قد تخلقُ الأحداث الاخيرة و المستجدّات الّتي طرأت على السّاحة السياسيّة فارقًا في الأيّام القليلة القادمة و قد تقلب الاوراق رأسا على عقب ،خاصّة و أنّ المصادر و التحاليل تصبّ في مجرى واحد ، ألا وهو اقتراب موعد "مغادرة يوسف الشاهد" ، يظهر ذلك من مؤشرات عديدة اولها ، تآكل الحزام السياسي ليوسف الشاهد ( تخلي نداء تونس عنه) ، نهاية الهدنة بين الشاهد و اتحاد الشغل الذي كان يستمد قوته منه، التصريح المثير للجدل ليوسف الشاهد و الذي لقبه البعض "بتصريح الوداع". و يتحدّث الكثيرون عن انتهاء الهدنة بين اتحاد الشغل و رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، إذ شكّلتْ التصريحات المتتالية لأمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، خلال تقييمه لأداء حكومة الشاهد، التي وصفها ب"النتائج السلبية "، منعرجا حاسما في العلاقة بين هذه المنظمة النقابيّة ويوسف الشاهد، الذي يرى كثيرون في الأوساط السياسي أنه يستمد قوته من هذه المنظمة النقابية. وخلال الفترة الماضية نقل الاتحاد انتقاداته للحكومة إلى النقابات القطاعية مثل نقابة التعليم الثانوي القوية والتعليم العالي والأطباء والبريد ليمارس من خلال الإضرابات نوعا من الضغوط الاجتماعية والسياسية على الحكومة. ورغم أن الشاهد شدد في أكثر من مرة على أن علاقته بالاتحاد ستحكمها سياسة الحوار والتشاور حول مختلف الملفات وفي مقدمتها الملف الاقتصادي والاجتماعي، غير أن الاتحاد انتهج سياسة الضغط تجاه الحكومة مستفيدا من الأوضاع الاجتماعية المتدهورة حيث ما انفك يحمل مسؤوليتها للحكومة والحال أن الأزمة تتجاوزها. ومن أهم الملفات المرشحة لإشعال "حرب" بين الشاهد والاتحاد هو ملف خصخصة عدد من مؤسسات القطاع العام التي تشكو صعوبات مالية إلى حد الإفلاس. ويرى مراقبون إن توتر علاقة الحكومة بالاتحاد هي أعمق من الخلاف حول معالجة الإصلاحات لتشمل أبعادا سياسية تشمل دور المركزية النقابية في الشأن العام. و في حوار لقّبه البعض بحوار "الوداع" ، حاول يوسف الشاهد في آخر حوار متلفز له الاسبوع الماضي ، توجيه عدة رسائل مشفرة منها، ما استجدى بها دعم حزبه الذي تخلى عنه في أدق مراحل عمله السياسي، وأخرى تحدى فيها اتحاد الشغل الذي طالب بتغيير حكومته، والى بارونات الفساد وهي ورقة الشاهد الوحيدة الرابحة الى حد اللحظة ، تصريحات اعتبرها الملاحظون خطاب النهاية ليوسف الشاهد . موقفٌ أكّده اللديبلوماسي السابق و المحلل السياسي عبد الله العبيدي ،الذي لفت إلى أنّ يوسف الشاهد يعيش أيامه الأخيرة كرئيس حكومة ، خاصة و أنّه فشل في إدارة شؤون البلاد، على حدّ قوله . و أضاف العبيدي في تصريح "للشاهد"، ان يوسف الشاهد فقد أمله في استيرداد ثقة جديدة من قبل نداء تونس خاصة وأنّ الارقام و الاحصائيات الاقتصادية على غرار ( تفاقم المديونية و العجز التجاري ) لم تكن في صالحه ، ووصف العبيدي ما قدمه الشاهد لتونس "بالبضاعة الفاسدة" ، قائلا : "الناس تتعايش يوميا مع الغلاء المتواصل للاسعار و لا نجد سوى وعود و هذيان يُقدّم لها في المقابل." و أوضح نفس المصدر، أنّ يوسف الشاهد بات معزولا سياسيّا و لا يجد اليوم من يسانده سواء من الأحزاب السياسية او المنظمات النقابية و بالتالي فإنّ أيامه باتت معدودة . ورأى العبيدي ، أن اتحاد الشغل و الذي كان داعما رئيسيا ليوسف الشاهد تخلّى بعد ان تخلت عنه نداء تونس ، إلى جانب بقية الأحزاب التي كانت مشاركة في وثيقة قرطاج. يشار إلى ان يوسف الشاهد عرف محطّات خلاف كبرى مع نداء تونس حتى ان بعض هذه الخلافات خرجت من الكواليس الى العلن ( تسريبات حافظ السبسي و تصريحات خالد شوكات ) لتكشف عن مقدار الهوة بين القرارات الذي يتخذها و بين ما يريده الحزب . و كان غازي الشواشي الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي حذر رئيس الحكومة يوسف الشاهد من مصير مشابه لسلفه الحبيب الصيد، مشيرا إلى أن «قصر قرطاج وحزب النداء شق حافظ قايد السبسي بصدد الإعداد لسيناريو مماثل لسيناريو سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد وذلك في اتُجاه إسقاط يوسف الشاهد وإطاحة حكومته أو إرغامه على الاستقالة». القيادي بالجبهة الشعبية محسن النابتي افاد من جانبه و في تصريح "للشاهد" ، ان الاحداث الاخيرة قد تمهّد لنهاية الوحدة الوطنية ملمحا إلى إمكانية انسحاب اتحاد الشغل من وثيقة قرطاح نظرا إلى توتّر العلاقة بين المنظمّة الشغيلة و الحكومة.