه الفكري هي ما أفشلت كل المبادرات. ويبدو أنها تحاول من جديد التكتل، لكن هذا التكتل لم يجمع بينها كلها، بل ظلت مفككة لكن في شكل تكتلات وليست أحزابا. هذا وأعلن المؤسسين لحزب طريق المستقبل والتنمية المستدامة، في إطار، تجميع القوى الوسطية المعتدلة والساعية إلى التغير في سبيل تحقيق أهداف الثورة عن الاندماج النهائي والتام والبات لحزب طريق المستقبل والتنمية المستدامة في صلب حزب الإتحاد الشعبي الجمهوري. و أكّد الإتحاد الشعبي الجمهوري في هذا السياق، ، وفق بلاغ صادر عنه سعيه لإقناع باقي القوى والشخصيات الوطنية التي تقاسمه نفس ّ التوجهات حتى تتجمع في هيكل واحد. كما عبّر الإتحاد الشعبي الجمهوري عن أمله في «بلورة هذه المساعي خلال مؤتمره القادم والمرتقب انعقاده في شهر أكتوبر من السنة الجارية حتى يكون مناسبة للإعلان عن اندماج أوسع للقوى الوطنية في كيان واحد منظم ومهيكل» . وكان المنسق العام المتخلي لحزب المسار جنيدي عبد الجواد قد أكد في تصريح سابق ل"الشاهد"، أن هدف الحزب كان توحيد القوى الديمقراطية للحفاظ على أهداف الثورة والسير قدما نحو تحقيقها، وقد وصل بنا الأمر الى التضحية بالحزب كتنظيم رغم تاريخه من أجل مصلحة البلاد ومن أجل تجميع القوى الديمقراطية والتقدمية ولذلك تم تغيير اسم الحزب أكثر من مرّة. من جهة أخرى، يسعى حزب التيار الديمقراطي منذ تكونه الى لم شمل العائلة الديمقراطية، في هيكل سياسي موحد، لكنه لم ينجح الى اليوم في ضمها الى صفوفه باستثناء حزب التحالف الديمقراطي الذي انصهر فيه. هذا وحاولت أغلب هذه الاحزاب التي تطلق على نفسها الاحزاب الوسطية الالتقاء خلال تشكيل القائمات الانتخابية، لكنها فشلت جميعها، رغم أنها تمكنت نسبيا من تقديم عدد من القائمات الائتلافية إلا ان المعلومات الصادرة من داخل الائتلاف تؤكد وجود خلافات كبيرة صلبها بسبب غياب ثقافة التحالف. وعن أسباب فشل هذه الفئة من الاحزاب في التوحد، أكد المحلل السياسي هشام الحاجي في تصريح ل"الشاهد"، أن الاسباب تتوقف على مسألتين، تتمثل الأولى في أن التقاليد التي تتحرك في صلبها والتيارات السياسية في مجملها تقاليد غير ديمقراطية تقوم على أساس تثمين دور الفرد والزعامات وغيرها من النقاط التي تتنافى مع عمق الثقافة الديمقراطية. وتتمثل الثانية حسب الحاجي في فشل كل محاولات التحالف والتقارب والعمل المشترك، لافتا الى إمكانية التقاء عدد هام من هذه الاحزاب في هيكل موحد، وقد يدفع الى ذلك نتائج الانتخابات البلدية. من جهته يقول المحلل السياسي عبد الله العبيدي لل"شاهد"، أن الأحزاب السياسية في تونس اصبحت بمثابة القبائل المتعادية التي لا تلتقي، مشيرا الى وجود أحزاب لا تقبل الالتقاء في اي نقطة مع أحزاب أخرى. ولفت الى أن الاحزاب المشكلة للرأي العام التونسي اليوم مشتتة ولا تقبل الالتقاء، وان العمل السياسي في تونس لم يتعدى صراع الزعامات ونرجسية القيادات الحزبية.