"جوّ مشحون بين القصبة و قرطاج" هذا ما لفتت إليه جلّ الوسائل الإعلامية ، اذ ان المعركة بين النفيرين تحولت من معركة في الخفاء إلى معركة في العلن ، بطليِْها كلّ من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي و رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، فالأخير تمّ استثناءه تقريبا في جميع لقاءات الموقعين على وثيقة قرطاج منذ بداية السنة الحالية ، في الوقت الّذي أجمع فيه الكثيرون على ان الشاهد يعيش أيامه الأخيرة كرئيس الحكومة ، أمرٌ لم يستبعده قائد السبسي الذي قال اثناء لقائه بالموقعين على وثيقة قرطاج يوم امس الثلاثاء "ليس كل شيء صالح لكل زمان و مكان". واعتبر امين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي، في تصريح ل"الشارع المغاربي"، أنّ لقاء الموقعين على وثيقة قرطاج يعتبر الرابع من نوعه منذ بداية السنة وكان من المتوقّع أن يفضي إلى الخروج بتقييم واضح لأداء الحكومة يكون منطلقا للبدائل والحلول، إلا أنه بيّن بجلاء حجم التنازع على النفوذ والأدوار في منظومة 2014، خاصة مع تغييب رئيس الحكومة للمرّة الثالثة، وهو ما يؤكد سحب ملف التقييم والإصلاح منه. هذا الصراع لم يكن وليد اجتماع الموقعين و لم يكن وليد هذا الاسبوع أو هذا الشهر و لم يطْرأ فجأة على خلفية التصعيد الاخير للمنظمة الشغيلة ، إذ ان شرارة الصراع انطلقت منذ اللحظات الاولى لانطلاق الحرب على الفساد التي شنها يوسف الشاهد في ماي 2017 ، او بصيغة اصح الحرب التي شنها على أحد اذرعه نداء تونس و احد أهمّ مموليه ( شفيق جراية ) . و لم يسلم يوسف الشاهد ، منذ تلك الحرب من انتقادات لاذعة من قبل قيادات ندائيّة من الصفّ الاول ، و تراوحت اتهامات القيادات الندائية بين من يحسب الحرب مناورة سياسية لكسب شعبية تؤهل الشاهد للدخول في الانتخابات الرئاسية و بين من يعتبرها ضربا لشق على حساب شق اخر و تواصل سيل المعلومات ليؤكد وجود حرب غير معلنة بين قرطاج و القصبة . يوسف الشاهد و الّذي وجد نفسه في مواجهة فارقة مع قصر قرطاج، استنجد بمجموعة من المنظمات والأحزاب والشخصيات التي كانت في وقت قريب إلى جانب الباجي قائد السبسي، غير أن الانسحابات المتتالية لبعض الاحزاب ( الداعمة له و لحربه على الفساد ) عجّلت بتآكل حزامه السياسي و افراغ طاقم المساندين ، ليعود الشاهد من جديد الى احضان حزبه النداء عودة التوبة ، بعد ما تأكد ان معركته باءت بالفشل ، لكنه هذه المرة لم يجد يدا تفتح له بل وجد " انذارا باقتراب الخطر" . وكان غازي الشواشي الأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي" حذر رئيس الحكومة يوسف الشاهد من مصير مشابه لسلفه الحبيب الصيد، مشيرًا إلى أن "قصر قرطاج وحزب النداء شق حافظ قايد السبسي بصدد الإعداد لسيناريو مماثل لسيناريو سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد وذلك في اتجاه إسقاط يوسف الشاهد وإطاحة حكومته أو إرغامه على الاستقالة". و قال رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في اجتماع عقده يوم الثلاثاء 13 مارس مع ما تبقى من الموقعين على وثيقة قرطاج " لدينا وثيقة قرطاج وكوّنا حكومة وحدة وطنية لكن لا توجد حاجة صالحة لكل زمان ومكان.. تجي مستجدات نحينوا الأمور ". ولم يذكر الباجي قائد السبسي خلال كلمته التي نشرتها الصفحة الرسمية للرئاسة بموقع فايسبوك والتي دامت 8 دقائق رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، وكأنه غير معني باجتماع اليوم الذي سبق ان وصفه امين عام الاتحاد العام التونسي للشغل بالفارق ، في المقابل ثمن رئيس الجمهورية دور المنظمة الشغيلة قائلا " لا يمكن الحديث عن وحدة وطنية دون اتحاد الشغل واتحاد الاعراف وباقي المنظمات الوطنية." وكان الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي قد أكد أن تونس في حاجة إلى ربان سفينة جديد في إشارة ضمنية إلى اجراء تغيير جذري على المشهد الحكومي يشمل حتى رئيس الحكومة.