تعمل بعض الاطراف الأجنبية التي مثلت ديمقراطية تونس خطرا على وجودها على التربص بتونس والبحث في العثرات التي من شأنها ان تؤخر انتقالها الديمقراطي، ولو كذبا، أو على حساب مصداقيتها. وتعول هذه القوى على الماكينة الاعلامية كذراع طويلة من أجل مصالحها السياسية والاقتصادية وأهدافها في المستقبل. هذه الماكينة، بمساعدة أطراف تونسية تعمل ضد مصلحة البلاد، أسرفت في انتقاد التجربة التونسية وحاسبتها رغم السنوات القليلة التي مرت على دخولها باب الديمقراطية، كأعرق الديمقراطيات وتعاطت مع أحداثها كما لو مرت عقود على قيامها بثورة. كما ساهمت بشكل كبير خلال الفترة الراهنة، مع قرب موعد الاستحقاق البلدي، على تسميم الاجواء الانتخابية، وتشويه المثال التونسي، رغم أن متابعو الشأن الوطني يجمعون على أن الديمقراطية الناشئة في تونس تمشي فوق رقعة من الرمال المتحركة بخطى متثاقلة، وتسير تونس نحو استكمال مسارها الانتقال وتطبيق الدستور الذي أفرزته الثورة بثبات. في هذ الشأن، أشارت صحيفة لوبوان الفرنسية في مقال نشرته بموقعها الالكتروني بتاريخ الثلاثاء 27 فيفري 2018 إلى ان هذا الاستحقاق الانتخابي المفصلي سيتم في جو سياسي وإقتصادي محبط يحكمه مزاج عام عازف عن الشأن السياسي وفاقد للامل من الطبقة السياسية مع مؤشرات اقتصادية حمراء ووضع اجتماعي قابل للإنفجار. واعتبرت الصحيفة الفرنسية حسب ترجمة نُشرت بموقع بابنات ان تونس تنتظر المصادقة على الاطار القانوني لتنظيم الحكم المحلي اداريا وماليا من خلال مجلة الجماعات المحلية والتي من المنتظر رغم التعطيلات ان ترى النور في قادم الايام لتعطي مفاتيح الحكم ل350 بلدية غير ان هذه المجلة لن تكون نافذة المفعول قبل سنتين من تاريخ اصدارها وعليه يمكن للوالي ان يبطل قرارات المجلس البلدي بجرّة قلم وهذا وجه من وجوه الصراع بين المركز والاقاليم حيث تتلكأ السلطة المركزية في تطبيق الحكم المحلي خوفا من انحسار صلاحياتها . واكد المقال حسب نفس المصدر على ان المجتمع الدولي سيكون حاضرا بشكل كبير يوم 6 ماي لمراقبة الانتخابات البلدية في تونس والذي تخشى كل الاطراف ان تشهد عزوفا شعبيا عن الاقتراع يصل حسب اخر استطلاعات الرأي رغم ارتفاع نسبة مشاركة القائمات المستقلة غير انها لن تغير من المشهد الذي تسيطر عليه ثنائية حركة النهضة الاسلامية ونداء تونس التي تمثل النظام القديم وقد شاركا في كل الدوائر البلدية وتمازجت قوائمهما حيث ان رئيس قائمة نداء تونس في مدينة الحامة نهضوي وهناك مرشحة كانت تنتمي لنداء تونس في قائمة حركة النهضة في دائرة باردو. وكانت صحيفة لوموند الفرنسية قد نشرت الشهر الماضي أخبارا زائفة مست فيها من صورة تونس وشككت في نزاهة ديبلوماسيتها، وتناولت بشكل ساخر في مقال لها موضوع ادراج تونس في قائمة الدول الأكثر عرضة لتبييض الاموال وتمويل الارهاب ان مصادر مقربة من البرلمان الاوربي اسرت لهم بأن مجهودات اللوبي المساند لتونس وجماعات الضغط التي نجحت الشهر الماضي في اخراج تونس غانمة من القائمة السوداء للجنان الضريبية قد فشلت هذه المرة عبر مبادرة برلمانية من اخراج تونس من قائمة اعدتها اللجنة المالية حول الدول الاكثر عرضة لتبييض الأموال. واعتبرت الصحيفة انه ورغم سردية وحجة الديمقراطية الناشئة وهدايا دقلة نور وزيت الزيتون التونسي التي ارسلت للنواب فإن ذلك لم يثن اعضاء البرلمان الاوروبي عن ادراج تونس في القائمة حيث طغت الجوانب التقنية والعملية على الجانب السياسي المتعاطف مع النموذج التونسي الذي يروّج في النادي الدولي ويلتمس الدعم من الجهات العالمية المانحة. إذ اعتبرت صحيفة الغارديان البريطانية ،اليومية واسعة الإنتشار، في مقال نشرته عن ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بعنوان تونس انتهت، ان تزايد البطالة وضعف الأجور مقابل غلاء الأسعار كلها اسباب تضافرت لتزيد من وتيرة موجات الهجرة غير الشرعية نحو السواحل الأوروبية وتغذية الميولات الإرهابية لدى الشباب. واستشهدت الصحيفة بعبارة شاب تونسي نقلها عنه موقع المونيتور الامريكي بعد مقابلته في احد السواحل الايطالية اثر نجاح محاولته للهجرة السرية انطلقت من السواحل التونسية حيث قال تونس انتهت. ويشير مراقبون الى انه ورغم الانتقادات الواسعة لمسار الثورة، وللتعثر الاقتصادي والاجتماعي، إلا أنها فاجأت الجميع، وكانت أشهرها الأولى هي الحاسمة في مسارها، حيث اعتمدت تونس اسلوبا توافقيا، غلّب مصلحة الوطن، وقد سجل المشهد السياسي التونسي سابقة تعدّ الأولى من نوعها في المنطقة العربية بعد ثوراتها الأخيرة، مع النقل السلمي للسلطة في البلاد للمرة السادسة على التوالي في غضون 3 سنوات، بعد تسلم رئيس حكومة الوحدة الوطنية يوسف الشاهد منصبه.