تُؤكّد النزاعات التي طرأت على المشهد السياسي التونسي في الأشهر الأخيرة حقيقة المعركة المحتدمة بين مختلف الأطراف السياسية قبيل الانتخابات البلدية المقررة في6 ماي القادم ، و بلغ الاحتقان ذروته بعد انقسام الشارع الوطني ( أحزابًا و منظمات) الى شقين ، شقّ يُساند التحوير الوزاري و شقّ يعارضه ، بيدَ أنّ هذا الانقسام تجاوز البعد الوطني لينتقل الى قيادات الحزب الواحد ، حيث كشفت التصريحات الاخيرة لقيادات و نواب نداء تونس وجود قسمين متنافرين ، الاول يدعم الشاهد و الثاني يودّ التعجيل بإقالته . و انقسم نداء تونس إلى شقين ، شقّ يذهب إلى ضرورة إجراء تحوير وزاري شامل أو جزئي وفق تقييم سيتم تقديمه الأسبوع القادم لرئيس الجمهورية،و شقٌّ يُعارض الفكرة مُسندا الحكومة الحالية معدّلا فوق المتوسط إن لم نقل قريبا من الامتياز . و في الوقت الذي شدّد فيه المدير التنفيذي لحزب نداء تونس حافظ قايد السبسي على تمسك النداء بإجراء "تحوير في العمق" ، نفى النائب و القيادي بحزب نداء تونس محمد جلال غديرة ذلك ، مؤكّدًا ، أنه ضد تغيير الحكومة، لأن ذلك سيطرح عديد الصعوبات وسيعطّل ملفات كثيرة تأخرت بسبب التغيير المستمر في الحكومة. وأضاف غديرة في تصريح ل"الشاهد"، أنّ أداء حكومة يوسف الشاهد جيّد، خاصة أنها تسلمت مقاليد الحكم في ظروف صعبة منها ارتفاع نسبة البطالة وتراجع نسبة النمو الى حوالي صفر بالمائة، فضلا عن تعطل الانتاج في عديد القطاعات، ومع ذلك تمكنت من تدارك عديد الصعوبات، وحققت مؤشرات ايجابية في بعض القطاعات على غرار السياحة والفلاحة." في السياق ذاته، لفت نفس المصدر، إلى أن نداء تونس لم يقدم، ضمن مقترحاته، تغيير الحكومة، بل اقترح معالجة المشاكل التنموية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. واعتبر جلال غديرة أنّ أي تغيير حكومي قبل موعد الانتخابات البلدية من شأنه أن يمس ويعطل الانتخابات البلدية ما يؤكّد ضرورة «المحافظة على الحكومة والادارة لضمان أحسن ظروف للانتخابات»، مُضيفا: «وبعد الانتخابات البلدية.. انا شخصيا أرى أنه من الأسلم المحافظة على هذه الحكومة إلى حين إجراء انتخابات 2019» في المقابل ، أكّد المدير التفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي أمس الثلاثاء 13 مارس 2018، عقب انتهاء اجتماع الموقعين على وثيقة قرطاج، أن التحوير الوزاري مرتبط بخارطة الطريق، ويجب أن يكون مبنيا على الأولويات والإصلاحات التي سيتم الإتفاق بشأنها في هذه الخارطة. وأضاف قائد السبسي أن نداء تونس يقترح "تحويرا في العمق" قائلا "سنبدأ في التقويم والتحوير الوزاري سيقع حين نتفق في الأوليات. وسبق أن وجّه حافظ قائد السبسي انتقادات لمحيط رئيس الحكومة، اعتبر وفقها أنّ عدداً من الوزراء غير المتحزّبين يسعون إلى بناء برنامج سياسيّ خاصّ حول الشاهد، وبعيداً عن حزبه «نداء تونس». و شهد حزب نداء تونس منذ فوزه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية لسنة 2014، عدة نزاعات داخلية فضلا عن العديد من الاستقالات في صفوف مديريه التنفيذيين ، و انقسم الحزب إلى شقين ، شق يترأسه المدير التنفيذي للحزب و نجل الرئيس الحالي حافظ قائد السبسي ، و شق ثاني تقوده قيادات انتقدت مؤخرا استحواذ رئيس الكتلة سفيان طوبال و المدير التنفيدي حافظ قائد السبسي على الحزب. و مما يزيد من التباس و غموض الوضع ، هو التصريح الاخير للناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش ، التي بددت كل التوقعات القائلة بان رئيس الجمهورية سيتخلّى عن يوسف الشاهد ،وكشفت الناطقة قراش في تصريح اعلامي عقب اجتماع ما تبقى من الموقعين على وثيقة قرطاج ان الاطراف المشاركة قدمت عند تقييمها أداء الحكومة جملة من الاقتراحات من بينها تشكيل حكومة كفاءات أو ادخال تغيير جزئي او كلي على تركيبة الحكومة وان رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي اعتبر ان لا حديث عن تغيير حكومة الشاهد او الابقاء عليها الا بعد الانتخابات البلدية. من جهته، أبرز أمين عام اتّحاد الشغل نور الدين الطبوبي انه تم الحديث خلال الاجتماع عن كل الإشكاليات الاقتصادية المطروحة و أنه سيتم وضع أولويات وخاصة اقتصادية في المرحلة القادمة وانه سيتم بعد ذلك النظر في الأسماء القادرة على قيادة الفريق الحكومي وتنفيذ الأوليات المتفق عليها. هذا و توترت العلاقة في الآونة الاخيرة بين اتحاد الشغل ورئيس الحكومة، وكان الامين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي قد أكد أن تونس في حاجة إلى ربّان سفينة جديد في إشارة ضمنية إلى اجراء تغيير جذري على المشهد الحكومي يشمل حتى رئيس الحكومة.