في ظلّ المرحلة الحساسة التي تمرّ بها البلاد ، على جلّ الأصعدة ؛ ماليا اقتصاديا اجتماعيا وسياسيا، والتي تستوجب توحّد القوى على اختلافها ، جاءت مطلبية التحوير الوزاري التي دعا إليها الاتحاد العام التونسي للشغل ، وهو أحد أبراز الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج، مفاجئة للحكومة، و أثارت عديد التساؤلات حول ماهية ما يقف وراء هذا الطلب في مثل هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد، خالقة ريبة في صفوف بعض متابعي الشأن السياسي الذين اعتبروا ذلك خطوة أولى في طريق "ردّة" المركزية النقابية عن الخط الذي سطرته الحكومة ، ما يعني أن العلاقة بين الشاهد واتحاد الشغل قد دخلت طورا جديدا لاسيما وأن المنظمة الشغيلة لها تحفظات واحترازات واختلافات مع عدد من الوزراء في علاقة ببعض الملفات العالقة. و بعد ردّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد على اتحاد الشغل ثم ردّ قيادات المنظمة الشغيلة على رئيس الحكومة ، بات من الجلي والواضح أن العلاقة بين المركزية النقابية والحكومة باتت تشهد تصعيداً غير مسبوق منذرة بأزمة مجهولة العواقب بين الطرفين. وفي خضمّ هذا الشأن، خرج الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي بتصريح توضيحي حسم من خلاله كُنه ما أضحت عليه علاقة المنظمة الشغيلة بحكومة الوحدة الوطنية. و أكّد الطبوبي ، في افتتاح المؤتمر العادي 25 للاتحاد الحهوي بتونسالسبت 3 مارس 2018، تمسّكهم بمضامين وثيقة قرطاج، قائلا "لن نكون شاهد زور والفيصل بيننا وبينهم الوطن ومصلحته". وتابع "عندما تحدثت عن الحكومة لم استهدف أيّ شخص …هناك تفكك في أجهزة الدولة… وبعض الوزراء كلّ يغني على ليلاه" حسب قوله. وأضاف الطبوبي "الخبير الإقتصادي ووزير المالية السابق حسين الديماسي صرّح سابقا أنّ الزيادة في الأجور ستكون لها انعكاسات ايجابية على التنمية ليتحول اليوم الاتحاد إلى مصيبة المصائب .. نعم نقول إن الاتحاد مصيبة المصائب على البيّوعة". ونبّه العمّال إلى أن بعض الأطراف التي تعتبر الاتحاد "حجر عثرة"، داعيا إياهم إلى الإنتباه على حدّ تعبيره. جدير بالذكر أن بوادر الأزمة بين الطرفين النقابي والحكومي بدأت مباشرة بعد دعوة الطبوبي، إلى تحوير وزاري، حيث شدد على ضرورة ضخ دماء جديدة وكفاءات سياسية في الحكومة، ليأتي رد رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بأنه لا وجود لتحوير وزاري مرتقب، وعلى الراغبين بالتغيير تقديم برامجهم، مشدداً على أنه "كرئيس حكومة، هو المعني الوحيد بإجراء أي تحوير". ويبدو أن هذا التصريح لم يرق كثيراً لقياديي "اتحاد الشغل" لتتالي تصريحاتهم المبررة تارة للدعوة إلى تحوير والمعلنة من جهة أخرى تمسك الاتحاد بوثيقة قرطاج ولكنها كشفت في طياتها عن ملامح أزمة بين الطرفين. وفي خضم هذا الشأن، أكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري أن رئيس الحكومة فتح بابا هو مفتوح في الأصل والاتحاد لم يناقشه في من يقيل ومن يعين من منطلق وعيه أن هذه المسألة هي من صلاحيات رئيس الحكومة. ولفت الطاهري، في تصريح لصحيفة المغرب، أن الشاهد قد حاد في حواره عن الأصل المتمثل بالأساس في الأسئلة التالية «هل قيّم أداء حكومته أم لا، وهل آن الأوان لإجراء هذا التقييم وهل هذا التقييم ستكون نتائجه ايجابية أم ان هناك نقائص وفي صورة وجودها هل ستتم معالجتها أم لا ؟»، قائلا «هذه هي الأسئلة المطروحة وكان اتحاد الشغل ينتظر على الأقل أن يعبر الشاهد عن استعداده لإجراء تقييم لحكومته ولكن لم يقم بذلك، وهذه ليست مشكلة لكن من حق المنظمة الشغيلة إبداء رأيها وقد عبر رئيس الحكومة عن ذلك لكن يبدو أنه يعطي من جهة الحق لاتحاد الشغل ويسلبه بطريقة أخرى. كما أكد سامي الطاهري أن اتحاد الشغل من حقه أن يقيم عمل الحكومة ومن هو في أجهزة الدولة باعتباره جزءا من وثيقة قرطاج والشاهد تمّ تعيينه على رأس الحكومة على قاعدة الأولويات والسؤال المطروح «هل أن حكومته أتت على هذه الأولويات أم لا؟». ولفت في السياق ذاته إلى أن تقييم الاتحاد بخصوص هذه المسألة كان واضحا وسلبيا، حيث أن هناك نقصا في تطبيق أولويات وثيقة قرطاج ومن هذا المنطلق طالب الاتحاد بضرورة ضخ دماء وكفاءات جديدة في الحكومة، هذا وأضاف الطاهري بخصوص تمسك المنظمة الجديدة بدعوته الأخيرة، أن القضية ليست قضية تمسك بل إن أغلب الأطياف السياسية تشاطر الاتحاد في هذا الرأي وهذه الدعوة بما فيها الأحزاب الموجودة في الحكم، وعدة أطراف تؤكد أن الأمور لا تسير بصفة ايجابية ولا بدّ من إجراء تقييم وجزء يدعو إلى تغيير كلي للحكومة وجزء آخر إلى تغيير جزئي واتحاد الشغل قد ذهب في التغيير الجزئي . كما توقع الطاهري أن الشاهد لم يجر إلى اليوم أي تقييم لأداء حكومته.